[قشف]:
  الصّاغانِيُّ: قولُه: «قال» كلامٌ ضائِعٌ لأَنَّه لم يُسْنِدْه - أي: القولَ، وكذا الإِنْكار - إلى أَحَدٍ سَبَق ذِكْرُه، وإِنَّما نَقَلَه من كِتابٍ رُوِيَ فيه عن أَبِي عُبَيْدٍ ما ذُكِرَ، وأَرادَ أَنْ يَقْتَصِرَ على الغَرضِ، فسَبَقَ القَلَمُ بذُنابَةِ الكَلامِ وإِنَّما القائلُ والمُنْكِرُ أَبو عُبيْدَةَ هكَذا في النُّسَخِ، وهو غَلَطٌ صوابُه أَبو عُبَيْدٍ، كما في العُبابِ والتَّكْمِلة والمُنْكَرُ عَلَيهِ هو ابنُ الأَعْرابِيِّ هكَذا في النُّسَخِ، وهو غَلَطٌ حَقَّقَه الصّاغانِيُّ، ورامَ شيخَنا أَن يَتَحَمَّلَ جوابا عن الجوْهَرِيِّ فلم يَفْعَلْ شيئاً، وإِنَّما أَحالَه على ما حصَلَ للمُصَنِّفِ في «السَّبْعِ الطِّوَالِ» في «طول» على ما سَيأْتِي الكلامُ عَلَيه في موضِعِه.
  والقُرْقُفُ كهُدْهُدٍ(١): طَيْرٌ صِغارٌ كأَنّها الصِّعاءُ.
  أَو هُو القُرْقُبُ بالباءِ المُوَحَّدَةِ، على ما حَقَّقَه الأَزْهَرِيّ.
  وقال اللَّيْثُ: القُرْقُوفُ، كسُرْسُورٍ: الدِّرْهَمُ الأَبْيضُ، وَحُكِيَ عن بعضِ العَرَبِ أَنَّه قالَ: أَبْيَض قُرْقُوف، بلا شَعَرٍ وَلا صُوف، في البِلادِ يَطُوف.
  ودِيكٌ قُراقِفٌ، بالضمِّ: أي صَيِّتٌ نَقَله الصّاغانِيُّ عن ابنِ عَبّادٍ.
  وقَرْقَفَ: أَرْعَدَ عن ابنِ الأَعرابِيِّ، ونَقَله الجَوْهَرِيُّ بالمعْنَى؛ فإِنَّه قالَ: لأَنّها تُرْعِدُ صاحِبَها، وهو بَعْيِنه تَفْسِيرٌ لقَرْقَف.
  قلت: قد سَبَقَ في «رقف» عن الأَزْهرِيِّ أَنّ القَرْقَفَةَ للرِّعْدَةِ مأَخوذةٌ من أُرْقِفَ إِرْقافاً، كُرِّرت القافُ في أَوَّلها، وقالَ الصاغانيُّ هُناك: فعَلَى هذا وَزْنُه «عفعل» وهذا الفِعْلُ موضِعُه الراءُ لا القافُ، وزادَ المُصَنِّفُ هُناك تَوْهِيمَ الجَوْهَرِيِّ من حيثُ ذِكْره في القافِ، وتَقَدَّم أَيضاً أنَّ الأَزْهَرِيَّ لم يُوافِقْهُ أَحدٌ من الأَئِمَّةِ فيما قالَهُ، وقد أَقامَ شَيْخُنا | النَّكِير على المُصَنِّفِ، ولم يَتْرُكْ فيه مقالاً لقائِل، ونَصُّه: زَعَم المُصنِّفُ في «رقف» أنَّ القَرْقَفَةَ بمعنى الرِّعْدَةِ مَحَلُّها هُناكَ، ووَهَّم الجَوْهَري في ذِكْرِها هُنا، وتَبِعَه غيرَ مُنَبِّهٍ عَلَيه، إِما رُجُوعاً إلى الإِنْصافِ وعَدَمِ التَّحامُل، وإِشارَةً إلى أنَّ هذا موضِعُها لا ذاك، أو إلى أنَّ فِيها قَوْلَيْنِ، وأَنّها تَحْتَمِلُ الوَجْهَيْنِ: تقديمَ العَيْنِ كما هُناك في رَأْيٍ، أو كَوْنَها رُباعِيَّةً لا تكريرَ فيها، كما هُنا، أو غَفْلَةً عن ذلِك الاجْتهادِ في فصل الراءِ ونِسْيانًا، على أنَّ الجوهريَّ لم يَذْكُر قَرْقَف بمعنى الرِّعْدَة في الصِّحاح أَصْلاً، وَلا تَعرَّضَ له، فَلا مَعْنَى لتَغْلِيطِه فيما لم يَذْكُرْه، وكأَنَّه تَوَهَّمَ ذلِك لكَثْرَةِ وُلُوعهِ بالتَّغْلِيطِ، فوَهَّمَه على الوَهْم، وَغَفْلَةِ الفَهْم، والله أَعلم فتَأَمَّل.
  وقُرْقِفَ الصَّرِدُ، بالضَّمِّ أي: مبنِيًّا للمفْعولِ وكَذا تَقَرْقَفَ: أي خَصِرَ حَتَّى تَقَرْقَفَتْ ثَناياهُ بَعْضُها ببَعْضٍ، أي تَصْدِم قال:
  نِعْمَ ضَجِيعُ الفَتَى إذا بَرَدَ الْ ... لَيْلُ سُحَيْرًا وقُرْقِفَ الصَّرِدُ(٢)
  وَمنهُ حدِيثُ أُمِّ الدَّرْداءِ ^: «فيَجِيءُ وهو يُقَرْقِفُ، فأَضُمُّه بينَ فَخِذَيَّ» أي يَرْتَعِدُ من البَرْدِ.
  وقال ابنُ عَبّادٍ: القَرْقَفَةُ في هَدِيرِ الحَمامِ والفَحْلِ، وَالضَّحِكِ: الشِّدَّةُ. قلتُ: هو مِثْلُ القَرْقَرَةِ.
  وقال الفَرّاءُ: من نادِرِ كلامِهم: القَرْقَفَنَّةُ، بنُونٍ مُشَدَّدةٍ: الكَمَرَةُ.
  والقَرْقَفَنَّةُ أَيضاً: اسمُ طائِر يَمْسَحُ جَناحيْهِ على عَيْنيِ القُنْذُعِ أي الدَّيُّوثِ، فيَزْدادُ لِينًا وهذا قد جاءَ في حَدِيثِ وَهْبِ بنِ مُنَبِّهٍ: «أنَّ الرجُلَ إذا لَم يَغَرْ على أَهْلِه بعَثَ الله طائِرًا يُقالُ له: القَرْقَفَنَّةُ، فيَقَعُ على مِشْرِيقِ بابِه، ولو رَأَى الرِّجالَ مع أَهْلِه لَم يُبْصِرْهُم، ولم يُغَيِّرْ أَمْرَهُم»(٣) وقد ذُكِرَ ذلِكَ في حَرْفِ العَيْنِ في مادة «قنذع».
  [قشف]: القَشَفُ، محرَّكَةً: قَذَرُ الجِلْدِ عن اللَّيْثِ.
  وقال غيرُه: القَشَفُ: رَثاثَةُ الهَيْئَةِ، وسُوءُ الحالِ، وَضِيقُ العَيْشِ، وإِن كانَ مع ذلِكَ يُطَهِّرُ نَفْسَه بالماءِ وَالاغْتِسالِ يُقالُ: أَصابَهُم من العَيْشِ ضَفَفٌ وشَظَفٌ(٤) وَقَشَفٌ، بمعنىً واحدٍ؛ أي: شِدَّةُ العَيْشِ.
  وقد قَشِفَ، كفَرِحَ وكرُم قَشَفاً مُحَرَّكةً وقَشافَةً وفيهِ لَفٌّ وَنشْرٌ مُرتَّبٌ فهو قَشْفٌ، بالفَتْحِ، ويُحَرَّكُ قالَه اللَّيْثُ.
(١) ضبطت بالقلم في اللسان: «بفتحتين».
(٢) البيت في تهذيب الألفاظ ١٢١ و ٢١٢ منسوباً إلى عمر بن أبي ربيعة، وَفي المقاييس ٥/ ١٥ برواية: وقفقف.
(٣) اللسان وانظر الفائق «شرق» ١/ ٦٥٤.
(٤) اللسان: وحففٌ.