تاج العروس من جواهر القاموس،

مرتضى الزبيدي (المتوفى: 1205 هـ)

[كنف]:

صفحة 467 - الجزء 12

  وناقَةٌ كَنُوفٌ: تَسِيرُ هكَذا في النُّسَخِ، وهو غَلَطٌ، صوابُه: تَسْتَتِرُ في كَنَفَةِ الإِبلِ من البَرْدِ إذا أَصابَها.

  أَو هِي التي تَعْتَزِلُها ناحِيةً، تستَقْبِلُ الرِّيحَ لصِحَّتِها.

  وقال أَبو عُبَيْدَةَ: ناقَةٌ كَنُوفٌ: تَبْرُكُ في كَنَفِها⁣(⁣١) مِثلُ القَذُورِ، إِلا أَنَّها لا تَسْتَبْعِدُ كما تَسْتَبْعِدُ القَذُورُ.

  وقالَ ابنُ بَرِّي: ناقَةٌ كَنُوفٌ: تَبِيتُ في كَنَفِ الإِبِلِ: أي ناحِيَتِها، وأَنشَدَ:

  إذا اسْتَثارَ كَنُوفاً خِلْتَ ما بَرَكَتْ ... عليه تُنْدَفُ في حافاتِه المُطُبُ

  وفي حَدِيثِ النَّخَعِيِّ: «لا تُؤْخَذُ في الصَّدَقَةِ كَنُوفٌ» قال هُشَيْمٌ: الكَنُوفُ من الغَنَمِ: القاصِيَةُ الّتِي لا تَمْشِي معَ الغَنَمِ.

  قال إِبراهيمُ الحَرْبِيُّ ¦: لا أَدْرِي لِم لا تُؤخَذُ في الصَّدَقَةِ؟ هل لاعْتِزالِها عن الغَنَمِ التي يَأْخُذُ منها المُصَدِّقُ وإِتْعابِها إِيّاه؟ قال: وأَظُنُّه أَرادَ أَن يَقُولَ: الكَشُوف، فقَالَ: الكَنُوف، والكَشُوفُ⁣(⁣٢): التي ضَربَها الفَحْلُ وهي حامِلٌ فنَهَى عن أَخْذِها؛ لأَنَّها حامِلٌ، وإِلَّا فلا أَدْرِي، هكَذا هو نَصُّ العُبابِ، فتَأَمَّلْ عِبارةَ المُصَنّفِ كيفَ فَسَّرَ الكَنُوفَ بما هُوَ تفسيرٌ للكَشُوفِ.

  ويُقال: انْهَزَمُوا فما كانَتْ لَهُم كانِفَةٌ دُونَ المَنْزِلِ أَو العَسْكَرِ: أي مَوْضِعٌ يَلْجَؤُون إِليه، ولم يُفَسِّرْه ابنُ الأَعرابِيِّ، وفي التَّهْذِيبِ: فما كانَ لهُم كانِفَةٌ دونَ العَسْكَر: أي: حاجِزٌ يَحْجُزُ العَدُوَّ عَنْهُم.

  وَيُدْعَى على الإِنْسانِ فيُقال: لا تَكْنُفُه من الله كانِفَةٌ: أي لا تَحْفَظُه، وقالَ اللَّيْثُ: يُقالُ للإِنْسانِ المَخْذُولِ: لا تَكْنُفُه من الله كانِفَةٌ: أي لا تَحجُزُه، وفي حَدِيثِ عليٍّ ¥: «ولا يَكُنْ للمُسْلِمِين كانِفَةٌ» أي: ساتِرَةٌ، والهاءُ للمُبالَغَةِ.

  والكِنْفُ، بالكَسْرِ: الزَّنْفَلِيجَةُ، وهي: وِعاءٌ طَوِيلٌ تَكُونُ فيه أَدَاة الرَّاعِي ومَتاعُه. أَو هو وِعاءُ أَسْقاطِ التّاجِرِ ومَتاعِه وفي الحَدِيثِ: «أَنّ عُمَرَ أَلْبَسَ عِياضاً ® مِدْرَعَةَ صُوفٍ، وَدَفَع إِلَيْهِ كِنْف الرّاعِي» قال اللِّحْيانِيُّ: هو مِثْلُ العَيْبَة، يُقال: جاءَ فلانٌ بكِنْفٍ فيه مَتاعٌ. وإِنَّما سُمِّي به لأَنَّه يَكْنُف ما جُعِلَ فيه، أي: يَحْفَظُه.

  والكُنْفُ بالضمِّ: جَمْعُ الكَنُوفِ من النُّوقِ قد تقَدّمَ تفسيرُه.

  وأَيضاً: جَمْعُ الكَنِيفِ، كأَمِيرٍ، وهو بمعنَى السُّتْرَة وبه فُسِّرَ حَدِيثُ أَبي بَكْرٍ ¥: «أَنّه أَشْرَفَ من كَنِيفٍ» أي: مِن سُتْرَةٍ، كما في العُبابِ⁣(⁣٣)، وأَهْلُ العِراقِ يُسَمُّون ما أَشْرَعُوا من أَعالِي دُورِهِم كَنِيفاً.

  والكَنِيفُ أَيضاً: السّاتِرُ قال لَبِيدٌ:

  حَرِيماً حِينَ لمْ يَمْنَعْ حَرِيماً ... سُيُوفُهمُ ولا الحَجَفُ الكَنِيفُ⁣(⁣٤)

  والكَنِيفُ أَيضاً: التُّرْسُ لِسَتْرِه، ويوصفُ به، فيُقال: تُرْسٌ كنِيفٌ، كما هُو في قَوْلِ لَبيدٍ.

  ومنه سُمِّيَ المِرْحاضُ كَنِيفاً، وهو الَّذِي تُقْضَى فيه حاجَةُ الإِنسانِ، كأَنّه كُنِفَ في أَسْتَرِ النَّواحِي.

  والكَنِيفُ: حَظِيرَةٌ من شَجَر أَو خَشَبٍ تُتَّخَذُ للإِبِلِ زادَ الأَزْهَرِيُّ: وللغَنَمِ، تَقِيها الرِّيحَ والبَرْدَ، سُمِّيَ بذلِكَ لأَنّه يَكْنُفُها، أي: يَسْتُرُها ويَقِيها، ومنه قولِ كَعْبِ بن مالِكٍ ¥:

  تَبِيتُ بَيْنَ الزَّرْبِ والكَنِيفِ

  وَشاهِدُ الجَمْع:

  لمّا تآزَيْنَا إلى دِفءِ الكُنُفْ

  والكَنِيفُ: النَّخْلُ يُقْطَعُ فيَنْبُتُ نحوَ الذِّراعِ، وتُشَبَّهُ به اللِّحْيَةُ السَّوْداءُ فيقالُ: كأَنّما لِحْيَتُه الكَنِيفُ.

  وكُنَيْفٌ كزُبَيْرٍ: عَلَمٌ، ككانِفٍ كصاحِبٍ.

  ومن المَجازِ: كُنَيْفٌ: لَقَبُ عَبْدِ الله بنِ مَسْعُودٍ، لَقَّبَه عُمَرُ ®، فقَالَ: «كُنَيْفٌ مُلِئَ عِلْماً» وهذا هو


(١) في اللسان: «في كنفة الإبل» وكنفة الإبل: ناحيتها.

(٢) بالأصل «والكنوف» والتصويب عن المطبوعة الكويتية. وانظر ما ورد بحاشيتها.

(٣) ومثله في النهاية واللسان.

(٤) ذيل ديوانه ط بيروت ص ٢٢٧.