فصل الكاف مع الفاء
  المَشْهُورُ عند المُحَدِّثِينَ، خِلافاً لما في الفَتاوَى الظَّهِيرِيَّة أَنَّه لَقَّبَه إِيّاهُ النَّبيُّ ﷺ، أَشارَ له شَيْخُنا، أي: أَنّه وِعاءٌ للعِلْم تَشْبيهاً بوِعاءِ الرَّاعِي الَّذِي يَضَعُ فيه كلَّ ما يَحْتاجُ إِليهِ من الآلاتِ، فكذلِك قَلْبُ ابنِ مَسْعُودٍ قد جُمِع فيه كُلُّ ما يَحْتاجُ إِليه الناسُ من العُلُومِ، وتَصْغِيرُه على جَهَةِ المَدْحِ له، وهو تَصْغِيرُ تَعْظِيمٍ للكِنْفِ، كقوْلِ الحُبابِ بنِ المُنْذِرِ: «أَنا جُذَيْلُها المُحَكَّكُ، وعُذَيْقُها المُرَجَّبُ».
  وكَنَفَه يَكْنُفُه كَنْفاً: صانَهُ وحَفِظَه، وقِيلَ: حاطَهُ كما في الصِّحاح، وقِيلَ: أَعانَه وقالَ ابنُ الأَعرابِيِّ: أي ضَمَّهُ إِليه وَجَعَله في عِيالِه، وقال غيرُه: أي قامَ بِهِ وجَعَلَه في كَنَفِه، وَكُلُّ ذلِكَ مُتقارِبٌ.
  كأَكْنَفَه فهو مُكْنَفٌ، وهذِه عن ابن الأَعْرابيِّ، يُقالُ: أَكْنَفَه، أي: أَتاهُ في حاجَةٍ، فقامَ له بها، وأَعانَه علَيْها.
  وكَنَفَ الرَّجُلُ كَنِيفاً: إذا اتَّخَذَهُ يُقال: كَنَفَ الكَنِيفَ يَكْنُفُه كَنْفاً، وكُنُوفاً: إذا عَمِلَه.
  وكَنَفَ الدّارَ يَكْنُفها: اتَّخَذَ، وجَعَلَ لَهَا كَنِيفاً وهو المِرْحاض.
  وأَبُو مُكْنِفٍ، كمُحْسِنٍ ومَعْناهُ المُعِينُ: زَيْدُ الخَيْلِ بنُ مُهَلْهِلِ بنِ زَيْدِ(١) بنِ عَبْدِ رُضا، الطّائِيُّ: صحابِيٌّ ¥، وسَمّاه النبيُّ ﷺ زَيْدَ الخَيْرِ، وَابنُه مُكْنِفٌ هذا كانَ له غَناءٌ في الرِّدَّةِ مع خالِدِ بن الوَلِيدِ، وَهو الذي فَتَح الرَّيَّ، وأَبو حَمّادٍ الرّاوَيَةُ من سَبْيِهِ.
  والتَّكْنِيفُ: الإِحاطَةُ بالشَيْءِ، يُقال: كَنَّفُوه تَكْنِيفاً: إذا أَحاطُوا بِهِ، نَقَلَه الجَوْهَريُّ، قال: ومنه صِلاءٌ مُكَنَّفٌ، كمُعَظَّمٍ: أي أُحِيطَ بِهِ من جَوانِبِه.
  وقال ابنُ عَبّادٍ: رَجُلٌ مُكَنَّفُ اللِّحْيَةِ: أي عَظِيمُها.
  قال: ولِحْيَةٌ مُكَنَّفَةٌ أَيضاً: أي عَظِيمَةُ الأَكْنافِ: أي الجَوانِبِ، وإِنه لمُكَنَّفُها: أي عَظِيمُها، لا يَخْفَى أَنّه تَكْرار.
  واكْتَنَفُوا: اتَّخَذُوا كَنِيفاً: أي حَظِيرَةً لإِبِلِهم وكذا للغَنَمِ.
  واكتَنَفُوا فُلانًا: إذا أَحاطُوا بِهِ من الجَوانِبِ واحْتَوَشُوه، ومنه حدِيثُ يَحْيَى بنِ يَعْمَرَ: «فاكْتَنَفْتُه أَنَا وصاحِبي» أي: أَحَطْنَا به من جانِبَيْه، كتَكَنَّفُوه ومنه قولُ عُرْوَةَ بْنِ الوَرْدِ:
  سَقَوْنِي الخَمْرَ ثُمَّ تَكَنَّفُونِي ... عُدَاةُ الله من كَذِبٍ وزُورِ(٢)
  وَتَقَدَّمَتْ قِصّةُ البيتِ في «يستعر».
  وكانَفَه مُكانَفَةً: عاوَنَه ومنه حدِيثُ الدُّعاءِ: «مَضوْا على شَاكِلَتِهم مُكانِفِينَ» أي: يَكْنُفُ بعضُهم بعضاً.
  * وممّا يُسْتَدْرَكُ عَلَيه:
  يُقال: بَنُو فُلانٍ يَكْتَنِفُونَ بَنِي فُلانٍ: أي هُمْ نُزُولٌ في ناحِيَتِهم، وكذا يَتَكَنَّفُونَ.
  وَكَنَفَه عَن الشَّيْءِ: حَجَزَه عنه.
  وَتَكَنَّفَه، واكْتَنَفَه: جَعَله في كَنَفِه، ككَنَفَهُ.
  وَأَكْنَفَه الصَّيْدَ والطَّيْرَ: أَعانَه على تَصَيُّدِها.
  وَاكْتَنَفَت النّاقَةُ: تَسَتَّرَتْ في أَكْنافِ الإِبِلِ من البَرْدِ.
  وَحكَى أَبو زَيْدٍ: شاةٌ كَنْفاءُ: أي حَدْباءُ، كما في الصِّحاح.
  وَالمُكانِفُ: التي تَبْرُك من وَراءِ الإِبِلِ، عن ابنِ الأَعرابيِّ.
  وَفي الحَدِيثِ(٣): «شَقَقْنَ أَكْنَفَ مُرُوطِهِنَّ، فاخْتَمَرْنَ بِهِ» أي أَسْتَرَها وأَصْفَقَها، ويُرْوى بالثّاءِ المُثَلَّثَةِ، والنونُ أَكثرُ.
  وَاكْتَنَفُوا: اتَّخَذُوا كَنِيفاً: أي مِرْحاضاً.
  وَفي المُحِيطِ واللِّسان: تكَنَّفَ القَومُ بالغُثاتِ، وذلك أَنْ تَمُوتَ غَنَمُهُم هُزالاً، فيَحْظُرُوا بالَّتِي ماتَتْ حولَ الأَحياءِ التي بَقِينَ، فتَسْتُرُها من الرِّياحِ ونَصُّ المُحيطِ: «فيَسْتُرُونَها من الشَّمالِ».
  وَيُقال: كَنَفَ القومُ: أي حَبَسُوا أَمْوالَهُم من أَزْلٍ وتَضْيِيقٍ عليهم.
  وَالكَنِيفُ: الكُنَّةُ تُشْرَعُ فوقَ بابِ الدّار.
  وَكَنَفَ الشّيْءَ كَنْفاً: جَعَلَه كالكِنْفُ بالكسرِ، وهو الوعاءُ.
(١) في جمهرة ابن حزم ص ٤٠٣ زيد بن منهب بن عبد رِضى وفي المقتضب ص ٩١ «يزيد».
(٢) ديوانه ط بيروت ص ٣٢ برواية: «سقوني النَّسءَ» يقال لكل مسكرٍ نسء.
(٣) في اللسان والنهاية: وفي حديث عائشة ^.