تاج العروس من جواهر القاموس،

مرتضى الزبيدي (المتوفى: 1205 هـ)

[نوف]:

صفحة 515 - الجزء 12

  ولا تَتْرُكَنِّي كالخُشاشَةِ إِنَّنِي ... صَبُورٌ إذا ما النِّكْسُ مِثْلُكَ أَحْجَمَا

  وقال الأَزْهَرِيُّ: قَرأْتُ في كتاب نُسِبَ إلى المُؤَرِّجِ غير مَسْمُوعٍ، لا أَدْرِي ما صِحَّتُه: النَّوْفُ: الصّوْتُ، أو صَوْتُ الضَّبُعِ يُقالُ: نافَت الضَّبُعَةُ، تَنُوفُ نَوْفاً⁣(⁣١).

  قال: والنَّوْفُ: المَصُّ مِنَ الثَّدْيِ.

  وقال غيرُه: النَّوْفُ: أَنْ يَطُولَ البَعِيرُ ويَرْتَفِعَ، وقد نافَ يَنُوفُ نَوْفاً⁣(⁣٢)، وكذلِك كُلُّ شَيْءٍ.

  قال ابنُ دُرَيْدٍ: وبَنُو نَوْف: بَطْنٌ من العَرَبِ، أَحْسَبُه من هَمْدانَ⁣(⁣٣).

  ونَوْفُ بنُ فَضالَةَ أَبو يَزِيدَ البِكالِيُّ ويُقال: أَبو عَمْرٍو، وَيُقالُ: أَبُو رشيد⁣(⁣٤) التّابِعِيُّ، إِمامُ دِمَشْقَ أُمُّه كانَتْ امْرَأَةَ كَعْبِ [الأَحْبارِ]⁣(⁣٥)، يَرْوِي القَصَصَ، وهوَ الذي قالَ فيه عبدُ الله بنُ عَبّاسٍ ®: «كَذَبَ عَدُوُّ الله» رَوَى عَنْه أَبو عِمْرانَ الجَوْنِيُّ، والنّاسُ، وأَورَدَه ابنُ حِبّان في الثِّقاتِ.

  ويَنُوفَى بالتَّحْتِيَّةِ، أَو تَنُوفَى بالفَوْقِيّةِ مَقْصُورتانِ، أَو تَنُوفُ كتَقُولُ، وفي الصِّحاحِ: يَنُوفُ بالتَّحْتِيّة، فهي ثَلَاثُ رِواياتٍ: ع وفي العُبابِ: هَضْبَةٌ، وفي اللِّسانِ: عَقَبَةٌ بجَبَلَيْ طَيِّئٍ وهُما أَجَأَ وسَلْمَى، ووَقَعَ في الصِّحاحِ في جَبَلِ بالإِفْرادِ، والصَّوابُ ما للمُصَنِّفِ، سُمِّيَتْ بذلِكَ لِارْتِفاعِها، وَبالوُجُوهِ الثَّلاثَةِ يُرْوَى قَوْلُ امْرِئ القَيْسِ:

  كأَنَّ دِثارًا حَلَّقَتْ بلَبُونِه ... عُقابُ تَنُوفَى لا عُقابُ القَواعِلِ

  وَالقَواعِلُ: موضِعٌ في جَبَلَيْ طَيِّئٍ، ودِثارٌ: اسمُ راعي امْرِئِ القَيْسِ، وأَنشَدَه ثَعْلَبٌ: «عُقابُ يَنُوفٍ»، كما وَقَع في نُسَخِ الصِّحاحِ⁣(⁣٦)، ورواهُ ابنُ جِنِّي: «تَنُوفٍ» مَصْرُوفاً على فَعُولٍ، قال في التّكْمِلَةِ: فَعَلى هذَا التّاءُ أَصْلِيَّة، مثلُها في تَنُوفَة، ومَوْضِعُ ذِكْرِها فصلُ التّاءِ، وتَنُوفَى من الأَوْزانِ التي أَهْمَلَها سِيبَوَيْه، وقالَ السِّيرافيُّ: تَنُوفَى: تَفُعْلَى، فعَلَى هذا يَسوغُ إيرادُ تَنُوف في هذا التَّرْكِيبِ، وَوَزْنُه تَفُعْل، ولا يُصْرَف انتهى.

  قلت: وتَنُوفَى روايةُ ابنِ فارِسٍ، وقد تَقَدّم في «تنف» وَزْنُه بجَلُولَا، ومضَى الكلامُ عَلَيه هُناكَ، ويَنُوفَى رِوايةُ أَبي عُبَيْدَةَ، فراجِعْه في «تنف».

  ومَنافٌ: صَنَمٌ، وبه سُمِّيَ عَبْدَ مَنافٍ وكانت أُمُّه قد أَخْدَمَتْهُ هذا الصَّنمَ، قال أَبو المُنْذِرِ: ولا أَدْرِي أَيْنَ كانَ، وَلِمَنْ كانَ، وفيه يَقُولُ بَلْعاءُ بنُ قَيْسٍ:

  وَقِرْنٍ قَدْ⁣(⁣٧) تَرَكْتُ الطَّيْرَ مِنه ... كمُعْتَبِر العَوارِكِ مِنْ مَنافِ

  وَهو أَبُو هاشِمٍ وعَبْدِ شَمْسٍ وعليهما اقْتَصَرَ الجَوهرِيُّ، زاد الصاغانِيُّ: والمُطَّلِبِ، وتُماضِرَ، وقِلابَةَ وفاتَه: نَوْفَلُ بنُ عبدِ مَنافٍ⁣(⁣٨)؛ لأَنَّها بُطونٌ أَرْبَعَةٌ، واسمُ عبدِ منافٍ المُغِيرَةُ، وَيُدْعَى القاسِم، ويُلَقَّبُ قَمَرَ البَطْحاءِ، ويُكْنَى بأَبِي عَبْدِ شَمْسٍ، وأُمُّه حُبَّى بنتُ حُلَيْل الخُزَاعِيَّةُ، وهو رابِعُ جَدٍّ لسَيِّدِنا رَسُولِ الله ، وفيه قال الشّاعِرُ:

  كانَتْ قُرَيْشٌ بَيْضَةً فتَفَقَّأَتْ ... بالمُحِّ خالِصَةً لعَبْدِ مَنافِ

  وَقالَ ابنُ تَيْمِيَةَ في «السِّياسَةِ الشَّرْعِيَةِ»: أَشْرَفُ بيتٍ كانَ في قُرَيْشٍ بَنُو مَخْزُومٍ، وبَنُوُ عَبْدِ منافٍ.

  والنِّسْبَةُ إِليه مَنافيٌّ قال سِيبَوَيْه: وهُوَ مما وَقَعَتْ فيه الإِضافَةُ إلى الثانِي دُونَ الأَوّلِ؛ لأَنَّه لو أُضِيفَ إلى الأَوّلِ لالْتَبَسَ، قال الجوهرِيُّ: وكانَ القِياسُ عَبْدِيٌّ، فعَدَلُوا عن القياسِ لإِزالَةِ اللَّبْسِ بينَه وبَيْنَ المَنْسُوبِ إلى عَبْدِ القَيْسِ وَنحوِه.

  ومَنُوفُ: ة، بمِصْرَ زادَ الصاغانِيُّ: القَدِيمَةِ. قلتُ: وَهي من جَزِيرَةِ بني نَصْرٍ، وعَمَلِ أَبْيار، ويُقال لكُورَتِها الآنَ: المَنُوفِيَّة، لها ذِكْرٌ في فُتُوحِ مِصْر، وقولُ الصّاغانِيِّ «القَدِيمَة» يُوهِمُ أَنّها هي مَنْفُ التي كانَتْ بقُرْبِ الفُسْطاطِ وَخَرِبَتْ، وليسَتْ هِيَ، كما بَيَّناهُ في «فصل الميم مع الفاءِ»


(١) عبارة التهذيب: وهذان الحرفان لا أحفظهما، ولا أدري من رواهما عنه.

(٢) عن اللسان وبالأصل «نافاً».

(٣) في الاشتقاق ص ٤١٩ ولد همدان: نوفاً وخيران.

(٤) في اللباب لابن الأثير: أبو زيد، وقيل أبو عمرو وقيل أبو رشيد.

(٥) عن اللباب.

(٦) الذي في الصحاح المطبوع: تنوفُ.

(٧) بالأصل «وقد تركت» وبهامش المطبوعة المصرية: «قوله: وقد تركت، كذا بالأصل، ولعل الواو زائدة» وقد حذفناها تبعاً لابن الكلبي في الأصنام.

(٨) وانظر في أسماء ولده سيرة ابن هشام ١/ ١١٢.