[نوف]:
  ولا تَتْرُكَنِّي كالخُشاشَةِ إِنَّنِي ... صَبُورٌ إذا ما النِّكْسُ مِثْلُكَ أَحْجَمَا
  وقال الأَزْهَرِيُّ: قَرأْتُ في كتاب نُسِبَ إلى المُؤَرِّجِ غير مَسْمُوعٍ، لا أَدْرِي ما صِحَّتُه: النَّوْفُ: الصّوْتُ، أو صَوْتُ الضَّبُعِ يُقالُ: نافَت الضَّبُعَةُ، تَنُوفُ نَوْفاً(١).
  قال: والنَّوْفُ: المَصُّ مِنَ الثَّدْيِ.
  وقال غيرُه: النَّوْفُ: أَنْ يَطُولَ البَعِيرُ ويَرْتَفِعَ، وقد نافَ يَنُوفُ نَوْفاً(٢)، وكذلِك كُلُّ شَيْءٍ.
  قال ابنُ دُرَيْدٍ: وبَنُو نَوْف: بَطْنٌ من العَرَبِ، أَحْسَبُه من هَمْدانَ(٣).
  ونَوْفُ بنُ فَضالَةَ أَبو يَزِيدَ البِكالِيُّ ويُقال: أَبو عَمْرٍو، وَيُقالُ: أَبُو رشيد(٤) التّابِعِيُّ، إِمامُ دِمَشْقَ أُمُّه كانَتْ امْرَأَةَ كَعْبِ [الأَحْبارِ](٥)، يَرْوِي القَصَصَ، وهوَ الذي قالَ فيه عبدُ الله بنُ عَبّاسٍ ®: «كَذَبَ عَدُوُّ الله» رَوَى عَنْه أَبو عِمْرانَ الجَوْنِيُّ، والنّاسُ، وأَورَدَه ابنُ حِبّان في الثِّقاتِ.
  ويَنُوفَى بالتَّحْتِيَّةِ، أَو تَنُوفَى بالفَوْقِيّةِ مَقْصُورتانِ، أَو تَنُوفُ كتَقُولُ، وفي الصِّحاحِ: يَنُوفُ بالتَّحْتِيّة، فهي ثَلَاثُ رِواياتٍ: ع وفي العُبابِ: هَضْبَةٌ، وفي اللِّسانِ: عَقَبَةٌ بجَبَلَيْ طَيِّئٍ وهُما أَجَأَ وسَلْمَى، ووَقَعَ في الصِّحاحِ في جَبَلِ بالإِفْرادِ، والصَّوابُ ما للمُصَنِّفِ، سُمِّيَتْ بذلِكَ لِارْتِفاعِها، وَبالوُجُوهِ الثَّلاثَةِ يُرْوَى قَوْلُ امْرِئ القَيْسِ:
  كأَنَّ دِثارًا حَلَّقَتْ بلَبُونِه ... عُقابُ تَنُوفَى لا عُقابُ القَواعِلِ
  وَالقَواعِلُ: موضِعٌ في جَبَلَيْ طَيِّئٍ، ودِثارٌ: اسمُ راعي امْرِئِ القَيْسِ، وأَنشَدَه ثَعْلَبٌ: «عُقابُ يَنُوفٍ»، كما وَقَع في نُسَخِ الصِّحاحِ(٦)، ورواهُ ابنُ جِنِّي: «تَنُوفٍ» مَصْرُوفاً على فَعُولٍ، قال في التّكْمِلَةِ: فَعَلى هذَا التّاءُ أَصْلِيَّة، مثلُها في تَنُوفَة، ومَوْضِعُ ذِكْرِها فصلُ التّاءِ، وتَنُوفَى من الأَوْزانِ التي أَهْمَلَها سِيبَوَيْه، وقالَ السِّيرافيُّ: تَنُوفَى: تَفُعْلَى، فعَلَى هذا يَسوغُ إيرادُ تَنُوف في هذا التَّرْكِيبِ، وَوَزْنُه تَفُعْل، ولا يُصْرَف انتهى.
  قلت: وتَنُوفَى روايةُ ابنِ فارِسٍ، وقد تَقَدّم في «تنف» وَزْنُه بجَلُولَا، ومضَى الكلامُ عَلَيه هُناكَ، ويَنُوفَى رِوايةُ أَبي عُبَيْدَةَ، فراجِعْه في «تنف».
  ومَنافٌ: صَنَمٌ، وبه سُمِّيَ عَبْدَ مَنافٍ وكانت أُمُّه قد أَخْدَمَتْهُ هذا الصَّنمَ، قال أَبو المُنْذِرِ: ولا أَدْرِي أَيْنَ كانَ، وَلِمَنْ كانَ، وفيه يَقُولُ بَلْعاءُ بنُ قَيْسٍ:
  وَقِرْنٍ قَدْ(٧) تَرَكْتُ الطَّيْرَ مِنه ... كمُعْتَبِر العَوارِكِ مِنْ مَنافِ
  وَهو أَبُو هاشِمٍ وعَبْدِ شَمْسٍ وعليهما اقْتَصَرَ الجَوهرِيُّ، زاد الصاغانِيُّ: والمُطَّلِبِ، وتُماضِرَ، وقِلابَةَ وفاتَه: نَوْفَلُ بنُ عبدِ مَنافٍ(٨)؛ لأَنَّها بُطونٌ أَرْبَعَةٌ، واسمُ عبدِ منافٍ المُغِيرَةُ، وَيُدْعَى القاسِم، ويُلَقَّبُ قَمَرَ البَطْحاءِ، ويُكْنَى بأَبِي عَبْدِ شَمْسٍ، وأُمُّه حُبَّى بنتُ حُلَيْل الخُزَاعِيَّةُ، وهو رابِعُ جَدٍّ لسَيِّدِنا رَسُولِ الله ﷺ، وفيه قال الشّاعِرُ:
  كانَتْ قُرَيْشٌ بَيْضَةً فتَفَقَّأَتْ ... بالمُحِّ خالِصَةً لعَبْدِ مَنافِ
  وَقالَ ابنُ تَيْمِيَةَ في «السِّياسَةِ الشَّرْعِيَةِ»: أَشْرَفُ بيتٍ كانَ في قُرَيْشٍ بَنُو مَخْزُومٍ، وبَنُوُ عَبْدِ منافٍ.
  والنِّسْبَةُ إِليه مَنافيٌّ قال سِيبَوَيْه: وهُوَ مما وَقَعَتْ فيه الإِضافَةُ إلى الثانِي دُونَ الأَوّلِ؛ لأَنَّه لو أُضِيفَ إلى الأَوّلِ لالْتَبَسَ، قال الجوهرِيُّ: وكانَ القِياسُ عَبْدِيٌّ، فعَدَلُوا عن القياسِ لإِزالَةِ اللَّبْسِ بينَه وبَيْنَ المَنْسُوبِ إلى عَبْدِ القَيْسِ وَنحوِه.
  ومَنُوفُ: ة، بمِصْرَ زادَ الصاغانِيُّ: القَدِيمَةِ. قلتُ: وَهي من جَزِيرَةِ بني نَصْرٍ، وعَمَلِ أَبْيار، ويُقال لكُورَتِها الآنَ: المَنُوفِيَّة، لها ذِكْرٌ في فُتُوحِ مِصْر، وقولُ الصّاغانِيِّ «القَدِيمَة» يُوهِمُ أَنّها هي مَنْفُ التي كانَتْ بقُرْبِ الفُسْطاطِ وَخَرِبَتْ، وليسَتْ هِيَ، كما بَيَّناهُ في «فصل الميم مع الفاءِ»
(١) عبارة التهذيب: وهذان الحرفان لا أحفظهما، ولا أدري من رواهما عنه.
(٢) عن اللسان وبالأصل «نافاً».
(٣) في الاشتقاق ص ٤١٩ ولد همدان: نوفاً وخيران.
(٤) في اللباب لابن الأثير: أبو زيد، وقيل أبو عمرو وقيل أبو رشيد.
(٥) عن اللباب.
(٦) الذي في الصحاح المطبوع: تنوفُ.
(٧) بالأصل «وقد تركت» وبهامش المطبوعة المصرية: «قوله: وقد تركت، كذا بالأصل، ولعل الواو زائدة» وقد حذفناها تبعاً لابن الكلبي في الأصنام.
(٨) وانظر في أسماء ولده سيرة ابن هشام ١/ ١١٢.