تاج العروس من جواهر القاموس،

مرتضى الزبيدي (المتوفى: 1205 هـ)

فصل النون مع الفاء

صفحة 516 - الجزء 12

  وعِبارَةُ المُصَنِّفِ سالِمَةٌ عن الوَهَمِ، إِلَّا أَنّها غيرُ وافِيَةٍ بالمَقْصُودِ.

  وجَمَلٌ نِيافٌ، وناقَةٌ نِيافٌ، ككِتابٍ: أي طَوِيلٌ وطَوِيلَةٌ في ارْتِفاعٍ كما في الصِّحاحِ، وقالَ ابنُ بَرِّي: طَوِيلَا السَّنامِ، وأَنشَدَ لزِيادٍ المِلْقَطِيِّ:

  والرَّحْلُ فَوْقَ ذاتِ نَوْفٍ خامِسِ

  والأَصْلُ نِوافٌ قُلِبَت الواوُ ياءً تَخْفِيفاً لا وُجُوباً، أَلَا تَرَى إلى صِحَّةِ خِوان وصِوان وصِوار، على أَنه قد حُكِيَ صِيانٌ وَصِيارٌ، وذلِكَ عن تَخْفِيفٍ لا عن صَنْعَةٍ، قالَهُ ابنُ جِنِّي، وَأَنشَدَ الجَوْهَرِيُّ للرّاجِزِ - قلت: هو السَّرَنْدَى التّيْمِيُّ -:

  أَفْرغْ لأَمْثالٍ مَعا إِلافِ ... يَتْبَعْنَ وَخْيَ عَيْهَلٍ نِيافِ⁣(⁣١)

  وَكَذلِكَ جَبَلٌ نِيافٌ، وأَنشَدَ الجَوْهرِيُّ لامْرِئِ القَيْسِ:

  نِيافاً تَزلُّ الطَّيْرُ عَنْ قُذُفاتِه ... تَظَلُّ الضَّبابُ فوقَه قَدْ تَعَصَّرَا⁣(⁣٢)

  قال ابنُ جِنِّي: وقد يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ نِيافاً مصدَرًا جارِياً على فِعْلٍ [معتلّ]⁣(⁣٣) مُقَدَّرٍ، فيَجْرِي حِينَئذٍ مَجْرَى صِيامٍ وَقِيامٍ، ووَصَفَ به، كما يُوصَفُ بالمصادِر.

  وبعضُهم يَقُولُ: جَمَلٌ نَيّافٌ كشَدّادٍ على فَيْعالٍ: إذا ارْتَفَع في سَيْرِه، والأَصْلُ نَيْوافٌ وأَنشَدَ:

  يَتْبَعْنَ نَيّافَ الضُّحَى عُزَاهِلَا⁣(⁣٤)

  قال الأَزْهَرِيُّ: رَواهُ غيرُه «يَتْبَعْنَ زيّافَ الضُّحَى» قال: وَهو الصّحِيحُ، وقال أَبو عَمْرٍو: والعُزاهِلُ: التّامُّ الخَلْقِ.

  «والنَّيِّفُ، ككَيِّسٍ، وقد يُخَفَّفُ كمَيِّتٍ ومَيْتٍ، قاله الأَصْمَعِيُّ، وقِيلَ: هو لَحْنٌ عندَ الفُصَحاءِ، ونَسَبَهُ بعضٌ إِلَى العامَّةِ، ونسَبَها الأَزْهرِيُّ إلى الرَّدَاءَةِ: الزِّيادَةُ، وأَصْلُه نَيْوِفٌ عَلَى فَيْعِلٍ يُقالُ: عَشَرَةٌ ونَيِّفٌ، وَمائَةٌ ونَيِّفٌ، وكُلُّ ما زادَ عَلَى العَقْدِ فنَيِّفٌ، إلى أَنْ يَبْلُغَ العَقْدَ الثّانِيَ وقالَ اللِّحْيانِيُّ: يُقال: عِشْرُونَ ونَيِّفٌ، ومائَةٌ ونَيِّفٌ، وأَلْفٌ ونَيِّفٌ، ولا يُقال: نَيِّفٌ إلّا بعدَ عَقْدٍ، قال: وإِنَّما قالَ: نَيِّفٌ؛ لأَنَّه زائِدٌ على العَدَدِ الذي حَواهُ ذلِكَ العَقْدُ.

  والنَّيِّفُ: الفَصْلُ عن اللِّحْيانِيِّ، وحَكَى الأَصْمَعِيُّ: ضَع النَّيِّفَ في مَوْضِعِه، أي: الفَضْلَ، كذَا في المُحْكَمِ.

  والنَّيِّفُ: الإِحْسانُ، وَهو مَأْخُوذٌ من مَعْنَى الزِّيادَةِ وَالفَضْلِ.

  وقال أَبو العَبّاسِ: الذي حَصَّلْناه من أَقاوِيلِ حُذّاقِ البَصْرِيِّينَ والكُوفِيِّينَ أنَّ النَّيِّفَ: من واحِدَةٍ إلى ثَلاثٍ وَالبِضْعَ: من أَرْبَعٍ إلى تَسْعٍ.

  ونافَ الشّيْءُ يَنُوفُ نَوْفاً: ارْتَفَع وأَشْرَفَ.

  وَنافَ يَنُوفُ: إذا طالَ وارْتَفَعَ.

  وأَنافَ عَلَى الشَّيْءِ: أَشْرَفَ وارْتَفَع، ويُقالُ لكُلِّ مُشْرِفٍ على غَيْرِه: إِنَّه لمُنِيفٌ، وقد أَنافَ إِنافَةً، قال طَرَفَةُ يَصِفُ إِبِلاً:

  وَأَنافَتْ بِهَوادٍ تُلُعٍ ... كجُذُوعٍ شُذِّبَتْ عَنْها القُشُرْ

  والمُنِيفُ: جَبَلٌ⁣(⁣٥) يَصُبُّ في مَسِيلِ مكَّةَ - حَرَسَها الله تَعالَى - قال صَخْرُ الغَيِّ يَصِفُ سَحاباً:

  فَلمّا رَأَى العَمْقَ قُدَّامَهُ ... وَلَمَّا رَأَى عَمَرًا والمُنِيفَا⁣(⁣٦)

  والمُنِيفُ أَيْضاً: حِصْنٌ في جَبَلِ صَبِرٍ من أَعْمالَ تَعِزَّ باليَمَنِ.

  والمُنِيفُ أَيْضاً: حِصْنٌ من أَعْمالِ لَحْجٍ قُرْبَ عَدَنِ أَبْيَنَ.

  والمُنِيفَةُ بهاءٍ:(⁣٧) ماءَةٌ لتَمِيم عَلَى فَلْجٍ بَيْنَ نَجْدٍ وَاليَمامَةِ قال:

  أَقُولُ لصاحِبِي والعِيسُ تَهْوِي ... بِنا بَيْنَ المُنِيفَةِ فالضِّمارِ


(١) الوخي: حسن صوت مشيها.

(٢) ديوانه برواية: يظل الضباب.

(٣) زيادة عن اللسان.

(٤) الأصل والتهذيب وفي اللسان برواية: عراهلا.

(٥) في معجم البلدان: موضع. ولم يعينه في شعر صخر الغي.

(٦) ديوان الهذليين ٢/ ٧٠ برواية: ولما رأى وفي شرحه: العمر والعمق وَالمنيف: بُلدان.

(٧) معجم البلدان: «ماء».