فصل الشين المعجمة
  وشَرِب به أَي الرَّجُلِ كَسَمِعَ وأَشْرَبَ به أَيْضاً: كَذَبَ عَلَيْهِ.
  ومن المَجَازِ: أَشْرَبَ إِبِلَه إِذَا جَعَلَ لِكُلِّ جَمَلٍ قَرِيناً، فَيَقُولُ أَحَدُهُم لِنَاقَتِه: لأُشْرِبَنَّكِ الحِبَالَ والنُّسوعَ أَي لأَقْرُنَنَّكِ بِهَا. وأَشْرَبَ الخَيْلَ: جَعَلَ الحِبَالَ في أَعْنَاقها.
  وأَنْشَدَ ثَعْلَبٌ:
  وأَشْرَبْتُهَا الأَقْرَانَ حتى أَنَخْتُهَا ... بِقُرْحَ وقد أَلْقَيْنَ كُلَّ جَنِينِ
  وأَشْرَب فُلاناً وكذا البَعِيرَ والدَّابَّة الحَبْلَ: جَعَلَه أَي وَضَعَه في عُنُقِه.
  ومن المَجَازِ: اشْرَأَبَّ إِليه ولَهُ اشْرِئْبَاباً: مَدَّ عُنُقَه ليَنْظُرَ، أَو هُوَ إِذَا ارْتَفَع وعَلَا، وكُلُّ رَافِعٍ رَأْسَه مُشْرَئِبُّ، قَالَه أَبُو عُبَيْد. والاسم الشُّرَابِيبَةُ بالضَّمِّ كالطُّمَأْنِيَنَة. وقَالَتْ عَائِشَةُ ^ «اشرأَبَّ النِّفَاقُ، وارْتَدَّتِ العَرَبُ». أَي ارْتَفَع وَعَلَا، وفي حَدِيث: «يُنَادِي يَوْمَ القِيَامَة مُنَاد، يا أَهْلَ الجَنَّة، ويا أَهْلَ النَّار فيَشْرَئِبُّونَ لِصَوْتِه» أَي يَرْفَعُونَ رُؤُوسَهم ليَنْظُرُوا إِلَيْه. وكُلُّ رَافِعٍ رَأْسَه مُشْرَئِبٌّ. وأَنْشدَ لذي الرُّمَّةِ يَصِفُ الظَّبْيَةَ ورَفْعَها رَأْسَهَا:
  ذَكَرْتُكِ أَنْ مَرَّت بِنَا أُمُّ شَادِنٍ ... أَمَامَ المَطَايَا تَشْرَئِبُّ وتَسْنَحُ
  قال: اشْرَأَبَّ مَأْخُوذٌ من المَشْرَبَة، وَهي الغُرْفَةُ، كذا في لسان العرب.
  والشَّرَبَّةُ كجَرَبَّة قال شَيْخُنَا: وفي بَعْضِ النُّسَخ كخِدَبَّة، بكسْرِ الخَاءِ المُعْجَمَةِ، وفي أُخْرَى بالجيم بَدَل الخَاءِ، وكِلَاهُمَا على غَيْرِ صَوَاب، وعن كُرَاع: لَيْسَ في الكلام «فَعَلَّة» إِلَّا هذَا أَي الشَّرَبَّة، وزِيد عليه قَوْلُهُم: جَرَبَّة، وقد ذُكِرَ في مَوْضِعِهِ ولا ثَالِثَ لَهُمَا بالاستِقْرَاءِ(١)، وَهِيَ الأَرْضُ اللّيِّنَةُ المُعْشِبَةُ أَي تُنْبِتُ العُشْب لا شَجَرَ بها. قَالَ زُهَيْرٌ:
  وإِلَّا فإِنَّا بِالشَّرَبَّة فالِّلوَى ... نُعَقِّرُ أُمَّاتِ الرِّبَاعِ ونَيْسِرُ(٢)
  وشَرَبَّة بتَشْدِيدِ البَاءِ بِغَيْر تَعْرِيفٍ: ع قال سَاعِدَةُ بْنُ جُؤَيَّةَ:
  بِشَرَبَّةٍ دَمِثِ الكَثِيبِ بِدُورِه ... أَرْطَى يَعُوذُ بِهِ إِذَا ما يُرْطَبُ
  يُرْطَبُ أَي يُبَلُّ. وقال: دَمِثُ الكَثِيب، لأَنَّ الشَّرَبَّةَ مَوْضِعٌ أَو مَكَانٌ، قال ابنُ سِيدَه في المُحْكَم.
  وقال الأَصْمَعِيُّ: الشَّرَبَّةُ بِنَجْد. وفي مَرَاصِدِ الاطَّلَاع: الشَّرَبَّةُ: مَوْضِع بَيْنَ السَّلِيلَةِ والرَّبَذَةِ وهو بين الخَطِّ وَالرُّمَّةِ وخَطّ الجُرَيْب حتى يَلْتَقِيَا، والخَطُّ: مَجْرَى سَيْلِهِمَا، فَإِذَا الْتَقيَا انقطعت الشَّرَبَّة، ويَنْتَهِي أَعْلَاهَا مِن القِبْلَةِ إِلى حَزْن مُحَارِب(٣)، وقيل: هِيَ فِيمَا بَيْن الزَّبَّاءِ والنَّطُوفِ وفيها هَرْشَى، وهي هَضْبَة دُون المَدينة، وهي مُرْتَفِعَةٌ كَادَت تَكُونُ فيما(٤) بين هَضْبِ القَلِيبِ إِلَى الرَّبَذَة، وقيل: إِذا جاوزْتَ النَّقْرَةَ ومَاوَانَ تُرِيدُ مَكَّة وَقَعْتَ في الشَّرَبَّة، وهي أَشَدُّ بِلَادِ نَجْدٍ قُرّاً، ومنها الرَّبَذَةُ وتَنْقَطِعُ عِنْدُ أَعْلَى الجُرَيْب، وهي مِنْ بَلَادِ غَطَفَان، وقيل: هي فِيما بَيْن نَخْل ومَعْدِن بَنِي سُلَيْم. قال: وَهَذِه الأَقَاوِيلُ مُتَقَارِبَةٌ.
  قلت: وكونه فِي دِيَار غَطَفَان هُوَ المَفْهُومُ مِنْ كَلَامِ يَاقُوت في «أُقُرٍ» قال:
  وإِلَى الأَمِيرِ من الشَّرَبَّةِ والِّلوَى ... عَنَّيْتُ كُلَّ نَجِيبَةٍ مِحْلَالِ
  والشَّرَبَّةُ: الطَّرِيقَةُ كالمَشْرَب يقال: ما زَالَ فُلَانٌ على شَرَبَّةٍ وَاحِدَةٍ أَي على أَمْرٍ وَاحِدٍ.
  ومن المَجَاز عَنْ أَبِي عَمْرو: الشَّرْبُ: الفَهْمُ. يُقَالُ: شَرَب كنَصَرَ يَشْرُب شَرْباً إِذَا فَهِمَ وشَرَب مَا أُلْقِي إِلَيْهِ: فَهِمَه. ويقال للبَليد: احْلُب ثم اشْرُب(٥). أَي ابْرُك ثم افهم(٦). وحَلَبَ إِذَا بَرَكَ كما تَقَدَّم. وشَرِبَ كَفَرِحَ إِذَا عَطِشَ. وشَرِبَ إِذَا رَوِيَ، ضدّ.
  وشَرِبَ أَيْضاً إِذا ضَعُفَ بَعِيرُه. وشَرِبَ وفي نُسْخَةٍ: أَو
(١) وبعضهم جعل غضبة في وصف الرجل الغضوب على هذا الوزن فتكون ثلاثة لا رابع لها. قاله نصر.
(٢) نعقر عن اللسان، وبالأصل «نعفر».
(٣) في معجم البلدان: حزيز محارب.
(٤) عن معجم البلدان، وبالأصل «فيها».
(٥) في المقاييس: أسمع ثم أَشرُبْ.
(٦) عن اللسان، وبالأصل «أش».