تاج العروس من جواهر القاموس،

مرتضى الزبيدي (المتوفى: 1205 هـ)

[بلقق]:

صفحة 46 - الجزء 13

  تَصْغِيرُ تَرْخِيمٍ لأَبْلَقَ، يُضْرَبُ في المُحْسِنِ يُذَمُّ والأَبْلَقُ الفَرْدُ؛ حِصْنٌ للسَّمَوْأَلِ بن عادِيَا اليَهُودِيِّ، قِيلَ: بَناهُ أَبُوه عادِياً، وفيه يَقُول:

  بَنَى لي عادِيَا حِصْناً حَصِيناً ... وعَيْناً كُلَّما شِئْتُ اسْتَقَيْتُ⁣(⁣١)

  وأُطْماً تَزْلَقُ العِقْبانُ عَنْه ... إِذا ما ضَامَنِي أَمْرٌ أَبَيْتُ⁣(⁣٢)

  وقالَ أَيضاً:

  هو الأَبْلَقُ الفَرْدُ الذي سارَ ذِكْرُه ... يَعِزُّ عَلَى مَنْ رامَهُ ويَطُولُ⁣(⁣٣)

  أَو بَناهُ سُلَيْمانُ بنُ داوُدَ عليه وعَلَى أَبِيه السَّلامُ بأَرْضِ تَيْماءَ هكَذا ذكَره الأَعْشَى، فقالَ:

  ولا عادِيَا لم يَمْنَعِ المَوْتَ مالُه ... ووِرْدٌ⁣(⁣٤) بتَيْماءِ اليَهُودِيِّ أَبْلَقُ

  بَناهُ سُلَيْمانُ بنُ داوُدَ حِقْبَةً ... له أَزَجٌ حُمٌّ⁣(⁣٥) وطَيٌّ مُوَثَّقُ

  وأَنَّما قِيلَ له: الأَبْلَقُ؛ لأَنَّهُ كان في بِنائِه بياضٌ وحُمْرَةٌ، وقِيلَ: لأَنَّه بُنِيَ من حِجارَةٍ مُخْتَلِفَةِ الأَلْوان وقَصَدَتْهُ الزَّبّاءُ مَلِكَةُ الجَزِيرَةِ فعَجَزَتْ عنه، وعن مارِدٍ: حِصْنٍ آخرَ تَقَدَّمَ ذِكْرُه فقالَتْ: «تَمَرَّدَ مارِدٌ، وعَزَّ الأَبْلَقُ» فسَيَّرَتْهُ مَثَلاً.

  وبَلْقاءُ: د، بالشّامِ وفي سِيرَةِ الشّامِيّ أَنَّها مَقْصُورةٌ، وعليه فتُكْتَبُ بالياءِ، ووقع في نُورِ النِّبْراسِ أَنَّها بالمَدِّ، وعليه فتُرْسَمُ بالأَلِفِ وبَعْدَها همزة.

  قلتُ: والقولُ الأَخِيرُ هو الصَّوابُ، وهي: كُورةٌ مشتملةٌ على قُرًى كَثِيرَةٍ، ومَزارِعَ واسِعَةٍ، وأَنشَدَ ابنُ بَرِّيّ لحَسّان:

  انْظُرْ خَلِيلِي ببابِ جِلِّقَ هَلْ ... تُؤْنِسُ دُونَ البَلْقاءِ من أَحَدِ؟

  وبَلْقاءُ: ماءٌ لبَنِي أَبِي بَكْرٍ وبَنِي قُرَيْطٍ، وكذلك بُلَيْقٌ، وقد تَقَدَّم.

  والبَلْقاءُ: فَرَسٌ للأَحْوَصِ بنِ جَعْفَرٍ، وأُخْرَى لعَيْزارَةَ هكَذا في النُّسَخِ، والصّوابُ - كما في التَّكْمِلَةِ -: لابنِ عَيْزارَةَ، وهو قَيْسُ بنُ عَيْزارَةَ الهُذَلِيُّ، أَحَدُ الشُّعَراءِ.

  والبَلُّوقَةُ، كعَجُّورَةٍ، ويُضَمُّ نَقَلَهُما أَبو عَمْرٍو، وقالَ: هي المَفازَةُ وقالَ ابنُ دُرَيْدٍ: رُبَّما قالُوا: بُلُّوقَةٌ بالضمِّ، والفَتْحُ أَكثرُ⁣(⁣٦) وهي: الأَرْضُ المُسْتَوِيَةُ اللَّيِّنَةُ قالَ الأَصْمَعِيُّ: أَو الرَّمْلَةُ الَّتِي لا تُنْبِتُ إِلّا الرُّخامَى والثِّيرانُ تُولَعُ به، وتَحْفِرُ أُصُولَه فتَأْكُلُ عُروقاً فيه، قال ذُو الرُّمَّةِ يصِفُ ثَوْراً:

  يَرُودُ الرُّخامَى لا يَرَى مُسْتَزَادَهُ ... ببَلُّوقَةٍ إِلا كَبِيرَ المَحَافِرِ⁣(⁣٧)

  أَراد أَنّه يَسْتَثِيرُ الرُّخامَى وهي البُقْعَةُ الَّتِي ليسَ بِها شَجَرٌ، ولا تُنْبِتُ* شَيْئاً البَتَّةَ وقِيلَ: هي قَفْرٌ من الأَرْضِ لا يَسْكُنُها إِلّا الجِنُّ، وقال أَبو عُبَيْدٍ: السَّبارِيتُ: الأَرضُونَ التي لا شَيْءَ فِيها، وكذلِكَ البَلالِيقُ والمَوامِي، وقالَ أَبو خَيْرَةَ: البَلُّوقَةُ: مكانٌ صُلْبٌ بينَ الرِّمالِ، كأَنَّه مَكْنُوسٌ، تَزْعُم الأَعْرابُ أَنّه مَساكِنُ الجِنِّ، وقالَ الفَرّاءُ: البَلُّوقَةُ: أَرْضٌ واسِعَةٌ مُخْصِبَةٌّ، لا يُشارِكُكَ فِيها أَحَدٌ، يُقال: تَرَكْتُهم في بَلُّوقَةٍ منَ الأَرْضِ.

  كالبَلُّوقِ، كتنُّورٍ، ج: بَلالِيقُ قالَ الأَسْوَدُ بنُ يَعْفر: ثُمَّ ارْتَعَيْنَ البَلالِقَا والبَلُّوقَةُ: ع، بناحِيَةِ البَحْرَيْنِ فوقَ كاظِمَةَ قالَ ابنُ دُرَيْدٍ: يَزْعُمُونَ أَنّه من مَساكِنِ الجِنِّ، وقد جَمَعَها هكَذا في النُّسَخِ، وكأَنَّه نَظَر إِلى لَفْظِ البَلُّوقَة لا المَوْضِع عُمارَةُ بنُ طارِقٍ - ويُقالُ: عُمارَةُ بنُ أَرْطاةَ - عَلَى بَلالِقَ فقالَ:


(١) ديوانه ط بيروت ص ٧٩.

(٢) ديوانه ص ٧٩ برواية:

طمراً تزلق العقبان عنه ... إذا ما نابني ضيمُ أبيتُ

(٣) ديوانه ص ٩٠ برواية: «الذي شاع ذكره».

(٤) بهامش المطبوعة المصرية: «قوله: وورد، أورده في اللسان: وحصن، وقوله: حم، في المعجم: عال» وفي ديوانه ص ١١٦ وردّ.

(٥) في الديوان: له أزج عالٍ.

(٦) الجمهرة ١/ ٣٢٠.

(٧) ديوانه والتهذيب برواية: «مستراده ... كثير المحافر» وفي اللسان «مستظامه».

(*) في المطبوعة الكويتية (يُنْبِتُ).