تاج العروس من جواهر القاموس،

مرتضى الزبيدي (المتوفى: 1205 هـ)

[شعب]:

صفحة 114 - الجزء 2

  ابنُ السِّكِّيت: في الشَّعْبِ: يَكُونُ بِمَعْنَيَيْن، يَكُون إِصْلَاحاً ويكون تَفْرِيقاً. والشَّعْبُ: الصَّدْعُ الذي يَشْعَبُه الشَّعَّابُ، وإِصْلَاحُه أَيْضاً الشَّعْبُ، قاله ابن السِّكِّيت. وفي الحَدِيثِ: «اتَّخَذَ مَكَانَ الشَّعْبِ سِلْسِلَةً».

  أَي مَكَان الصَّدْعِ والشّقَ الَّذِي فيه. والشَّعَّابُ: المُلَئِّم وحِرْفَتُه: الشِّعَابَة. والشَّعْبُ: التَّفَرُّقُ⁣(⁣١) في الشَّيءِ والجَمْعُ شُعُوبٌ وفي حديثِ عَائِشَة ^ - وَوَصَفَتْ أَبَاهَا: «يَرْأَبُ شَعْبَهَا» أَي يَجْمَعُ مُتَفرِّقَ أَمْرِ الأُمَّةِ وكَلِمَتَهَا.

  والشَّعْبُ: القَبِيلَةُ العَظِيمَةُ، وقِيلَ: الحَيُّ العَظِيمُ يَتَشَعَّبُ من القَبِيلَة، وقِيلَ: هُو القَبِيلَة نَفْسُها والجمع شُعُوب.

  والشَّعْبُ: أَبو القَبَائِل الَّذِي يَنْتَسِبون إِلَيْهِ أَي يَجْمَعُهُم ويَضُمُّهم، وَفِي التَّنُزِيلِ: {وَجَعَلْناكُمْ شُعُوباً وَقَبائِلَ لِتَعارَفُوا}⁣(⁣٢).

  قال ابنُ عَبَّاسٍ في ذلك: الشُّعُوبُ: الجُمَّاعُ. والقَبَائِلُ البُطُونُ، بُطُونُ العَرَب.

  ونَقَلَ شَيْخُنَا عَنْ أَبِي عُبَيْدٍ البَكْرِيِّ في شَرْحِ نَوَادِرِ أَبِي عَلِيّ الْقَالِيّ: كُلُّ النَّاسِ حَكَى الشَّعْبَ في القَبِيلَةِ، بالفتح.

  وفي الجَبَل «بالكَسْرِ» إِلا بُنْدَار فإِنَّه رَوَاه عَنْ أَبِي عُبَيْدَة بالعَكْسِ، انْتَهى.

  وحَكَى أَبُو عُبَيْد عَنِ ابْنِ الكَلْبِيّ عَنْ أَبِيهِ، الشَّعْبُ: أَكْبَرُ مِن القَبِيلَة ثم الفَصِيلَةُ ثم العِمَارَةُ ثُمَّ البَطْنُ ثُم الفَخِذُ.

  قال الشَّيْخُ ابْنُ بَرِّيّ: الصَّحِيحُ في هَذا ما رَتَّبَه الزُّبَيْر بْنُ بَكَّار، وهو الشَّعْبُ ثُمَّ القَبِيلَةُ ثُمَّ العِمَارَةُ ثم البَطْنُ ثم الفَخِذُ ثُمَّ الفَصِيلَة. وقد نَظَمَه الزَّيْنُ العِرَاقِيّ، وذَكَرَه ابْن رَشِيقٍ في العُمدَةِ.

  قال أَبو أُسَامَة: هذِه الطَّبَقَات على تَرْتِيبِ خَلْقِ الإِنْسَان، فالشَّعْبُ أَعْظَمُهَا مُشْتَقُّ من شَعْبِ الرَّأْسِ، ثم القَبِيلَةُ مِنْ قَبِيلَة الرَّأْسِ لاجْتِمَاعِهَا⁣(⁣٣)، ثم العِمَارَةُ، وَهِيَ الصَّدْرُ، ثم البَطْنُ، ثم الفَخِذ، ثُمَّ الفَصِيلَة⁣(⁣٤)، وهِي السَّاقُ. قلت: وقال شيخنا: وزاد بعضهم العشيرة فقال:

  اقْصِد الشَّعْبَ فَهْوَ أَكثر حَيٍّ ... عَدَدَاً في الحِواء ثم القَبِيلَهْ

  ثم يَتْلُوهُمَا العِمَارَةُ ثُمَّ الْ - ... بطْنُ والفَخْذ بَعْدَها والفَصيلهْ

  ثم من بعدها العَشِيرَة لكِنْ ... هي في جَنْبِ ما ذَكَرْنَا قَلِيلَه

  قال: ونَظَمَهَا الشَّاذِلِيّ مع زِيَادَة ضَبْطِهَا فَقَال:

  شَعْبٌ بفَتْح الشِّينِ والقَبِيلَهْ ... مِنْ بَعْدِهَا عِمَارَةٌ أَصِيلَهْ

  وهْي بِكَسْرِ العَيْنِ تُرْوَى ثُمَّ قُلْ ... بَطْنٌ وفَخْذ بَعْدَها ولا تَحُلْ

  وسَادِسٌ فَصِيلَةٌ تَرْوِيهِ ... وَهْيَ الْعَشِيرةُ الَّتِي تَلِيه

  وقرأْتُ في نَفْحِ الطِّيب لأَبِي العَبَّاسِ أَحْمَد المَقَّرِيّ مَا نَصُّه: وقَالَ العَلَّامَةُ مُحَمَّد بنُ عَبْدُ الرَّحْمن الغَرْنَاطِيّ:

  الشَّعْبُ ثم قَبِيلَةٌ وعِمَارَة ... بَطْنٌ وفخْذٌ فالفَصِيلَة تَابِعَهْ

  فالشَّعْب مُجْتَمَعُ القَبِيلَةِ كُلّهَا ... ثُمَّ القَبِيلَة لِلْعِمَارَةِ جَامِعَهْ

  والبَطْنُ تَجْمَعُه العَمَائِرُ فاعْلَمَنْ ... والفَخْذُ تَجْمَعُه البُطُونُ الوَاسِعَهْ

  والفَخْذُ يَجْمَع لِلْفَصَائِل هَاكَها ... جَاءت عَلَى نَسَق لَهَا مُتَتَابَعهْ

  فخُزَيْمَةٌ شَعْبٌ وإِنَّ كِنَانَةً ... لَقَبِيلَةٌ مِنْهَا الفَضَائِلُ نَابِعَهْ

  وقُريْشُها تُسْمَى العِمَارَةَ يا فَتى ... وقُصَيُّ بَطْنٌ للأَعَادِي قَامِعَهْ

  ذَا هَاشِمُ فَخِذٌ وَذَا عَبَّاسُهَا ... كَنْزُ الفَصِيلَةِ لا تُنَاطُ بِسَابِعَه

  قلت: ومِثْلُه في المِصْبَاح وغَيْرِه مِنْ أُمَّهَاتِ اللُّغَة.

  والشَّعْبُ: الجَبَلُ هَكَذَا في النُّسَخِ، وَصَوَابُه الجِيلُ «بِكَسْرِ الجِيمِ واليَاءِ التَّحْتِيَّة السَّاكِنَة» كَما في غِيْرِ وَاحِدَةٍ من الأُمَّهَاتِ.


(١) اللسان: الشعب: الصدع والتفرق في الشيء.

(٢) سورة الحجرات الآية ١٣.

(٣) في نهاية الأرب للقلقشندي: والقبائل بمثابة قبائل الرأس، وهي القطع المشعوب بعضها إلى بعض تصل بها الشؤون وهي القنوات التي في القحف لجريان الدمع.

(٤) قال القلقشندي: وجعلوا الفصيلة تلو الفخذ لأنها النسب الأدنى الذي يصل عنه الرجل بمثابة الساق والقدم.