تاج العروس من جواهر القاموس،

مرتضى الزبيدي (المتوفى: 1205 هـ)

فصل الشين المعجمة

صفحة 117 - الجزء 2

  والشُعْبَةُ: مَا صَغُرَ مِنَ وفي نسخة عَنِ التَّلْعَةِ. وقِيلَ: ما عَظُمَ من سَوَاقِي الأَوْدِيَة. وقِيلَ: الشُّعْبَةُ: ما انْشَعَبَ من التَّلْعَةِ والوَادِي أَي عَدَلَ عَنْه وأَخَذَ في طَرِيقٍ غَيْرِ طَرِيقِه فتِلْكَ الشُّعْبَةُ. والشُعْبَةُ: صَدْعٌ في الجَبَلِ يَأْوِي إِليه المَطَرُ، كذا في النُّسَخِ وصَوَابُه الطَّيْرُ، كَذَا في لِسَانِ العَرَب وزَادَ وَهُوَ مِنْهُ. ج أَي جَمْعُ الكُلِّ شُعَبٌ وشِعَابٌ والشُّعبَة: دون الشِّعْبِ ومن المَجَاز: شُعَبُ الفَرَسِ وأَقْطَارُه: نَوَاحِيهِ كُلُّهَا. قال دُكَيْنُ بْنُ رَجَاءٍ.

  أَشَمُّ خِنْذِيذٌ مُنِيفٌ شُعَبُهْ ... يَقْتَحِمُ الفَارِسَ لولا قَيْقَبُهْ⁣(⁣١)

  أَو الشُّعَبُ: ما أَشْرَفَ مِنْهَا أَي نَوَاحِيه. وفي بَعْضِ النُّسَخ مِنْهُ، فالضَّميرُ للْفَرَس، والمُرَادُ بما أَشْرَفَ مِنْه كالعُنُق والمَنْسِج والحَجَبَات. وشُعَبُ الدَّهْرِ: حَالاتُه، قَالُه اللَّيْث.

  وأَنْشَدَ قَوْلَ ذِي الرُّمَّة المُتَقَدِّم الَّذِي هُوَ:

  ولا تَقَسَّمُ شَعْباً واحِداً شُعَبُ

  وفَسَّرَهُ فَقَال: أَي ظَنَنْتُ أَن لا يَنْقَسِم الأَمْرُ الوَاحِدُ إِلَى أُمُورٍ كَثِيرَة. قال الأَزْهَرِيُّ: ولم يجوِّد الليثُ في تَفْسِيره البَيْتِ، ومَعْنَاهُ أَنَّه وَصَفَ أَحْيَاءً كانوا مُجَتَمِعِين في الرِّبِيعِ، فلما قَصَدُوا المحَاضِرَ تَقَسَّمَتْهُم المِيَاهُ. وشُعَبُ القَوْمِ: نِيَّاتُهُم في هَذَا البَيْت، وكانت لِكُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُم نِيَّةٌ غيرُ نِيَّةِ الآخَرِين فَقَالَ: ما كنتُ أظُنُّ أنَّ نِيَّاتٍ مُخْتَلِفةً تُفَرِّقُ نِيَّةً مُجْتَمِعَة، وذَلِكَ أَنَّهم كَانُوا في مُنتَوَاهُم⁣(⁣٢) ومُنتَجَعِهم مُجتَمِعِين عَلَى نِيَّةٍ وَاحِدَة، فلما هَاجَ العُشْبُ ونَشَّتِ الغُدْرَانُ تَوَزَّعَتْهم المَحَاضِرُ وأَعْدَادُ المِيَاهِ، فهذا مَعْنَى قَوْله

  ولا تَقَسَّمُ شَعْباً واحِداً شُعَبُ

  انْتَهَى من لِسَانِ العَرب.

  ومن المجاز: [ترادفت عليه]⁣(⁣٣) نُوَبُ الزَّمَانِ وشُعَبُه: حَالاتُه، كَذَا فِي الأَسَاسِ.

  وَشَعُوبُ: قَبِيلَةٌ. قال أَبو خِرَاش:

  مَنَعْنَا من عَدِيِّ بني حُنَيْفٍ ... صِحَابَ مُضَرِّسٍ وابْنَيْ شَعُوباً

  فأَثْنُوا يا بَنِي شِجْعٍ عَلَيْنَا ... وحَقُّ ابْنَيْ شَعُوبٍ أَن يُثِيبَا

  قال ابنُ سِيدَه: كَذَا وَجَدْنَا شَعُوبٍ مَصْرُوفاً في البَيْتِ الأَخِير. ولو لمْ يُصْرَف لاحْتَمَل الزِّحَافَ.

  وشَعُوبٌ: اسْمُ المَنِيَّةِ، ذَكَرَهُ غَيْرُ وَاحِدٍ بغَيْرِ أَلِفٍ ولَامٍ كالشَّعوب مَعْرِفةً، وقد أَنْكَرَه جَمَاعَةٌ وعَدُّوه مِنَ اللَّحْنِ.

  وفي الصِّحَاح: الشُّعْبَةُ: الفُرْقَةُ. تقُولُ: شَعَبَتْهُم المَنِيَّةُ أَي فَرَّقَتْهُم، ومِنْه: سُمِّيَتِ المَنِيَّةُ شَعُوبَ [لأنها تُفرقُ]⁣(⁣٤)، وهي مَعْرِفَةٌ لا تَنْصَرِفُ ولا يَدْخُلُهَا⁣(⁣٥) الأَلِفُ والَّلامُ.

  وفي لِسَانِ العَرَبِ: وقِيلَ: شَعُوبُ والشَّعُوبُ كِلْتَاهُمَا المَنِيَّة لأَنَّها تُفَرِّقُ. أَما قَوْلُهم فيها شَعُوبُ، بغير لام، والشَّعُوبُ، باللام، فقد يُمْكِن أَنْ يَكُونَ في الأَصْل صِفَةً، لأَنَّه - من أَمْثِلَة الصِّفَاتِ - بِمَنْزِلَة قَتُول وضَرُوب، وإِذَا كَانَ كَذَلِك فَالَّلام فِيه بمَنْزِلَتها في العبَّاسِ والْحَسَن والحَارِث.

  ويُؤَكِّد هَذَا عِنْدَك أَنَّهم قَالُوا في اشْتِقَاقِها إِنَّمَا⁣(⁣٦) سُمِّيت شَعُوب، لأَنَّها تَشْعَبُ، أَي تُفَرِّقُ وهذا المَعْنَى يُؤَكِّد الوَصْفِيَّة فِيها، وهَذَا أَقْوَى من أَن تُجْعَلَ الَّلامُ زَائِدَةً. ومن قَالَ شَعُوبُ، بِلَا لَامٍ، خَلَصَتْ عِنْدَه اسْماً صَرِيحاً، وأَعْرَاهَا في اللِّفْظِ من مَذْهَبِ الصِّفَة، فلِذَلِكَ لم يُلْزِمْهَا⁣(⁣٧) الَّلام كما فَعَلَ ذَلِكَ مَنْ قَالَ: عَبَّاس وحَارِث إِلَّا أَنَّ رَوَائِح الصِّفَةِ فِيهِ عَلَى كُلِّ حَالٍ وإِنْ لم تَكُنْ فيه لَامٌ. أَلَا تَرَى أَنَّ أَبَا زَيْد حَكَى أَنهم يُسَمُّونَ الخُبْزَ جَابِرَ بْنَ حَبَّةَ، وإِنَّما سَمَّوْه بِذَلِك لأَنه يَجْبُر الجَائِع، فَقَدْ تَرَى مَعْنَى الصِّفَة فِيه وإِنْ لَمْ تَدْخُلْه الِّلامُ. ومِنْ ذَلِكَ قَوْلُهم: وَاسِطٌ. قال سِيبَوَيْهِ: سَمَّوْهُ واسِطاً، لأَنَّه وَسَطَ⁣(⁣٨) بَيْنَ العِرَاقِ والبَصْرَةِ، فمَعْنَى الصِّفَةِ فِيهِ وإِنْ لَمْ يَكُن في لَفْظِه لَامٌ، انْتَهَى.

  ويُقَالُ: أَقَصَّتْه شَعُوبُ إقْصَاصاً إِذَا أَشْرَف على المَنِيَّة ثم


(١) الخنذيذ: الجيد من الخيل، وقد يكون الخصي. والقيب: السرج.

(٢) عن اللسان، وبالأصل «مثواهم».

(٣) زيادة عن الأساس.

(٤) زيادة عن الصحاح.

(٥) في الصحاح: لا تدخلها.

(٦) اللسان: إنها.

(٧) عن اللسان، وبالأصل «تلزمها».

(٨) بالأصل «من وسط» وما أثبتناه عن اللسان.