تاج العروس من جواهر القاموس،

مرتضى الزبيدي (المتوفى: 1205 هـ)

فصل الشين المعجمة

صفحة 116 - الجزء 2

  والشَّعَبُ: تَبَاعُدُ مَا بَيْنَ القَرْنَيْن، وقَدْ شَعِبَ كَفرِح شَعَباً وهُوَ أَشْعَبُ. وظَبْيٌ أَشْعَبُ بَيِّنُ الشَّعَبِ إِذا تَفَرَّقَ قَرْنَاه فَتَبَايَنَا بَيْنُونَةً شَدِيدَةً وكَانَ مَا بَيْنَ قَرْنَيْه بَعِيداً جِدّاً، والجَمْعُ شُعْبٌ.

  وتَيْسٌ أَشْعَبُ، وعَنْزٌ شَعْبَاءُ.

  والشَّاعِبَان: المَنْكِبَان لتَبَاعُدِهِمَا، يمانية.

  ومن المَجَاز: الشُّعَبُ كَصُرَدٍ: الأَصابعُ. يقال: قَبَضَ عَلَيْهِ بِشُعَبِ يَدِه: أَصَابِعِه. واغْرِزِ اللحْمَ في شُعَب السَّفُّودِ، كَذَا في الأَسَاس.

  والشَّعِيبُ كأَمِيرٍ: المَزَادَةُ المَشْعُوبَةُ أَو هِيَ الَّتِي من أَدِيمَيْن وقِيلَ: مِنْ أَدِيمن يُقَابَلَان لَيْسَ فِيهِمَا فِئامٌ فِي زَوَايَاهُمَا. والفِئَامُ في الْمَزَايِدِ: أَن يُؤْخَذَ الأَدِيمُ فيُثْنَى. ثم يُزَادَ في جَوَانِبِها ما يُوَسِّعُها. قال الرَّاعِي يَصِفُ إِبِلاً تَرْعَى في العَزِيبِ⁣(⁣١):

  إِذا لَمْ تُرَحْ أَدَّى إِلَيْهَا مُعَجِّلٌ ... شَعِيبَ أَدِيم ذَا فِرَاغَيْنِ مُتْرَعا

  يعني ذا أَدِيمَيْن قُوبِلَ بينهما.

  وقيل: التي تُفأَمُ بِجِلْدٍ ثَالِثٍ بَيْنَ الجِلْدَيْن لتَتَّسِعَ.

  وقِيلَ: هِيَ التي من قِطْعَتَنِ شُعِبَتْ إِحْدَاهُمَا إِلَى الأُخْرَى أَي ضُمَّت. أَو هِيَ المَخْرُوزَةُ مِنْ وَجْهَيْن وكُلُّ ذلِك من الجَمْع. والشَّعِيبُ أَيضاً: السِّقَاءُ البَالِي لأَنَّهُ يُشْعَبُ.

  ج أَي جَمْعُ كُلّ ذَلِك شُعُب كَكُتُبٍ.

  وفي لِسَانِ العَرَب: الشَّعِيبُ والمَزَادَةُ والرَّاوِيَة والسَّطِيحَةُ شَيْء واحد، سُمِّي بِذلك لأَنَّه ضُمَّ بَعْضُه إِلَى بَعْض. وفي قَوْلِ المَرَّارِ يَصِفُ نَاقَةً:

  إِذا هِيَ خَرَّتْ خَرَّ مِنْ عَنْ يَمِينِهَا ... شَعِيبٌ بِهِ إِجْمَامُهَا ولُغُوبُهَا⁣(⁣٢)

  يَعْنِي الرَّحْلَ، لأَنَّه مَشْعُوبٌ بَعْضُهُ إِلَى بَعْضٍ أَي مَضْمومٌ.

  والشُّعْبَةُ بالضَّمِّ: ما بَيْنَ القَرْنَيْن لتَفْرِيقِهما⁣(⁣٣) بَيْنَهُمَا وما بَيْن الغُصْنَيْن ومثله في الأَساس. والشُّعْبَةُ: الفِرْقَةُ والطَّائِفَةُ من الشَّيءِ. وفي يَدِه شُعْبَةُ خَيْرٍ مَثَلٌ بِذَلِكَ. ويقال: اشْعَبْ لِي شُعْبَةً مِنَ الْمَالِ أَي أَعْطِنِي قِطْعَةً مِنْ مَالِك. وفي يَدِي شُعْبَةٌ مِنْ مَالٍ. وفي الحديث: «الحَيَاءُ شُعْبَةٌ مِن الإِيمان» أَي طَائِفَةٌ مِنْه وقِطْعَة⁣(⁣٤). وَفي حَدِيثِ ابْنِ مَسْعُود: «الشَّبَابُ شُعْبَةٌ من الجُنُونِ»⁣(⁣٥)، وقَوْلُه تَعَالَى: {إِلى ظِلٍّ ذِي ثَلاثِ شُعَبٍ}⁣(⁣٦).

  قال ثَعْلَب: يقال: إِنَّ النارَ يَوْمَ القِيَامة تنفَرِق⁣(⁣٧) ثَلاثَ فِرَق فكُلَّمَا ذَهَبُوا أَنْ يَخْرُجُوا إِلى مَوْضِعِ رَدَّتْهُم. ومعنى الظِّلِّ هُنَا أَنَّ النَّارَ أَظَلَّتْه لِأَنَّه لَيْسَ هنَاك⁣(⁣٨) ظِلّ، كذا في لسان العَرَب.

  والشُّعْبَةُ من الشَّجَرِ: ما تَفَرَّقَ مِنْ أَغْصَانِهَا. قَالَ لَبِيدٌ:

  تَسْلُبُ الكَانِسَ لم يُؤْرَ بها⁣(⁣٩) ... شُعْبةَ السَّاقِ إِذا الظِّلُّ عَقَلْ

  وتَشَعَّبَت أَغْصَانُ الشَّجَرَة وانْشَعَبَت: انْتَشَرت وتَفَرَّقَتْ.

  وشُعْبَة⁣(⁣١٠): غُصْن من أَغْصَانِها وقيل: الشُّعْبَةُ: طَرَفُ الغُصْنِ، وَهُوَ مَجَاز. وشُعَبُهُ: أَطْرَافُه المُتَفَرِّقَةُ، وكُلُّه رَاجِع إلى مَعْنَى الافْتِرَاقِ، وقِيلَ: مَا بَيْنَ كُلِّ غُصْنَيْن شُعْبَة.

  ويُقَالُ: هَذِه عَصا فِي رَأْسِهَا شُعْبَتَان. قال الأَزْهَرِيّ: وسَمَاعِي مِن الْعَرَبِ عَصاً في رَأْسِها شُعْبَانِ، بِغَيْرتَاءٍ، كَذَا قَالَه ابْنُ مَنْظُور.

  وفي الأَسَاسِ، ومِنَ المَجَازِ: أَنَا شُعْبَةٌ مِنْ دَوْحَتِكَ وغُصْنٌ مِنْ سَرْحَتِك.

  والشُّعْبَةُ: المَسِيلُ في ارْتِفَاع قَرَارَة الرَّمْلِ. والشُّعْبَةُ: المَسِيلُ الصَّغِيرُ. يقال: شُعْبَةٌ حافِلٌ أَي مُمْتَلِئَةٌ سَيْلاً.


(١) عن اللسان، وبالأصل «الغريب».

(٢) «إحمامها» عن اللسان، وبالأصل «إحمامها» بالحاء.

(٣) في اللسان: لتفريقها.

(٤) زيد في النهاية: وإنما جعله بعضه لأن المستحي بنقطع بحيائه عن المعاصي وإن لم تكن له تقية، فصار كالإيمان الذي يقطع بينها وبينه.

(٥) في النهاية: إنما جعله شعبة منه لأن الجنون يزيل العقل وكذلك الشباب قد يسرع إلى قلة العقل لما فيه من كثرة الميل إلى الشهوات والأقدام على المضارّ.

(٦) سورة المرسلات الآية ٣٠.

(٧) في اللسان: تتفرق إلى ثلاث.

(٨) عن اللسان، وبالأصل «هنا».

(٩) اللسان (أرى): يُوأَرْ بها. قال الليث: لم يوأر بها لم يذعر. ويروى لم يورأ بها أي لم يشعر بها. قال: وهو مقلوب من أريته أي أعلمته.

ويروى: لم يورا على تخفيف الهمزة، ويروى لم يؤْرَ بها بوزن لم يُعْرَ من الأرى أي لم يلصق بصدره الفزع.

(١٠) اللسان: وشُعبة الساق.