تاج العروس من جواهر القاموس،

مرتضى الزبيدي (المتوفى: 1205 هـ)

[دهنق]:

صفحة 153 - الجزء 13

  دَهْمَقَهُ الفاتِلُ بَيْنَ الكَفَّيْنْ ... فهو أَمِينٌ مَتْنُه⁣(⁣١) يُرْضِي العَيْنَ

  وقالَ الأَصْمَعِيُّ: دَهْمَقَ الطَّعامَ: إِذا طَيَّبَهُ، ورَقَّقَه، ولَيَّنَهُ نقله الجوهريُّ، ومنه حَدِيثُ عُمَرَ ¥: «لو شِئْتُ أَنْ يُدَهْمَقَ لي لفَعَلْتُ، ولكِنَّ الله عابَ قَوْماً فقالَ: {أَذْهَبْتُمْ طَيِّباتِكُمْ فِي حَياتِكُمُ الدُّنْيا وَاسْتَمْتَعْتُمْ بِها}⁣(⁣٢) معناه: لو شِئْتُ أَنْ يُلَيَّنَ لي الطَّعامُ ويُجَوَّدَ.

  أَو دَهْمَقَهُ، فهو مُدَهْمِقٌ: لم يُجَوِّدْه فهو ضِدٌّ، واحتَجّ من قالَ ذلك بما أَنْشَدَهُ ابنُ الأَعْرابِيِّ:

  إِذا أَرَدْتَ عَمَلاً سُوقِيَّا ... مُدَهْمَقاً فادْعُ له سَلْمِيّا

  وأَنْكَرَ ذلِكَ أَبو حاتِمٍ، فقال: ظَنُّوا أَنَّ السُّوقِيَّ: الرَّدِيءُ، وأَصْحابُ المَرائِي يُعْطُونَ على جَلاءِ المِرْآةِ، فإِذا اشْتَرَطُوا عمَلاً سُوقِيًّا: أَضْعَفُوا الكِراءَ، وهو أَجْوَدُ العَمَلِ.

  والدُّهامِقُ، كعُلابِطٍ: التُّرابُ اللَّيِّنُ، قالَ اللَّيْثُ: وأَنْشَدَنِي خَلَفٌ الأحْمَرُ في نَعْتِ أَرْضٍ:

  جَوْنٌ رَوابِي تُرْبِهِ دُهامِقُ

  كما في الصِّحاحِ، وأَنْشَد ابنُ دُرَيْدِ:

  كأَنَّما في تُرْبِه الدُّهامِقِ ... من آلِهِ تَحْتَ الهَجِيرِ الوادِقِ⁣(⁣٣)

  والمُدَهْمَقُ من القِداحِ: النَّقِيُّ من العُيُوبِ، المُسْتَوِي، المَتْنِ، وهو: المُشَقَّقُ أَيضاً، وأَنشدَ ابنُ سَمْعانَ:

  كأَنّ رِزَّ الوَتَرِ المُدَهْمَقِ ... إِذا مَطاهَا هَزَمٌ من فَرَقِ

  والمُدَهْمَقُ مِنَ الطَّعامِ: غيرُ المُجَوَّدِ وقد تَقَدَّم البحثُ فيه قريباً.

  وكتابٌ مُدَهْمَقٌ: لَطِيفٌ وكذا: كِتابَةٌ مُدَهْمَقَةٌ، أَي: لَطِيفَةٌ.

  ووَتَرٌ كَذَا أَي: مُدَهْمَقٌ: لَيِّنٌ عن ابنِ عَبّادٍ. والمُدَهْمِقُ بكسرِ المِيمِ الثانِيةِ: لَقَبُ مُدْرِكٍ الفَقْعَسِيِّ، قالَ ابنُ الأَعْرابِيِّ: لفَصاحَتِه وجَوْدَةِ شِعْرِه، تَقُول: هو مُدَهْمِقٌ ما يُطاقُ لِسانُه؛ لتَجْوِيدِه الكَلامَ، وتَحْبِيرِه إِيّاهُ.

  * ومما يُسْتَدْرَكُ عليه:

  أَرْضٌ دَهامِيقُ: ليِّنَةٌ دَقِيقَةٌ.

  وِدِهْمَقَ الطَّحِينَ: رَقَّقَه⁣(⁣٤) ولَيَّنَهُ.

  وَدَهْمَقَ اللَّحْمَ مثل دَهْدَقَه.

  ودَهْمَقْتُ في الشَّيْءِ، أَي: أَسْرَعْتُ، نقله الأَزْهَرِيُّ.

  [دهنق]: الدَّهْنَقَةُ أَهملَه الجَمَاعَةُ، وهو الدَّهْمَقَةُ في مَعانِيها.

  قُلْتُ: وفيه نَظَرٌ، فإِنَّ الَّذِي صَرَّح به أَبو عُبَيْدٍ ما نَصُّه: الدَّهْمَقَة، والدَّهْقَنَةُ سواءٌ، والمَعْنَى فيهِما سواءٌ؛ لأَنَّ لِينَ الطَّعامِ من الدَّهْقَنَة، وهكذا نَقَله الأَزْهَرِيُّ والصاغانيُّ، فجاءَ المُصَنِّفُ وحَرَّفَه، وقدَّم النونَ على القافِ، وأَفْردَ له تَرْكِيباً مستقِلًّا، فتأَمّل ذلك.

  [ديق]: داقَهُ يَدِيقُه دَيْقاً أَهْمَله الجَوْهَريُّ وصاحِبُ اللِّسانِ، وقال ابنُ دُرَيْد⁣(⁣٥): أَي: أَراغَهُ لِينْتَزِعَهُ كما في العُبابِ والتَّكْمِلَة.

  * ومما يستدرك عليه:

  دِيقَهُ، بالكسر: موضِعٌ عن اليَعْقُوبِيِّ.

فصل الذال مع القاف

  [ذرق]: ذَرَقَ الطائِرُ يَذْرُقُ، ويَذْرِقُ من حَدَّيْ نَصَر وضَرَبَ، أَي: زَرَقَ، ولمَّا سَأَلَ عمرُ حَسّانَ بنَ ثابِتٍ ® عن هِجاءِ الحُطَيْئَةِ الزِّبْرِقانَ بنَ بَدْرٍ التَّمِيميَّ ¥ بقولِه:

  دَعِ المَكارِمَ لا تَرْحَلْ لبُغْيَتِها ... واقْعُدْ فإِنَّك أَنْتَ الطّاعِمُ الكاسِي


(١) عن اللسان والتكملة وبالأصل «نفسه».

(٢) سورة الأحقاف الآية ٢٠.

(٣) الجمهرة ٣/ ٣٩٤.

(٤) في اللسان: دقّقه.

(٥) الجمهرة ٢/ ٢٩٦.