فصل الشين المعجمة مع القاف
  ومن المَجازِ: شَرِقَت الشَّمْسُ: ضَعُفَ ضَوْءُها وقيل: شَرِقَت الشَّمْسُ: إِذا اخْتَلَطَتْ بها كُدُورَةٌ ثم قَلَّتْ، أَو: إِذا دَنَتْ للغُرُوبِ، وأَضافَهُ ﷺ إِلى المَوْتَى فقالَ: «لَعَلَّكُم سَتُدْرِكُونَ أَقْوَاماً يُؤَخِّرُون الصَّلاةَ إِلى شَرَقِ المَوْتَى فَصَلُّوا الصَّلاةَ للوَقْتِ الَّذِي تَعْرِفُونَ، ثُمّ صَلُّوها مَعَهُم» لأَنّ ضَوْءَها عِنْدَ ذلِك الوَقْتِ ساقِطٌ عَلَى المَقابِرِ، فلِذلِكَ أَضافَه إِلى المَوْتَى، وسُئِلَ الحَسَنُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ الحَنَفِيَّةِ عَنْ شَرَقِ المَوْتَى، فقالَ: أَلَمْ تَرَ إِلَى الشَّمْسِ إِذا ارْتَفَعَتْ عن الحِيطانِ، وصارَتْ بينَ القُبُورِ كأَنَّها لُجَّةٌ فذلِكَ شَرَقُ المَوْتَى.
  أَو أَرادَ أَنَّهُم يُصَلُّونَها أَي: الصَّلاةَ، هكذا هو فِي الصِّحاحِ والعُبابِ، من غيرِ تَقْيِيدٍ، وقَيَّدَها بعضهُم بصَلاةِ الجُمُعَةِ، ولم يَبْقَ من النَّهارِ إِلّا بقَدْرِ ما يَبْقَى من نَفْسِ المُحْتَضَرِ إِذا شَرِقَ برِيقِه عندَ المَوْتِ، أَرادَ فَوْتَ وَقْتِها، قال الصّاغانِيُّ: ومنه قَوْلُ ذِي الرُّمَّةِ يَصِفُ الحُمُرَ:
  فلَمّا رَأَيْنَ اللَّيْلَ والشَّمْسُ حَيَّةٌ ... حَياةَ الّذِي يَقْضِي حُشَاشَةَ نازِعِ
  نَحاها لثَأجٍ(١) نَحْوَةً ثُمَّ إِنَّهُ ... تَوَخَّى بِها العَيْنَيْنِ عَيْنَيْ مُتالِعِ
  وقال أَبو زيد: تُكْرَهُ الصّلاةُ بشَرَقِ المَوْتَى حِينَ تَصْفَرُّ الشَّمْسُ، وفَعَلْتُ ذلِكَ بشَرَقِ المَوْتَى: عِنْدَ ذلِكَ الوَقْتِ، وفي الحَدِيثِ: «أَنَّهُ ذَكَر الدُّنْيا فقالَ: إِنَّما بَقِي مِنْها كشَرَقِ المَوْتَى»؛ له مَعْنيانِ: أَحَدُهما: أَنَّه أَرادَ بهِ آخِرَ النَّهارِ؛ لأَنَّ الشَّمْسَ في ذلِكَ الوَقْتِ إِنّما تَلْبَثُ قَلِيلاً(٢)، ثمّ تَغِيبُ، فشَبَّهَ [قِلَّةَ] ما بَقِيَ من الدُّنْيا ببَقاءِ الشَّمْسِ تلكَ السّاعَةَ، والآخر: من قَوْلِهِم: شَرِقَ المَيِّتُ برِيقِه: إِذا غُصَّ به، فشَبَّه قِلَّةَ ما بَقِيَ مِنَ الدُّنْيا بما بَقِيَ من حَياةِ الشَّرِقِ بِريقِه إِلى أَنْ يَخْرُجَ نَفَسُه.
  وقالَ ابنُ عَبّادٍ: الشَّرَقَةُ مُحَرَّكَةً: السِّمَةُ التي تُوسَمُ بها الشّاةُ الشَّرْقاءُ وهي المَقْطُوعةُ الأَذُنِ، وهو قولُ الأَصْمَعيِّ.
  والشَّرِيقُ كأَمِيرٍ: المَرْأَةُ الصَّغِيرَةُ الجَهازِ أَي: الفَرْجِ، عن ابْنِ عَبّادٍ أَو هِي المُفْضاةُ. وشَرِيقٌ: اسْم رَجُلٍ.
  وشَرِيق: اسمُ ع باليَمَنِ.
  والشَّرِيقُ: الغُلامُ الحَسَنُ الوَجْهِ ج: شُرُقٌ بضَمَّتَيْنِ، وهُم الغِلْمانُ الرُّوقُ.
  وأَشْرَقَ الرَّجُلُ: دَخَل في وَقْتِ شُرُوقِ الشَّمْسِ كما تَقُول: أَفْجَرَ، وأَضْحَى، وأَظْهَرَ، وفي التَّنْزِيل: {فَأَخَذَتْهُمُ الصَّيْحَةُ مُشْرِقِينَ}(٣) أي: مُصْبِحِينَ، وكَذلِك قولُه تَعالى: {فَأَتْبَعُوهُمْ مُشْرِقِينَ}(٤) ومنه أَيضاً قولُه:
  أَشْرِقْ ثَبِير، ... كَيْما نُغِير
  ، يُرِيدُ ادْخُل أَيُّها الجَبَلُ في الشَّرْقِ، وهو ضَوْءُ الشَّمْسِ، كما تَقُولُ: أَجْنَبَ: إِذا دَخَلَ في الجَنُوبِ، وأَشْمَلَ: دَخَل في الشَّمالِ.
  وأَشْرَقَت الشَّمْسُ إِشْراقاً: أَضاءَتْ وانْبَسَطَتْ عَلَى الأَرْضِ.
  وقِيلَ: شَرَقَت وأَشْرَقَت كِلاهُما: طَلَعَتْ، وقد تَقَدَّمَ، وكلاهما صَحِيحٌ، وفي حَدِيث ابْنِ عَبّاسٍ: «نهى عن الصَّلاةِ بعدَ الصُّبْحِ حَتّى تَشْرُقَ الشَّمْسُ»، فإِنْ أَرادَ الطُّلُوعَ فقد جاءَ في الحَدِيثِ الآخَر: «حَتّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ» وإِن أَرادَ الإِضاءَةَ فقد وَرَد في حَدِيث آخَر: «حَتّى تَرْتَفِعَ الشَّمْسُ»، والإِضاءَةُ مع الارْتِفاعِ، قالَ شَيْخُنا: وجَوَّزَ بعضُهم تَعَدِّي أَشْرَقَ، كقَوْلِه:
  ثَلاثَةٌ تُشْرِقُ الدُّنْيا ببَهْجَتِها ... شَمْسُ الضُّحَى، وأَبو إِسْحقَ، والقَمَرُ(٥)
  ولا حُجَّةَ فيهِ؛ لاحْتِمالِ فاعِلِيَّةِ الدُّنْيا، كما هو الظّاهِرُ، ولِذا قِيلَ: إِنّ تَعْدِيَتَه من كَلامِ المُوَلَّدِينَ، وإِنْ حكاهُ صاحِبُ الكَشّافِ، فإِنَّ الشّائِعَ المَعْرُوفَ اسْتِعمالُه لازِماً، كما حَقَّقتُهُ في تَخْلِيصِ التَّلْخِيص لشَواهِدِ التَّلْخِيص، وأَشارَ إِلى بعضِه أَربابُ الحَواشِي السَّعْدِيَّة، انتهى.
  ومن المَجازِ: أَشْرَقَ الثَّوْبُ في الصِّبْغِ، وفي المُحِيطِ والأَساسِ: بالصِّبْغِ، فهو مُشْرِقٌ حُمْرَةً: إِذا بالَغَ في
(١) عن الديوان وبالأصل «نحاها لتاج».
(٢) في التهذيب: «تلبث ساعة» والأصل كاللسان. والزيادة التالية عن التهذيب.
(٣) سورة الحجر الآية ٧٣.
(٤) سورة الشعراء الآية ٦٠.
(٥) نسبه في المطبوعة الكويتية لمحمد بن وهيب في المعتصم بالله العباسي.