فصل الشين المعجمة مع القاف
  صِبْغِه، وفي اللِّسانِ: بالَغَ في حُمْرَتِه(١).
  وأَشْرَقَ عَدُوَّه: إِذا أَغَصَّهُ قال الكُمَيْتُ:
  حَتّى إِذا اعْتَزَلَ الزِّحامَ أَذْقْنَهُ ... جُرَعَ العَداوَةِ بالمُغِصِّ المُشْرِقِ
  وقالَ الزَّمَخْشَرِيُّ: أَشْرَقْتُ فُلاناً بِرِيقِه: إِذا لَمْ تُسَوِّغْ له ما يَأْتِي من قَوْلٍ أَو فِعْلٍ، وهو مَجازٌ.
  وقالَ شَمِرٌ وابنُ الأَعْرابِيِّ:
  التَّشْرِيقُ: الجَمالُ، وإِشْراقُ الوَجْهِ وأَنْشَدَا - للمَرّارِ بنِ سَعِيدٍ الفَقْعَسِيّ -:
  ويَزِينُهُنَّ مع الجَمالِ مَلاحَةٌ ... والدَّلُّ والتَّشْرِيقُ والعَذْمُ(٢)
  قالَ الصّاغانِيُّ: العَذْمُ: العَضُّ من اللِّسانِ بالكَلامِ.
  والتَّشْرِيقُ: الأَخْذُ في ناحِيَةِ الشَّرْقِ ومنه قولُه:
  سارَتْ مُغَرِّبَةً وسِرْتُ مُشَرِّقاً ... شَتّانَ بينَ مُشَرِّقٍ ومُغَرِّبِ(٣)
  وقَدْ شَرَّقُوا: إِذا ذَهَبُوا إِلى الشَّرْقِ، أَو أَتَوْا الشَّرْقَ، وفي الحَدِيثِ: «ولكن شَرِّقُوا أَو غَرِّبُوا» هذا أَمْرٌ لأَهْلِ المَدِينَةِ، ومن كانَتْ قِبْلَتُه على ذلِكَ السَّمْتِ ممن هو في جِهَتَي الشَّمالِ والجَنُوب، فأَمّا من كانَتْ قِبْلَتُه في جِهَةِ الشَّرْقِ أَو الغَرْبِ(٤) فلا يَجُوزُ له أَنْ يُشَرِّقَ أَو يُغَرِّبَ، إِنّما يَجْتَنِبُ ويَشْتَمِلُ.
  والتَّشْرِيقُ: تَقْدِيدُ اللَّحْمِ، ومنه سُمِّيَتْ أَيّامُ التَّشْرِيقِ، وهي ثَلاثَةُ أَيّامٍ بعدَ يَوْمِ النَّحْرِ؛ لأَنَّ لُحُومَ الأَضاحِي تُشرَّقُ فِيها، أَي: تُشَرَّرُ في الشَّمْسِ، حَكاهُ يَعْقُوب، وقِيلَ: سُمِّيَتْ بذلِك لقَوْلِهم: أَشْرقْ ثَبِير، كَيْما نُغِير، أَو لأَنَّ الهَدْيَ لا يُنْحَرُ حَتَّى تَشْرُقَ الشَّمْسُ قالَهُ ابنُ الأَعْرابِيِّ، قالَ أَبو عُبَيْدٍ: وكانَ أَبو حَنِيفَةَ يَذْهَبُ بالتَّشْرِيقِ إِلى التَّكْبِيرِ، ولم يَذْهَبْ إِليهِ غَيْرُه، وفِي الحَدِيثِ: «أَيّامُ التَّشْرِيقِ أَيّامُ أَكْلٍ وشُرْبٍ وذِكْرِ الله» ورَواهُ أَبو عُبَيْدَةَ(٥) شُرْبٍ وبِعالٍ والأَوّلُ صَحِيحٌ، ذَكَره مُسْلِمٌ، والثّانِي مُنْقَطِعٌ واهٍ، قاله الصّاغانِيُّ، وفي الحَدِيثِ: «مَنْ ذَبَحَ قَبْلَ التَّشْرِيقِ فليُعِدْ» أَي: قَبْلَ أَنْ يُصَلِّيَ صَلاةَ العِيدِ، وهو من شُرُوقِ الشَّمْسِ وإِشْراقِها؛ لأَنَّ ذلِكَ وَقْتُها، كأَنَّه عَلَى شَرَقٍ إِذا صَلَّى وَقْتَ الشُّرُوقِ، كما يُقالُ: صَبَّحَ ومَسَّى: إِذا أَتَى في هذينِ الوَقْتَيْنِ.
  ومنه المُشَرَّقُ، كمُعَظَّمٍ: مَسْجِدُ الخَيْفِ.
  وكذلِك المُصَلَّى وفِي حَدِيثِ عَلِيٍّ ¥: «لا جُمْعَةَ ولا تَشْرِيقَ إِلّا في مِصْرٍ جامِعٍ»، وفي حَدِيثِ مَسْرُوقٍ: «انْطَلِقْ بِنا إِلى مُشَرَّقِكُمْ» يَعْنِي المُصَلّى، وسأَلَ أَعْرابِيٌّ رَجُلاً فقالَ: أَيْنَ مَنْزِلُ المُشَرَّقِ؟ يَعْنِي الّذِي يُصَلَّى فيه العِيدُ، وقِيلَ: المُشَرَّقُ: مُصَلّى العِيدِ بمَكَّةَ، وقِيلَ: مُصَلَّى العِيدِ مُطْلَقاً، وقِيلَ: مُصَلّى العِيدَيْنِ، وقِيلَ: المُصَلَّى مُطْلَقاً، كما جَنَح إِليه المُصَنِّفُ، ورَوَى شُعْبَةُ عن سِماكِ بنِ حَرْبٍ أَنّه قالَ له يومَ عِيدٍ: اذْهَبْ بِنا إِلى المُشَرَّقِ، يَعْنِي المُصَلَّى، وفي ذلِكَ يَقُولُ الأَخْطَل:
  وبالهَدايا(٦) إِذا احْمَرَّتْ مَذارِعُها ... في يَوْمِ ذَبْحٍ وتَشْرِيقٍ وتَنْحارِ
  وأَمّا قَوْلُ أَبِي ذُؤَيْبٍ الهُذَلِيِّ:
  حَتَّى كأَنِّي للحَوادِثِ مَرْوَةٌ ... بصَفا المُشَرَّقِ كُلَّ يَوْمٍ تُقْرَعُ(٧)
  فإِنَّه اخْتُلِفَ فيه، فقِيلَ: المُشَرَّقُ: جَبَلٌ لهُذَيْلٍ بسُوقِ الطّائِف، قاله الأَخْفَشُ وأَبُو عُبَيْدٍ.
  وقالَ أَبُو عُبَيْدَةَ: هو سُوقُ الطّائِفِ نفسِها وقال الباهِلِيُّ: هو جَبَل البَرَام، وروى ابنُ الأَعْرابِيِّ: «بصَفا المُشَقَّرِ» وهو حِصْنٌ بالبَحْرَيْنِ بهَجَرَ، وابنُ(٨) أَبِي ذُؤُيْب من المُشَقَّر من البَحْرَيْنِ، قالَ ابنُ الأَعْرابِيِّ: وهو الّذِي ذَكَرهُ امْرُؤُ القَيْسِ، فقال:
(١) في الجمهرة ٢/ ٣٤٧ وشَرِق الثوبُ بالصُبغ إذا احمرّ واشتدت حمرته.
(٢) الأصل والتكملة وفي اللسان «والفخرُ» بدل «والعذمُ» ونبه بهامشه مصححه إلى رواية التاج.
(٣) عجزه في اللسان، وجعله نثراً.
(٤) اللسان: المشرق أو المغرب.
(٥) بهامش المطبوعة المصرية: «قوله: ورواه أبو عبيدة شرب ... الخ هكذا بالأصل خالياً عن النقط، وانظر الحديث».
(٦) في الديوان: وبالهدْي.
(٧) ديوان الهذليين ١/ ٣ وبهامشه فسر المشرّق بمسجد الخيف.
(٨) بهامش المطبوعة المصرية: «قوله: وابن أبي ذؤيب الخ هكذا بالأصل، ولعل لفظة: ابن، زائدة أو العبارة محرفة وحررها ا هـ».