تاج العروس من جواهر القاموس،

مرتضى الزبيدي (المتوفى: 1205 هـ)

فصل الشين المعجمة مع القاف

صفحة 241 - الجزء 13

  صِبْغِه، وفي اللِّسانِ: بالَغَ في حُمْرَتِه⁣(⁣١).

  وأَشْرَقَ عَدُوَّه: إِذا أَغَصَّهُ قال الكُمَيْتُ:

  حَتّى إِذا اعْتَزَلَ الزِّحامَ أَذْقْنَهُ ... جُرَعَ العَداوَةِ بالمُغِصِّ المُشْرِقِ

  وقالَ الزَّمَخْشَرِيُّ: أَشْرَقْتُ فُلاناً بِرِيقِه: إِذا لَمْ تُسَوِّغْ له ما يَأْتِي من قَوْلٍ أَو فِعْلٍ، وهو مَجازٌ.

  وقالَ شَمِرٌ وابنُ الأَعْرابِيِّ:

  التَّشْرِيقُ: الجَمالُ، وإِشْراقُ الوَجْهِ وأَنْشَدَا - للمَرّارِ بنِ سَعِيدٍ الفَقْعَسِيّ -:

  ويَزِينُهُنَّ مع الجَمالِ مَلاحَةٌ ... والدَّلُّ والتَّشْرِيقُ والعَذْمُ⁣(⁣٢)

  قالَ الصّاغانِيُّ: العَذْمُ: العَضُّ من اللِّسانِ بالكَلامِ.

  والتَّشْرِيقُ: الأَخْذُ في ناحِيَةِ الشَّرْقِ ومنه قولُه:

  سارَتْ مُغَرِّبَةً وسِرْتُ مُشَرِّقاً ... شَتّانَ بينَ مُشَرِّقٍ ومُغَرِّبِ⁣(⁣٣)

  وقَدْ شَرَّقُوا: إِذا ذَهَبُوا إِلى الشَّرْقِ، أَو أَتَوْا الشَّرْقَ، وفي الحَدِيثِ: «ولكن شَرِّقُوا أَو غَرِّبُوا» هذا أَمْرٌ لأَهْلِ المَدِينَةِ، ومن كانَتْ قِبْلَتُه على ذلِكَ السَّمْتِ ممن هو في جِهَتَي الشَّمالِ والجَنُوب، فأَمّا من كانَتْ قِبْلَتُه في جِهَةِ الشَّرْقِ أَو الغَرْبِ⁣(⁣٤) فلا يَجُوزُ له أَنْ يُشَرِّقَ أَو يُغَرِّبَ، إِنّما يَجْتَنِبُ ويَشْتَمِلُ.

  والتَّشْرِيقُ: تَقْدِيدُ اللَّحْمِ، ومنه سُمِّيَتْ أَيّامُ التَّشْرِيقِ، وهي ثَلاثَةُ أَيّامٍ بعدَ يَوْمِ النَّحْرِ؛ لأَنَّ لُحُومَ الأَضاحِي تُشرَّقُ فِيها، أَي: تُشَرَّرُ في الشَّمْسِ، حَكاهُ يَعْقُوب، وقِيلَ: سُمِّيَتْ بذلِك لقَوْلِهم: أَشْرقْ ثَبِير، كَيْما نُغِير، أَو لأَنَّ الهَدْيَ لا يُنْحَرُ حَتَّى تَشْرُقَ الشَّمْسُ قالَهُ ابنُ الأَعْرابِيِّ، قالَ أَبو عُبَيْدٍ: وكانَ أَبو حَنِيفَةَ يَذْهَبُ بالتَّشْرِيقِ إِلى التَّكْبِيرِ، ولم يَذْهَبْ إِليهِ غَيْرُه، وفِي الحَدِيثِ: «أَيّامُ التَّشْرِيقِ أَيّامُ أَكْلٍ وشُرْبٍ وذِكْرِ الله» ورَواهُ أَبو عُبَيْدَةَ⁣(⁣٥) شُرْبٍ وبِعالٍ والأَوّلُ صَحِيحٌ، ذَكَره مُسْلِمٌ، والثّانِي مُنْقَطِعٌ واهٍ، قاله الصّاغانِيُّ، وفي الحَدِيثِ: «مَنْ ذَبَحَ قَبْلَ التَّشْرِيقِ فليُعِدْ» أَي: قَبْلَ أَنْ يُصَلِّيَ صَلاةَ العِيدِ، وهو من شُرُوقِ الشَّمْسِ وإِشْراقِها؛ لأَنَّ ذلِكَ وَقْتُها، كأَنَّه عَلَى شَرَقٍ إِذا صَلَّى وَقْتَ الشُّرُوقِ، كما يُقالُ: صَبَّحَ ومَسَّى: إِذا أَتَى في هذينِ الوَقْتَيْنِ.

  ومنه المُشَرَّقُ، كمُعَظَّمٍ: مَسْجِدُ الخَيْفِ.

  وكذلِك المُصَلَّى وفِي حَدِيثِ عَلِيٍّ ¥: «لا جُمْعَةَ ولا تَشْرِيقَ إِلّا في مِصْرٍ جامِعٍ»، وفي حَدِيثِ مَسْرُوقٍ: «انْطَلِقْ بِنا إِلى مُشَرَّقِكُمْ» يَعْنِي المُصَلّى، وسأَلَ أَعْرابِيٌّ رَجُلاً فقالَ: أَيْنَ مَنْزِلُ المُشَرَّقِ؟ يَعْنِي الّذِي يُصَلَّى فيه العِيدُ، وقِيلَ: المُشَرَّقُ: مُصَلّى العِيدِ بمَكَّةَ، وقِيلَ: مُصَلَّى العِيدِ مُطْلَقاً، وقِيلَ: مُصَلّى العِيدَيْنِ، وقِيلَ: المُصَلَّى مُطْلَقاً، كما جَنَح إِليه المُصَنِّفُ، ورَوَى شُعْبَةُ عن سِماكِ بنِ حَرْبٍ أَنّه قالَ له يومَ عِيدٍ: اذْهَبْ بِنا إِلى المُشَرَّقِ، يَعْنِي المُصَلَّى، وفي ذلِكَ يَقُولُ الأَخْطَل:

  وبالهَدايا⁣(⁣٦) إِذا احْمَرَّتْ مَذارِعُها ... في يَوْمِ ذَبْحٍ وتَشْرِيقٍ وتَنْحارِ

  وأَمّا قَوْلُ أَبِي ذُؤَيْبٍ الهُذَلِيِّ:

  حَتَّى كأَنِّي للحَوادِثِ مَرْوَةٌ ... بصَفا المُشَرَّقِ كُلَّ يَوْمٍ تُقْرَعُ⁣(⁣٧)

  فإِنَّه اخْتُلِفَ فيه، فقِيلَ: المُشَرَّقُ: جَبَلٌ لهُذَيْلٍ بسُوقِ الطّائِف، قاله الأَخْفَشُ وأَبُو عُبَيْدٍ.

  وقالَ أَبُو عُبَيْدَةَ: هو سُوقُ الطّائِفِ نفسِها وقال الباهِلِيُّ: هو جَبَل البَرَام، وروى ابنُ الأَعْرابِيِّ: «بصَفا المُشَقَّرِ» وهو حِصْنٌ بالبَحْرَيْنِ بهَجَرَ، وابنُ⁣(⁣٨) أَبِي ذُؤُيْب من المُشَقَّر من البَحْرَيْنِ، قالَ ابنُ الأَعْرابِيِّ: وهو الّذِي ذَكَرهُ امْرُؤُ القَيْسِ، فقال:


(١) في الجمهرة ٢/ ٣٤٧ وشَرِق الثوبُ بالصُبغ إذا احمرّ واشتدت حمرته.

(٢) الأصل والتكملة وفي اللسان «والفخرُ» بدل «والعذمُ» ونبه بهامشه مصححه إلى رواية التاج.

(٣) عجزه في اللسان، وجعله نثراً.

(٤) اللسان: المشرق أو المغرب.

(٥) بهامش المطبوعة المصرية: «قوله: ورواه أبو عبيدة شرب ... الخ هكذا بالأصل خالياً عن النقط، وانظر الحديث».

(٦) في الديوان: وبالهدْي.

(٧) ديوان الهذليين ١/ ٣ وبهامشه فسر المشرّق بمسجد الخيف.

(٨) بهامش المطبوعة المصرية: «قوله: وابن أبي ذؤيب الخ هكذا بالأصل، ولعل لفظة: ابن، زائدة أو العبارة محرفة وحررها ا هـ».