تاج العروس من جواهر القاموس،

مرتضى الزبيدي (المتوفى: 1205 هـ)

فصل الصاد مع القاف

صفحة 263 - الجزء 13

  إِذِ النَّاسُ ناسٌ والزَّمانُ بعِزَّةٍ ... وإِذْ أُمُّ عَمَّارٍ صَدِيقٌ مُساعِفُ

  وقالَ ابنُ دُرَيْدٍ: أَخبرنا أَبو عُثْمَانَ عن التَّوَّزِي:⁣(⁣١) كان رُؤْبَة يَقعُد بعد صلاة الجُمُعة في أَخْبِية بني تَمِيم فيُنْشِد وتَجْتَمع الناسُ إِليه فازْدَحَمُوا يوماً فضَيَّقُوا الطريقَ فأَقبلَت عَجوزٌ معها شيءٌ تَحمِله فقال رُؤْبَةُ:

  تَنحَّ للعَجُوز عن طَرِيقِها ... قد أَقبَلَت رائحةٌ من سُوقِها

  دَعْهَا فَما النّحوِيُّ من صَدِيقِها

  أَي: من أَصدِقائها.

  وقال آخرُ - في جَمْع المُذَكَّر -:

  لعَمْرِي لَئن كُنْتُم على الَّلأْيِ والنَّوَى ... بِكُم مِثلُ ما بي إِنَّكم لصَدِيقُ

  وأَنشد أَبو زَيْد والأَصمَعِي لقَعْنَبِ ابنِ أُمِّ صَاحِبٍ:

  ما بالُ قَوْمٍ صَدِيقٍ ثمَّ ليسَ لهم ... دِينٌ وليس لهم عَقْلٌ إِذا ائْتُمِنُوا

  وقيل: هي أَي: الأُنْثَى بهاءٍ أَيْضاً نَقلَه الجوهَرِيُّ أَيضاً.

  قال شَيْخُنا: وكَونُها بالهاءِ هو القِياسُ، وامْرأَةٌ صَدِيقٌ شَاذٌّ، كما في الهَمْع، وشَرْحِ الكافِية، والتَّسْهِيل، لأَنه فَعِيلٌ بمعنى فَاعِل، وقد حَكَى الرَّضِي - في شَرْح الشَّافية - أَنَّه جاءَ شَيْءٌ من فَعِيلٍ كَفاعِلٍ، مُسْتَوِياً فيه الذَّكَر والأُنْثى؛ حَمْلاً على فَعِيلٍ بمعنى مَفْعُولٍ، كجَدِيرٍ، وسَدِيس، وريح خَرِيق، ورَحمةُ الله قَرِيبٌ، قال: ويَلزَم ذلِك في خَرِيقٍ وسَدِيسٍ، ومِثلُه للشَّيْخِ ابِن مَالِك في مُصَنَّفَاتِه.

  ثُمّ هل يُفَرَّقُ بين تَابعِ المَوْصُوفِ أَو. لا؟ مَحَلُّ نَظَرٍ، وظَاهِرُ كلامِهم الإِطلاقُ، إِلَّا أَنَّ الإِحَالَة على الذي بِمَعْنى مَفْعولٍ رُبَّما تَقَيَّد، فَتدَبَّر.

  ج: أَصدِقاءُ، وصُدَقَاءُ كأَنْصِباءَ، وكُرَماءَ وصُدْقانٌ بالضم، وهذه عن الفَرَّاءِ جج: أَصادِقُ وهو جَمْع الجَمْع وقال ابنُ دُرَيْدٍ: وقد جَمَعُوا صَدِيقاً: أَصادِق⁣(⁣٢)، على غَيْرِ قِياس، إِلَّا أَن يَكُونَ جَمْعَ الجمعِ، فأَمَّا جَمْعُ الوَاحِد فَلَا.

  وأَنشدَ ابنُ فَارِس في المقَاييِس:

  فلا زِلْن حَسْرى ظُلَّعاً إِنْ حَمَلْنيها⁣(⁣٣) ... إِلى بَلَدٍ ناءٍ قَلِيلِ الأَصَادِق

  وقال عُمَارَةُ بنُ طَارِق:

  فاعْجَلْ بغَرْبٍ مثل غَرْبِ طارِقِ ... يُبْذَل للجِيرَانِ والأَصادِقِ

  وقال [جرير:]⁣(⁣٤):

  وأَنكَرْتُ الأَصادِقَ والبِلادَا⁣(⁣٥)

  ويُقالُ: هو صُدَيّقِي، مُصَغَّراً مُشدَّداً، أَي: أَخَصُّ أَصْدِقَائِي وإِنّما يُصَغَّرُ على جِهَة المَدْح، كَقوْل حُبابِ بنِ المُنْذِر: «أَنا جُذَيْلُها المُحَكَّك، وعُذَيْقُها المُرَجَّب».

  والصَّدَاقَة: إِمْحاضُ المَحَبَّة.

  وقالَ الرَّاغِبُ: الصَّدَاقَةُ: صِدْق الاعْتِقاد في المَوَدَّة، وذلكَ مُخْتَصٌّ بالإِنْسانِ دُونَ غَيْرِه.

  وقالَ شَمِر: الصَّيْدَقُ، كصَيْقَلٍ: الأَمِينُ، وأَنْشَدَ قولَ [أُمَيّة]⁣(⁣٦) بنِ أَبِي الصَّلْتِ:

  فيها النُّجومُ طَلَعْنَ غَيرَ مُراحَةٍ ... ما قال صَيْدَقُها الأَمِينُ الأَرْشَدُ

  وقال أَبو عَمْرو: الصَّيْدَقُ: القُطْبُ.

  وقال كُراع: هو النَّجْم الصَّغِير الَّلاصِقُ بالوُسْطى من بَناتِ نَعْش الكُبْرى.

  وقال غيْرُه: هو المُسَمَّى بالسُّها.

  وقد شُرِحَ في تركيب ق ود فراجِعْه. وقال أَبو عَمْرو: قِيلَ الصَّيْدَق المَلِك.


(١) عن الجمهرة ٢/ ٢٧٣ وبالأصل «التعزي».

(٢) انظر الجمهرة ٢/ ٢٧٣، إلى هنا تنتهي العبارة فيها.

(٣) مقاييس اللغة ٣/ ٣٤٠ برواية لِمْ حملنها.

(٤) زيادة عن اللسان.

(٥) ديوانه وصدره فيه:

أبت عيناك بالحسن الرقادا

(٦) زيادة عن التكملة، وفي اللسان: قول أمية.