تاج العروس من جواهر القاموس،

مرتضى الزبيدي (المتوفى: 1205 هـ)

[صعق]:

صفحة 270 - الجزء 13

  ثم تدلَّى فسَمِعْنا صَعْقَهْ

  وفي الحَدِيثِ: «فإِذا مُوسَى بَاطِشٌ بالعَرْشِ، فلا أَدْري أَفاقَ قَبْلِي، أَمْ جُوزِيَ بصَعْقَةِ الطُّورِ».

  والصَّعَق، مُحَرَّكةً: شِدَّة الصَّوْت قال رُؤْبَة يَصِف حِماراً وأْتُنَه:

  إِذا تَتَلَّاهُنّ صَلْصالُ الصَّعَقْ

  كما في العُبَاب. وقالَ الأَزهَرِيُّ: أَرادَ الصَّعْقَ فثَقَّله، وهو شِدَّة نَهِيقِه وصَوْتِه.

  ومنه حِمارٌ صَعِقٌ كَكَتِف وهو: الشَّدِيدُ الصَّوْتِ والنَّهِيقِ.

  وقالَ ابنُ عَبَّادٍ: الصَّعِقُ: المُتَوَقِّعُ صاعقَةً.

  والصَّعِقُ: لَقَبُ خُوَيْلدِ بنِ نُفَيْلِ بنِ عَمْرِو بنِ كِلاب.

  وقَولُ عَمْرو بنِ أَحْمَر البَاهِليّ:

  أَبِي الذي أَخْنَبَ رِجْلَ ابنِ الصَّعِقْ ... إِذْ كانَت الخَيْلُ كَعِلْباءِ العُنُقْ⁣(⁣١)

  ولم يَكُنْ يَردُّه الخُنْسُ الحُمُقْ

  يُرِيدُ يَزِيدَ بنَ عَمْرِو بنَ خُوَيْلدٍ المَذْكُورَ، كما في العُبابِ. وقال ابنُ بَرِّيّ: هو لِتَمِيم بن العَمَرَّدِ. وكان العَمَرَّدُ طَعَنَ يَزِيدَ بنَ الصَّعِقِ، فأَعرَجَه.

  والصَّعِقُ أَيضاً: لَقَبُ فارِسٍ لِبَنِي كِلاب نَقَله ابنُ دُرَيدٍ: قُلتُ: وهو خُوَيْلِدٌ الذي تَقدَّمَ ذِكرُه، فإِنَّه من بَنِي كِلاب ويُقالُ فيه أَيضاً: الصَّعِقُ، كإِبلٍ أَي بكَسْرَتَيْن. قال سِيبَوَيْهِ: قالُوا فُلانُ ابن الصَّعِق، والصَّعِق: صِفَة تَقَعُ على كُلِّ مَنْ أَصابَه الصَّعْق، ولكِنَّه غَلَبَ عليه، حتّى صارَ بمَنْزِلة زَيْدٍ وعَمْرٍو عَلَماً، كالنَّجْم. والنِّسْبةُ إِليه صَعَقِيٌّ، مُحَرَّكةً على القِياس، كنَمِرٍ ونَمَرِيٍّ وصِعَقِيّ، كعِنَبِيّ على غَيْرِ قِياسٍ لأَنهم يقُولونَ فيه قَبْل الإِضافة: صِعِق، على ما يَطَّرِدُ في هذا النَّحْوِ، مما ثانِيهِ حَرْفٌ من حُرُوفِ الحَلْقِ في الاسْمِ والفِعْل والصِّفَةِ.

  واختُلِفَ في سَبَبِ لَقَبه، فقالَ ابنُ دُرَيدٍ: لُقِّبَ بذلِك لأَنَّ تَمِيماً أَصابُوا رَأْسَهُ بضَرْبَةٍ فأَتوه⁣(⁣٢) فَكَان إِذا سَمِع صَوْتاً شديداً صَعِق فذَهَب عَقْلُه، فلذلك قالَ دَجاجَةُ بن عِنْز⁣(⁣٣):

  وإِنَّك من هِجاء بَنِي تَمِيم ... كمُزدادِ الغَرَامِ إِلى الغَرامِ

  وهم تَركُوك أَسلحَ من حُبارَى ... رَأَتْ صَقْراً وأَشرَدَ من نَعامِ

  وهم ضَرَبُوكَ أُمَّ الرأْسِ حَتَّى ... بَدَتْ أُمُّ الدِّماغِ من العِظامِ⁣(⁣٤)

  قالَ: وقَيْس تَدْفَعُ هذا أَو لأَنَّه اتَّخَذ طَعاماً، فَكَفَأَت الرِّيحُ قُدُورَه هذا نَصُّ ابنِ دُرَيْد نقلاً عن قَيْس، وقال أَبو سَعِيدٍ السّيرافيُّ: كان يُطعِمُ النَّاسَ في الجَدْب بتِهامَةَ، فهَبَّت الرِّيحُ، فهالَت التُّرابَ في قِصاعِهِ، فلَعَنَها وسَبَّها، فأَرْسَل اللهُ تَعالَى عليه صاعِقَةً فقتَلْته، قال السّيرافيُّ واسمُه خُوَيْلد، وفيه يَقولُ القَائِلُ:

  بأَنَّ خُوَيْلِداً فابْكِي عليه ... قَتِيلُ الرِّيحِ في البَلَدِ التِّهامِي

  وصُعَائِقُ، بالضمِّ: ع بنَجْد لِبَنِي أَسَد.

  وصُعَق كزُفَر: ع بل هو ماءٌ بجَنْبِ المَرْدَمة، كما في العُبابِ.

  * ومما يُسْتَدْرَك عليه:

  صَعِقَ الرجلُ، كفَرِح، صَعْقاً، وصَعَقاً، وتَصْعاقاً، فهو صَعِقٌ: مات.

  وأَصعَقَتْه الصاعِقَة: أَصابَتْهُ.

  وصُعِقَ الرَّجل كعُنِي: غُشِي عليه.

  والمَصْعُوق: المَغْشِيُّ عليه، أَو الذي يَموتُ فَجْأَة، ومنه حَدِيثُ الحَسَن: «يُنْتَظَر بالمَصْعُوق ثَلاثاً ما لم يَخافُوا عليه


(١) الشطران الأول والثاني في الصحاح واللسان ذكراهما شاهداً على قوله: والصَّعِق: اسم رجل.

(٢) انظر الجمهرة ٣/ ٧٥ والعبارة مختلفة.

(٣) في الجمهرة ٣/ ٧٦ عِتْر.

(٤) الأَبيات من قصيدة مفضلية رقم ١١٨ لأوس بن غلفاء الهجيمي الأبيات رقم ٨ و ١٠ و ١١ والبيت التاسع:

همُ منّوا عليك فلم تثبهم ... متيلاً غير شتم أو خصام

وفي المفضليات «ذات الرأس» بدل «أم الرأس».