[طبق]:
  عِشْرُون سَنَة والذي في كتابِ الهَجَريِّ عن ابنِ عَباس: الطَّبَقةَ: عِشْرونَ سنةً.
  والطَّبَق من النَّاسِ، ومن الجَرادِ: الكَثِير، أَو الجَمَاعَةُ، كالطِّبْق بالكَسْرِ. قال الأَصمعيُّ: الطِّبْقُ، بالكسْر: الجَماعةُ من النّاسِ. وقالَ ابنُ سِيدَه: الطَّبَقُ: الجَماعَةُ من النّاسِ يَعدِلُون جَماعةً مِثلَهم. وفي الحَدِيث: «أَنَّ مَرْيَم & جاعَتْ، فجاءَها طَبَقٌ من جَرَاد، فصادَتْ منه» أَي: قَطِيعٌ من الجَرادِ.
  ومن المَجاز: الطَّبَقُ: الحَالُ على اخْتِلافها، عن ابنِ الأَعرابيِّ. ومنه قولُه تَعالى: {لَتَرْكَبُنَّ طَبَقاً عَنْ طَبَقٍ}(١) أَي: حَالاً بعد حَالِ، ومَنْزِلَةً بعد مَنْزِلة، كما في الأَساسِ.
  وفي الصِّحاحِ حَالاً عن حَالٍ يوْمَ القيامةِ.
  قُلتُ: ويَقَع «عن» مَوْقِع «بَعْدَ» كَثِيراً مِثْل قَوْلهم: وَرِثَه كابِراً عَنْ كابِرٍ، أَي: بَعْدَ كابرٍ، قالَه أَبو عليٍّ.
  وقال أَبو بَكْرٍ: مَعْناه لتَركَبُنَّ السّماءَ حالاً بَعْد حالٍ؛ لأَنَّها تَكونُ في حَالٍ {كَالْمُهْلِ}، ثم كالفَرَسِ الوَرْدِ، وفي حال {كَالدِّهانِ}.
  قالَ الصاغانِيُّ: وإِنَّما قِيلَ للحَالِ: طَبَقٌ؛ لأَنّها تَمْلأُ القُلُوبَ، أَو تُشارِفُ ذلِك.
  وقال الرَّاغِبُ: مَعْنَى الآية: أَيْ تَرْقَى مَنْزِلٍا عن مَنْزل، وذلِك إِشارة إِلى أَحوالِ الإِنْسانِ من تَرَقِّيه في أَحْوال شَتَّى في الدُّنيا، نَحْو ما أَشارَ إِليهِ بقوله: {خَلَقَكُمْ مِنْ تُرابٍ ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ}(٢) وأَحْوال شَتَّى قي الآخِرَةِ: من النُّشُورِ والبَعْثِ، والحِسابِ، وجَوازِ الصِّراطِ إِلى حِينِ المُسْتَقَرِّ في أَحَدِ الدَّارينِ.
  ونَقَل شَيخُنا عن ابنِ أَبي الحَدِيدِ في شَرْح نَهْج البلاغةِ ما نَصّه: الطَّبَقُ: المَشَقَّة، ومنه: {لَتَرْكَبُنَّ طَبَقاً عَنْ طَبَقٍ} انتهى.
  قلت: هذا قد نَقَله الأَزْهَرِيُّ عن ابنِ عَبّاسٍ، وقالَ: المَعْنَى لتَصِيرَنَّ الأُمورُ حالاً بعدَ حَالٍ في الشِّدَّةِ. قال: والعَربُ تقولُ: وَقَع فلانٌ في بَناتِ طَبَق: إِذا وَقَع في الأَمرِ الشّدِيد. وقرأَ ابنُ كَثيِر والكُوفِيُّون(٣) غَيْر عاصمٍ: «لتَرْكَبَنّ»، بفتح الباءِ، أَي لتَرْكَبَنَّ يا مُحمَّد طَبَقاً من أَطْبَاق السَّماءِ، نقله الزَّجّاجُ والصّاغانِيُّ، وقرأَ ابنُ عبّاس وابنُ مسعود ¤ «لِترْكَبُنّ» بكسر الثاءِ وهي لُغَة تَمِيم وقَيْس وأَسَد، ورَبِيعة، يَكْسِرون أَولَ حَرْف من حُروفِ المُسْتَقْبل، إِلّا أَنْ يكونَ أَولُه ياءً، فإِنَّهُم لا يَكْسِرُونَها.
  قالَ ابنُ مَسعود: والمَعْنَى: لتَرْكَبُنَّ السَّماءَ حالاً بعد حالٍ. وقد تَقدَّم ذلِكَ عن أَبي بكرٍ. وقال مَسْرُوقٌ: لتَرْكَبُنَّ حَالاً بعدَ حال، زادَ الزَّجاجُ: حتى تَصِيرُوا إِلى الله من إِحياءٍ وإِماتة وبَعْثٍ.
  وقرأَ عُمَر ¥: «لَيَرْكَبَنَّ» «بالياءِ وفتح الباءِ» وفيه وَجْهان: أَحدُها: أَن يَكُونَ المُرادُ به النّبيّ ﷺ بلَفْظِ الإِخبارِ عنه.
  والثَّانِي: أَن يكونَ الضّمِيرُ راجعاً على لَفْظِ قولِهِ تَعالَى: {وَأَمّا مَنْ أُوتِيَ كِتابَهُ وَراءَ ظَهْرِهِ}(٤) إِلى قَوْله: «بَصِيراً» على الإِفرادِ. كذلك ليَرْكَبَنَّ السّماءَ {طَبَقاً عَنْ} طَبَقٍ، يعني هذا المذكور، ليكُونَ اللَّفظُ واحِداً والمَعْنَى الجَمْع.
  وقال الزَّجّاجُ على قِراءَة أَهْلِ المَدِينةِ: «لَتَرْكَبُنَّ طَبَقاً» يَعْنِي النَّاس عامةً، والتَّفْسِيرُ الشِّدَّة، والجَمْع أَطْباقٌ. ومنه حَدِيثُ عَمْرِو بن العاصِ: «إِنّي كُنتُ على أَطْباقٌ. ثَلاثة» أَي: أَحْوال.
  والطَّبَقُ: عَظْمٌ(٥) رَقِيقٌ يَفصِلُ بين كُلّ فَقارَيْنِ، قالَ الشاعِرُ:
  أَلا ذَهَبَ الخِداعُ فلا خِداعَا ... وأَبْدَى السَّيفُ عن طَبَقٍ نُخاعَا
  ومنه حَدِيثُ ابنِ مَسْعودٍ ¥: «وتَبْقى أَصلابُ المُنافِقِين طَبَقاً واحِداً» أَي تَصِيرُ الفِقَر كلها فَقْرةً واحدة، نقله أَبو عُبَيْد عن الأَصمعيّ، وقِيلَ: الطَّبَق: فَقار الصُلبِ أَجْمع، وقيل: الفَقْرة حَيْثُ كانَت.
  ومن المجاز: الطَّبَقُ من المَطَر: العَامُّ نَقَله الصّاغانيُّ
(١) سورة الانشقاق الآية ١٩.
(٢) من الآية ١١ من سورة فاطر.
(٣) عن المطبوعة الكويتية وبالأصل «والمكيون».
(٤) سورة الانشقاق الآية ١٠.
(٥) في التهذيب واللسان: عُظَيمٌ.