فصل الطاء مع القاف
  والأَصمعيّ، وإِنما سُمِّي طَبَقاً لأَنه غِشاءٌ للأَرضِ، ومنه حَدِيث الاسْتِسْقاءِ: «اللهمَّ اسْقِنا غَيْثاً مُغِيثاً طَبَقاً» أَي مالِئاً للأَرضِ، مُغَطِّياً لها، يقالُ: غَيْث طَبَق، أَي: عامّ واسِع، وقال امرؤُ القَيْس:
  دِيمَةٌ هَطْلاءُ فيها وَطَفٌ ... طَبَقُ الأَرضِ تَحرَّى وتَدُرّ(١)
  والطَّبَقُ ظَهْرُ فَرْجِ المَرْأَة عن ابنِ عَبّاد، وهو مجاز.
  والطَّبَقُ من اللَّيلِ، ومن النَّهار*: مُعْظَمُهُما. يقال: مَضَى طَبَق من اللَّيل، وطَبَق من النَّهار، أَي: بَعض منهُما.
  وفي المُفْردات: طَبَق اللَّيلِ والنَّهارِ: سَاعاتُه المُطابِقَة.
  ومن المجاز: هذه بِنْتُ طَبَقٍ، وإِحدى بَنات طَبَقٍ وهي الدَّوَاهِي وفي المثل: إِحدى بَناتِ طَبَق، وأَصلُها من الحَيَّاتِ(٢)، وذكرَ الثَّعالبيّ أَنّ طَبَقاً حَيَّةٌ صَفراءُ. وقال غيره: قيل للحَيَّة: أُمّ طَبَق، وبِنْت طَبقَ، لتَرَحِّيها وتَحَوِّيها، وأَكثَرُ التَّرَحِّي للأَفْعَى، وقيل: إِنما قِيلَ للحَيَّات: بَناتُ طَبَق لإِطْباقِها على مَنْ تَلْسَعه، وقيل: لأَنَّ للحَيَّات: بَناتُ طَبَق لإِطْباقِها على مَنْ تَلْسَعه، وقيل: لأَنَّ الحَوَّاءَ يُمْسِكُها تحت أَطْباقِ الأَسْفاطِ المُجَلَّدَة. وقالَ الزَّمَخْشَرِيُّ: لأَنها تُشْبِه الطَّبَق إِذا استَدارَت.
  وتَزعُم العَربُ أَنَّ بِنْت طَبَقٍ: سُلَحْفَاةٌ تَبِيضُ تِسْعاً وتِسْعَينَ بَيْضَة كُلُّها سَلاحِفُ، وتَبِيضُ بَيْضَةً تَنْقُفُ عن حَيَّةٍ وفي الصِّحاح: عن أَسْوَدَ.
  وطَبَقَةُ مُحَرَّكةً: امرأَةٌ عاقِلَة تزَوَّج بها رَجُلٌ عَاقِلٌ منْ دُهاةِ العَرَبِ، ولهما قِصَّةٌ ذَكَرها الصاغانِيُّ في العُباب.
  قالَ: قال الشَّرْقِيُّ بنُ القُطامِيِّ: كانَ رَجُلٌ من دُهاةِ العَرَب وعُقلائِهِم يُقال له: شَنٌّ، فقالَ: واللهِ لأُطَوِّفَنَّ حتى أَجِدَ امْرَأَةً مِثْلِي، فأَتَزَوَّجَها، فبينما هو في بَعضِ مَسِيرِه إِذ رافَقَه رَجُلٌ في الطَّرِيق، فسأَلَه شَنٌّ: أَتَحْمِلُني أَم أَحْمِلُكَ؟ فقالَ له الرَّجُلُ: يا جاهِلُ أَنا راكِبٌ وأَنَت راكِبٌ، فكيفَ أَحْمِلُك أَو تَحْمِلُني؟، فسكَت عنه شَنٌّ، وسارَ حَتَّى إِذا قَرُبَا من القَرْيةِ إِذا هما بزَرْعٍ قد استَحْصَدَ، فقالَ شَنٌّ: أَتُرى هذا الزَّرْعَ أُكِلَ أَم لا؟ فقال له الرَّجُلُ: يا جاهِلُ تَرْى نَبْتاً مُسْتَحصِداً فتَقُولُ: أُكِلَ أَم لا؟ فسَكَتَ عنه شَنٌّ، حتى إِذا دَخَلا القَريَةَ لقِيَتْهُما جِنازة، فقالَ شَنٌّ: أَتُرى صاحبَ هذا النَّعْش حَيّاً أَو مَيِّتاً؟ فقالَ له الرَّجُلُ: ما رأَيتُ أَجْهَلَ منكَ! تَرَى جِنَازَةً تَسأَلُ عنها: أَميِّتٌ صاحِبُها أَم حَيّ؟ فسَكَتَ عنه شَنٌّ، فأَرادَ مفارَقَته فأَبى ذلك الرّجُلُ أَن يَتْرُكَهُ حتى يَسِيرَ به إِلى مَنْزِله، فمَضَى مَعَه، وكانَ للرَّجُلِ بِنْتٌ يُقالُ لها: طَبَقَةُ، فلمّا دَخَلَ عليها أَبوها سأَلَتْه عن ضَيْفِه، فأَخْبَرَها بمُرافَقَته إِيّاه، وشَكَا إِليها جَهْلَه، وحدَّثها بحَدِيثِه، فقالَتْ: يا أَبَتِ، ما هذا بِجاهِلٍ. أَما قولُه: أَتَحْمِلُنِي أَم أَحْمِلُكَ؟ فأَرادَ أَتُحَدِّثُنِي أَم أُحَدِّثُك حتى نَقْطَعَ طرِيقَنا، وأَما قولُه: أَتُرى هذا الزرعَ أُكِل أَم لا؟ فإِنّما أَرادَ هَلْ باعَهُ أَهْلُه فأَكَلُوا ثمنَه أم لا، وأَمَّا قولُه في الجِنازة: فأَرادَ هل تَرَكَ عَقِباً يحيا بهم ذِكْرُه أَم لا، فخَرَجَ الرَّجُلُ، فقَعَدَ مع شَنٍّ، فحادَثَه ساعةً، ثم قالَ: أَتُحِبُّ أَن أُفسِّرَ لك ما سَأَلْتَنِي عنه؟ قال: نَعَم، ففَسَّرَه، فقالَ شَنٌّ: ما هذا من كَلامِكَ، فأَخْبِرْني عن صاحِبِه. فقالَ: ابنَةٌ لي، فخَطَبها إِليه وزَوَّجَها له، وحَمَلَها إِلى أَهلِه. ومنه قولُه: وافَقَ شَنٌّ طَبَقَة وكذا: صادَفَ شَنٌّ طَبَقَةَ.
  أَو هُم قَوْم كانَ لَهُم وِعاءُ أَدَم فتَشَنَّنَ، فجَعَلوا له طَبَقاً، فوافَقَه ففِيلَ ذلك، قالَه الأَصمَعِيُّ، ونقله أَبو عُبَيْدٍ هكذا، وفَسَّره.
  أَو طَبَق: قَبِيلَةٌ منْ إِيادِ كانَتْ لا تُطاقُ وكانت شَنّ لا يُقام لها فأَوقَعَتْ بها شَنٌّ وهو ابنُ أَفصَى بن عَبدِ القَيْس، فانْتَصَفَتْ منها، وأَصابَت فيها فضُرِبتْ مَثَلاً للمُتَّفِقينَ في الشِّدَّةِ وغيرها، وقيلَ: «وافق شَنٌّ طبَقَه، وافقَه فاعْتَنَقه» قاله ابنُ الكَلبيّ. وقال الشاعر:
  لقِيَتْ شَنٌّ إِياداً بالقَنَا ... طَبَقاً وافَقَ شَنٌّ طَبَقَه(٣)
  قال ابنُ سِيدَه: وليس الشَّنُّ هُنا القِربَةَ لأَنَّ القِرْبَةَ لا طَبقَ لها. وقيلَ: يُضرَبُ لكُلّ اثْنَينِ - أَو أَمْرين - جَمَعَتْهُما حالةٌ واحدة اتَّصَفَ بها كُلُّ منهما، وقيلَ: هما حَيَّانِ اتَّفَقُوا على أَمرٍ، فقيلَ لهما ذلِك، لأَنَّ كلَّ واحِدٍ منهما قِيلَ لَه ذلِك لَمَّا وافَقَ شَكلَه ونَظِيرَه.
(١) ديوانه ط بيروت ص ١٠٥ وفيه «طَبَّق الأرضَ» وفسرها بهامشه أي: عمّها. والضبط المثبت عن اللسان والتهذيب.
(*) في القاموس: «النَّهار» تقديم على: «الليل».
(٢) في القاموس: وبنات طبق: الدواهي والسلاحف والحيّات.
(٣) التهذيب وفي اللسان برواية: لقيت شنّاً إيادٌ بالقنا ..