فصل الطاء مع القاف
  وطابَقَ بين قَمِيصَين: لَبِسَ أَحَدَهُما فَوْقَ الآخر(١) وكذلك صافَقَ بيْنَهما، وطَارَق.
  والسَّمواتُ طِباقٌ، كَكِتاب في قوله تَعالَى: {أَلَمْ تَرَوْا كَيْفَ خَلَقَ اللهُ سَبْعَ سَماواتٍ طِباقاً}(٢) سُمِّيت بذلِكَ لمُطابَقَة بَعْضِها بَعْضاً أَي: بَعضها فَوْقَ بعْض، وقِيلَ: لأَنَّ بعضَها مُطْبِقٌ على بعضٍ، وقيل: الطِّباقُ: مصدرُ طُوبِقَت طِباقاً. وقالَ الزَّجّاج: أَي: مُطبِقٌ بَعضُها على بَعْضٍ. قالَ: ونَصَب طِباقاً على وَجْهَيْنِ، أَحدهما: مُطابَقةً طِباقاً، والآخر: من نَعْت سَبْعٍ، أَي: خَلَقَ سَبْعاً ذات طِباقٍ. وقال اللَّيثُ: السَّموات طِباقٌ بعضُها على بعضٍ، وكُلُّ واحد من الطِّباق طَبَقَة، ويُذَكَّر، فيُقال: طَبَق.
  وطَبَّقَ الشَّيءُ تَطْبِيقاً: عَمَّ.
  وطَبَّق السَّحابُ الجَوَّ: إِذا غَشَّاه. ومنه سَحابَةٌ مُطبِّقَة.
  وطَبَّق الماءُ وَجْهَ الأَرْض: إِذا غَطّاه. ويُقالُ: هذا مَطَر طَبَّقَ الأَرضَ: إِذا عَمَّها.
  والطُّبَّاقُ، كَزُنَّار: شَجَرٌ. قال أَبو حَنِيفَةَ: أَخْبَرنِي بَعضُ أَزْدِ السَّراة قالَ: هو نَحْوُ القامَةِ، يَنْبُت مُتجاوِراً، لا تَكادُ تُرَى منه واحدَةٌ منفرِدَة، وله ورقٌ طوالٌ دِقاقٌ خُضْر تتلزَّجُ(٣) إِذا غُمِزَتْ، يُضمَدُ بها الكسرُ فيُجْبَرُ، وله نَوْرٌ أَصفَرُ مُجْتَمِعٌ، ولا تَأْكُله الإِبِلُ، ولكن الغَنم، ومَنابِتُه الصَّخْرُ مع العَرْعَر، والنَّحْلُ تَجْرِسُه، والأَوعالُ أَيضاً تَرْعاه، وأَنْشدَ:
  وأَشْعَثَ أَنسَتْه المَنِيَّةُ نَفْسَه ... رَعَى الشَّثَّ والطُّبّاقَ في شاهِقٍ وَعْرِ(٤)
  انتهى كَلامُ أَبي حَنِيفة.
  وقال تأَبَّط شَرَّاً:
  كأَنّما حَثْحَثُوا حُصّاً قوادِمُه ... أَو أُمَّ خِشْفٍ بذي شَثٍّ وطُبَّاقِ(٥)
  وفي حَدِيثِ مُحَمَّدِ بنِ الحَنَفِيَّةِ ¦ وذَكرَ رَجُلاً يَلِي الأَمْرَ بعدَ السُّفْيانيّ، فقال: «حَمْش الذِّراعينِ والسَّاقَين، مُصفَّح الرَّأْس، غائِر العَيْنَيْن، يكون بينَ شَثّ وطُبَّاقٍ» وهما شَجَرتان مَعْروفتان بنَواحِي جِبَال مَكَّة. أَرادَ أَنَّ مُقَامَه أَو مَخْرَجَه يكونُ بالحِجاز، نافِعٌ للسُّموم شُرْباً وضِماداً، ومن الجَرَبِ والحِكَّة والحُمَّياتِ العَتِيقَةِ، والمَغَص، واليَرَقَان وسُدَدِ الكَبِدِ، شَدِيدُ الإِسْخانِ.
  ومن المَجازِ: جَمَلٌ طَباقاءُ انْطَبَق عليه، فهو عاجِزٌ عن الضِّرابِ.
  ورَجُلٌ طَبَاقاءُ مُعْجَم، يَنْطَبِق، أَي: يَنْعَجِمُ عليه الكَلامُ ويَنْغَلِقُ، وقِيلَ: هو الذي لا يَنْكِحُ.
  أَو الطَّباقاءُ: ثَقِيلٌ يُطْبِقُ على المَرْأَةِ بصَدْرِه لِثِقَلِه، أَو عَيِيٌّ ثَقِيل يُطبِقُ على الطَّرُوقَة أَو المرأَةِ بصَدْرِه لصِغَرِه، قال جَمِيلُ بنُ مَعْمَر:
  طَباقَاءُ لم يَشْهَدْ خُصُوماً ولم يُنِخْ ... قِلاصاً إِلى أَكْوارِها حينَ تُعْكَفُ(٦)
  ويُرْوَى: «عَيايَاء» وهُما بمَعْنىً.
  قال ابنُ بَرِّيّ: ومِثلُه قَولُ الآخَرِ:
  طَباقاءُ لم يَشْهَدْ خُصوماً ولم يَعِشْ ... حَمِيداً ولم يَشْهَدْ حَلالاً ولا عِطْرا
  وفي حَدِيثِ أُمِّ زَرْعٍ: فقالت: «زَوْجِي عَيَايَاءُ طَباقَاءُ، وكُلُّ داءٍ له دَاءٌ» قال الأَصْمَعِيُّ: الطَّباقاءُ: الأَحمَقُ الفَدْم.
  وقال ابنُ الأَعرابِيّ: هو المُطْبَق عليه حُمْقاً. وقِيلَ: هو الَّذِي أُمورُه مُطبَقَة عليه، أَي مُغَشَّاة. وقيل: هو الذي يَعجِز عن الكَلامِ فتُطبَق(٧) شَفَتاه.
  والطَّابِق، كهَاجَر وصاحِبٍ هكذا حَكاهُ اللِّحيانيُّ عن الكِسائيِّ بكَسْر الباءِ وفَتْحِها: الآجُرُّ الكَبِير فارسِيٌّ مُعرَّب تابَه كالطابَاق، وهذه عن الفَرَّاءِ.
  وقال ثَعْلب: الطابَق والطابِق: العُضْوُ من أَعضاءِ الإِنسانِ، كاليَدِ، والرِّجْلِ، ونَحْوِهما. وفي حَدِيث عَلِيّ ¥: «إِنَّما أُمر في السّارِق بقَطْعِ طابِقِه» أَي: يَدِه. وفي حَدِيث عِمْرانَ بنِ حُصَيْنٍ ¥: «أَنَّ
(١) في القاموس: على الآخر.
(٢) سورة نوح الآية ١٥.
(٣) عن اللسان وبالأصل «تنزلج».
(٤) الشث والطباق شجرتان معروفتان بناحية الحجاز، عن اللسان.
(٥) من قصيدته المفضلية رقم ١ بيت رقم ٦. وبهامشها: الشت والطباق: نبتان طيبا المرعى، يضمران راعييهما ويشدان لحمهما.
(٦) اللسان وفي التهذيب برواية:
«... ولم يقُد ... ركاباً إلى أكوارها ...»
(٧) اللسان: فتنطبق شفتاه.