تاج العروس من جواهر القاموس،

مرتضى الزبيدي (المتوفى: 1205 هـ)

[طرق]:

صفحة 289 - الجزء 13

  قُلْتُ: وأَوَّله:

  ودَعَوْا بالصَّبُوحِ يَوماً فجَاءَت ... قَيْنةٌ في يَمِينِها إِبرِيقُ

  قَدَّمَتْه على عُقارٍ كعَيْنِ ال ... دِّيكِ صَفَّى سُلَافها الرَّاوُوقُ

  مُزَّةٍ قَبْلَ مَزْجِها فإِذا ما ... مُزِجَت لَذَّ طَعْمَها مَنْ يَذُوقُ

  وطَفَا فوقَها فَقاقِيعُ كالْيا ... قُوتِ حُمْرٌ يَزِينُها التَّصْفِيقُ

  ثم كان المِزاجُ ... إِلخ.

  قالَ الجَوْهَرِيُّ: ومنه قَوْلُ إِبراهيمَ النَّخْعِيّ: «الوُضُوءُ بالطَّرْقِ⁣(⁣١) أَحَبُّ إِليَّ من التَّيَمُّم».

  وأَنشد الصّاغانِيُّ لزُهَيْرِ بِن أَبي سُلْمَى:

  شَجَّ السُّقاةُ على ناجُودِها شَبِماً ... من ماءِ لِينةَ لا طَرْقاً ولا رَنِقَا

  وقد طَرَقت الإِبلُ الماءَ: إِذا بالَتْ فيه وبَعَرَت، وهو مَجازٌ، كذا في الصِّحاحِ والأَساسِ.

  وفي المُفْرَدات: طَرْقُ الدَّوابِّ الماءَ بالرِّجلِ حتى تُكدِّرَه، حتى سُمِّيَ الماءُ الرَّنِقُ طَرْقاً.

  وقالَ الراغبُ: الطَّرْقُ في الأَصْلِ كالضَّرْبِ، إِلا أَنَّه أَخصُّ؛ لأَنه وَقْع⁣(⁣٢) بضَرْب كطَرْق الحَدِيد بالمِطْرقة، ومنه استُعِير ضَرْبُ الكَاهِن بالحَصَى.

  وقال أَبو زَيْد: الطَّرْق: أَن يَخُطَّ الرَّجُلُ في الأَرْضِ بإِصْبَعَينِ، ثم بإِصْبَع ويَقُولُ: ابْنَيْ عِيانْ، أَسْرِعا البَيانْ.

  وفي الحَدِيث: «الطِّيرَةُ والعِيافَةُ والطَّرْقُ من الجِبْتِ»، قال ابنُ الأَثيرِ: الطَّرْق: الضَّرْب بالحَصَى الذي تَفعَلُه النِّساءُ، وقِيلَ: هو الخَطُّ بالرَّمْل.

  وقد استَطْرقتُه أَنا: طَلَبْتُ منه الطَّرْقَ بالحَصَى، وأَنْ يَنْظُرَ لكَ فيه، وأَنشدَ ابنُ الأَعْرابِيِّ:

  خَطّ يَدِ المُسْتَطْرَقِ المَسْؤُولِ

  والطَرْقُ: نَتْفُ الصُّوفِ أَو الشَّعرِ أَو ضَرْبُه بالقَضِيبِ ليَنْتَفِشَ، قال رُؤْبةَ:

  عاذِلَ قد أُولِعْتِ بالتَّرْقِيشِ ... إِليّ سِرّاً فاطْرُقي ومِيشِي

  قالَ الأَزْهَرِيُّ: ومن أَمثالِ العَرَب للَّذِي يَخلِطُ في كَلامِه، ويَتفَنَّنُ فيه قَولُهم: «اطرُقِي ومِيشِي»⁣(⁣٣). فالطَّرْقُ: ضَرْبُ الصُّوفِ بالعَصَا. والمَيْشُ: خَلْطُ الشَّعَرِ بالصُّوف، وقد تَقدَّم في مَحَلِّه. وفي حَدِيثِ عُمَر ¥ «أَنه خَرَج ذاتَ لَيْلَةٍ يَحْرُس، فرأَى مِصْباحاً في بَيْتٍ، فدَنا منه، فإِذا عَجوزٌ تَطْرُق شَعْراً لتَغْزِلَه».

  واسْمُه أَي: القَضِيبُ الذي يُنفَشُ بهِ الصُّوف المِطْرَقُ، والمِطْرَقَةُ بكسرهما. وإِنَّما أَطلَقَه اعتِماداً على الشُّهْرةِ، أَو لِكَوْنه سَبَقَ له ضَبْطُه في أَوَّل التَّركيب. وفي الحَدِيث؛ «أُنْزِلَ مع آدمَ # المِطْرَقَةُ، والمِيقَعَةُ والكَلْبَتان» وفي المَثَل: «ضَرْبُك بالمِغْنَطِيسِ خَيْرٌ من المِطْرَقةِ».

  ومن المَجازِ: الطَّرْقُ: الفَحْلُ الضّارِب جمعه: طُرُوق، وطُرَّاقٌ سُمِّيَ بالمَصْدَر وأَصلُ الطَّرْقِ: الضِّرابُ، ثم يُقالُ للضّاربِ: طرْقٌ بالمَصْدرِ. والمَعْنَى: «أَنَّه ذُو طَرْق» ومنه قَولُ عُمر ¥: «إِنَّ الدَّجاجَةَ لتَفْحَصُ في الرَّمادِ فتَضَعُ لغَيْر الفَحْلِ، والبَيْضَةُ مَنْسُوبةٌ إِلى طَرْقِها» أَي إِلى فَحْلِها. قالَ الرّاعِي يصِفُ إِبِلاً:

  كانَتْ هَجائِنُ مُنذِرٍ ومُحَرِّقٍ ... أُمّاتِهِنَّ وطَرْقُهُنَّ فَحِيلا⁣(⁣٤)

  أَي: كان ذُو طَرْقها فَحْلاً فَحِيلا، أَي: مُنْجِباً.

  والطَّرْقُ: الإِتْيانُ بالَّليْلِ، كالطُّرُوقِ فِيهِما أَي: في الضِّرابِ والإِتْيان باللَّيلِ.

  يقال: طَرَق الفَحلُ الناقةَ يَطرُقها طَرْقاً وطُرُوقاً، أَي: قَعَا⁣(⁣٥) عَلَيْها وضَربَهَا. وفي الحَدِيث: «نَهَى المُسافِرَ أَن يأْتِيَ أَهْلَه طُروقاً» أَي: ليلاً. وكُلُّ آتٍ باللَّيلِ: طارِق،


(١) في التهذيب واللسان «بالماءِ الطرق» ضبطت في اللسان بالرفع، وفي التهذيب بالجر، جعلها صفة للماء.

(٢) في المفردات: لأنه ضربُ توقّعٍ كطرق الحديد.

(٣) انظر مجمع الأمثال ١/ ٣٩١.

(٤) ديوانه ط بيروت ص ٢١٧ وانظر تخريجه فيه. وفيه: كانت نجائب بدل كانت هجائن.

(٥) عن اللسان وبالأصل «قفا».