فصل الطاء مع القاف
  وقيل: أَصْلُ الطُّرُوقِ من(١) الطَّرْق، وهو الدَّقُّ، وسُمِّيَ الآتِي باللَّيْلِ طارِقاً لحاجَتِه إِلى دَقِّ البابِ.
  وطَرَقَ القومَ يَطرُقهم طَرْقاً وطُروقاً: جاءَهم لَيلاً فهو طارِقٌ. وفي المُفْرداتِ الطّارِق: السّالِكُ للطّرِيقِ، لكن خُصَّ في التَّعارف بالآتِي لَيْلاً، فقيل: طَرَقَ أَهْلَه طُروقاً.
  والطَّرْقُ: ضَرْبٌ من أَصْواتِ العُودِ. وقالَ اللَّيْثُ: كُلُّ صَوْتٍ زادَ غَيُره: أَو نَغْمَةٍ من العُودِ ونَحْوِه طَرْقٌ على حِدَةٍ. يُقال: تَضْرِبُ هذِه الجَارِيةُ كَذَا وكذا طَرْقاً.
  والطَّرْقُ أَيضاً: ماءُ الفَحْلِ قال الأَصْمَعِيُّ: يَقولُ الرَّجلُ للرَّجُل: أَعِرْني طَرْقَ فَحْلِكَ العامَ، أَي: مَاءَه وضِرابَه، وقيلَ: أَصْلُ الطَّرْق الضِّرابُ، ثم سُمِّيَ به الماءُ. قالَ ابنُ سِيدَه: وقد يُسْتعارُ للإِنْسانِ، كما قالَ أَبو السّماك - حينَ قالَ له النَّجاشيُّ: ما تَسْقِينِي؟ - «قال: شَرابٌ كالوَرْس، يُطَيِّبُ النَّفْس ويُكثِر الطَّرْق، ويُدِرُّ في العِرْق، يَشُدُّ العِظامَ، ويُسَهِّلُ للفَدْم الكَلامَ». وقد يجوزُ أَن يَكونَ الطَّرْقُ وَضْعاً في الإِنسانِ فلا يَكونُ مُستعاراً.
  ومن المجاز الطَّرْق: ضَعْفُ العَقْل واللِّينُ، وقد طُرِقَ، كعُنِيَ فهو مَطْرُوقٌ، وسَيَأْتي.
  وقالَ اللَّيثُ: الطَّرْقُ: أَن يَخْلِطَ الكاهِنُ القُطْنَ بالصُّوفِ إِذا تَكَهَّنَ. وقالَ الأَزْهَرِيُّ: وقد ذَكَرنا في تَفْسِير الطَّرْق انّه الضَّرْبُ بالحَصَى.
  والطَّرْقُ: النَّخْلَة لُغةٌ طائِيَّة(٢) عن أَبِي حَنِيفةَ، وأَنْشَد:
  كأَنَّه لمّا بَدَا مُخايِلَا ... طَرْقٌ يفوتُ(٣) السُّحُقَ الأَطاوِلَا
  والمَرَّة من المَرَّات طَرْق كالطَّرْقَةِ. وفي بعضِ النُّسَخ «والمَرْأَة» وهو غَلَط.
  وقد اخْتَضَبَت المَرْأَة طَرْقاً أَو طَرْقَين، وطَرْقَةً أَو طَرْقَتَين بِهاءٍ، أَي: مَرَّةً أَو مَرَّتَيْن.
  ومن المَجازِ: أَتيتُه في النَّهار طَرْقَيْن وطَرْقَتَيْن، ويُضَمَّان أَي: مَرَّتَيْن، وكذا طَرْقاً وطَرْقَةً، أَي: مَرَّةً. ومن المَجازِ: يُقال: هذَا النَّبْل طَرْقَةُ رَجُلٍ أَي: صَنْعَتُه.
  والطَّرْقُ: الفَخُّ عن ابن الأَعرابِيِّ أَو شِبْهُه. وقالَ اللَّيثُ: جِبالَةٌ يُصادُ بها الوَحْش، تُتَّخَذُ كالفَخِّ ويُكْسَر.
  وطَرْق: ة بأَصْفَهَان وقد نُسِبَ إِليها المُحَدِّثُون.
  والطّارِقُ: النَّجْمُ الذي يُقال له: كَوْكَبُ الصُّبْح نَقَلَهُ الجوهَرِيُّ. ومنه قَولُه تَعالى: {وَالسَّماءِ وَالطّارِقِ}(٤) أَي: ورَبِّ السَّماءِ ورَبِّ الطَّارق، سُمِّيَ به لأَنه يَطْرُقُ باللَّيلِ.
  وقالَ الراغبُ: وعَبَّر عن النَّجم بالطّارِقِ لاخْتِصاص ظُهورِه باللَّيْلِ. قالَ الصّاغانِيُّ: وتَمثَّلَتْ هِنْدُ بِنْتُ عُتْبةَ بنِ رَبِيعَةَ ^ يَوْمَ أُحُدٍ يقَوْلِ الزَّرْقاءِ الإِيادِيَّةِ(٥)، قالَتْ يومَ أُحُد تَحُضُّ على الحَرْبِ:
  نَحنُ بناتُ طارِقِ(٦) ... لَا ننْثَنِي لِوامِقِ
  نَمْشِي عَلَى النَّمارِقِ ... المِسكُ في المَفارِقِ
  والدُّرُّ في المَخانِقِ ... إِن تُقبِلوا نُعانِقِ
  أَو تُدْبِرُوا نُفارِقِ ... فِراقَ غَيرِ وامِقِ
  أَي: نَحنُ بَنات(٧) سَيِّدٍ، شَبَّهَتْه بالنَّجْمِ شَرَفاً وعُلُوَّاً.
  قالَ ابنُ المُكَرَّم مُؤَلّف اللّسانِ: ما أَعرِفُ نَجْماً يُقالُ لَهُ: كَوْكَب الصُّبْح، ولا سَمِعت مَنْ يذكُرُه في غَيْرِ هذا المَوْضِع، وتارةً يَطْلُع مع الصُّبحِ كَوْكَبٌ يُرَى مُضِيئاً، وتارةً لا يَطلُع معه كَوْكبٌ مِضيءٌ، فإِن كان قاله متجَوِّزاً في لَفْظه، أَي: أَنه في الضِّياءِ مِثلُ الكوكبِ الذي يَطْلعُ مع الصُّبحِ إِذا اتَّفَق طُلوعُ كوكبٍ مُضِيءٍ في الصُّبُح، وإِلّا فلا حقِيقةَ له.
(١) عن اللسان وبالأصل «في الطرق».
(٢) كذا بالأصل واللسان والقاموس، وفي التهذيب: والطويل من النخل يسمى طرْقاً وجمعه طُرُوق، وذكر شطري الراجز.
(٣) في التهذيب واللسان: تفوت.
(٤) الآية الأولى من سورة الطارق.
(٥) قالته الزرقاء حين حارب كسرى إياداً، قاله في التكملة.
(٦) ضبطت الأشطار بجر القافية عن التهذيب واللسان والتكملة. والصحاح.
(٧) في التهذيب: نحن بنات ذي الشرف في الناس، كأنه النجم الوقاد بالليل في علوّ قدره. وبهامش القاموس: عنت أنها من المخدرات اللاتي لا يبرزن إلا ليلاً كالنجم ا هـ قرافي».