تاج العروس من جواهر القاموس،

مرتضى الزبيدي (المتوفى: 1205 هـ)

فصل العين مع القاف

صفحة 347 - الجزء 13

  والعُباب: عَلِقَها، وبِها، وعَلِق حُبُّها بقَلْبه عُلوقاً بالضم وعِلْقاً، بالكَسْر، وعَلَقاً بالتَّحْرِيكِ، وعَلاقَة بالفَتْحِ، أَي: هَوِيَها. قال المَرَّارُ الأَسدِيُّ:

  أَعَلاقةً أُمَّ الوُلَيِّدِ بعدَ ما ... أَفنانُ رأْسِكِ كالثَّغامِ المُخْلِسِ

  وقال كَعْبُ بنُ زُهَيْر ¥:

  إِذا سَمِعتُ بذِكْر الحُبِّ ذَكَّرنِي ... هِنْداً فقد عَلِقَ⁣(⁣١) الأَحْشاءَ ما عَلِقا

  وقال ذُو الرُّمَّة:

  لقد عَلِقَتْ مَيٌّ بقَلْبِي عَلاقةً ... بَطِيئاً على مَرِّ اللّيالي انْحِلالُها

  وقال اللِّحياني، عن الكِسائي: لها في قَلْبِي عِلْقُ حُبّ، وعَلاقَةُ حُبٍّ، وعِلاقة حُبٍّ، قال: ولم يَعرِف الأَصمَعِيُّ: عِلْق حُبّ، ولا عِلاقة حُبّ، إِنما عَرَف عَلَاقَةَ حُبٍّ، بالفَتْح، وعَلَق حُبٍّ، بالتَّحْرِيك.

  والعَلَق من القِرْبَةِ، كعَرَقِها، وهو سَيْر تُعَلَّقُ به، وقيل: عَلَقُها: ما بَقِي فيها من الدُّهْنِ الذي تُدْهَنُ به. وقِيلَ: عَلَقُ القِرْبةِ: الذي تُشَدُّ به ثم تُعَلَّق. وعَرَقُها أَن تَعْرَقَ من جهدها، وقد تقدم.

  وعَلِق يَفْعَلُ كذا مثل طَفِقَ، وأَنْشَدَ الجَوْهَرِيُّ للراجِزِ:

  عَلِقَ حَوْضِي نُغَرٌ مُكِبُّ ... وحُمَّراتٌ شُرْبهُنَّ غِبُّ

  أَي: طَفِق يَرِدُهُ، ويقال: أَحَبَّهُ واعْتادَه. وفي الحَدِيثِ: «فَعَلِقُوا وَجْهَه ضَرْباً» أَي: طَفِقوا، وجَعَلوا يَضْرِبُونه.

  وعَلِق أَمرَه أَي: عَلِمَه. وقَوْلُهم فِي المَثَل:

  عَلِقَتْ مَعالِقَها وصَرَّ الجُنْدَبُ

  تَقَدَّم في حرفِ الرَّاءِ.

  لم أَجده في «ص ر ر» وكَمْ من إِحالاتٍ للمُصَنِّفِ غيرِ صَحِيحة. وفي الصِّحاح: أَصلُه أَنّ رجلاً انْتَهى إِلى بئْرٍ، فأَعْلَق رِشاءَه برِشائِها ثم سارَ إِلى صاحِبِ البِئْرِ، فادَّعَى جِوارَه، فقالَ له: وما سَبَبُ ذلك؟ قال: عَلَّقْتُ رِشائِي برِشائِك، فأَبَى صاحِبُ البئرِ، وأَمَره أَن يَرْتَحِلَ، فقالَ هذا الكلام، أَي: جاءَ الحَرُّ ولا يُمْكِنُنِي الرَّحِيلُ. زاد الصاغانِيُّ: يُضْربُ في اسْتِحْكام الأَمْرِ وانْبِرامِه. وقال غَيرُه: يُقال ذلِك للأَمرِ إِذا وَقَع وثبَتَ، كما يُقال: جَفَّ القَلمُ فلا تَتَعَنَّ. وقال ابنُ سِيدَه: يُضربُ للشَّيءِ تَأْخُذُه فلا تُرِيدُ أَنْ يُفْلِتَك. وقال الزَّمخشريُّ: الضَّمِيرُ للدَّلوِ، والمَعالِقُ يأْتِي ذِكرُها.

  وعَلِقَت المَرْأَةُ عَلَقاً، أَي: حَبِلَتْ، نَقَلَهُ الجَوْهريُّ.

  وعَلِقَت الإِبِلُ العِضاهَ، كنَصَر وسَمِعَ تَعْلُقُ عَلْقاً: إِذا تَسَنَّمَتْها، أَي: رَعَتْها مِنْ أَعْلَاهَا كما في الصِّحاح، واقْتَصَر على البابِ الأَولِ. ونقل الفَرّاءُ عن الدُّبَيْرِيِّين: تعلَّق⁣(⁣٢) كتَسَمَّع. وقال اللِّحيانِيُّ: العَلْق: أَكْلُ البهائِم ورَقَ الشّجرِ، عَلَقَت تَعْلُق عَلْقاً. وقالَ غيرُه: البَهْم تَعْلُق من الوَرَق، أَي: تُصِيبُ، وكذلك الطَّيْرُ من الثَّمَرِ. ومنه الحَدِيثُ: «أَرواحُ الشُّهداءِ في حَواصِلِ طَيْر خُضْرٍ تَعْلُقُ من ثِمارِ الجَنَّة» يُرَوى بضَمِّ اللّامِ وفَتْحِها، الأَخِيرُ عن الفرَّاءِ. قُلتُ: ويُروى «تَسْرح» وقد رَواه عُبَيدُ بنُ عُمَيْر اللَّيْثِيّ. وأَورده أَبو عُبَيْد له في أَحادِيثِ التّابِعِين. قالَ الأَصْمَعِيُّ: تَعْلُق، أَي: تَتَناول بأَفْواهِها. يُقال: عَلَقت تَعلُق عُلوقاً، وأَنشدَ للكُمَيْتِ يَصِفُ ناقَتَه.

  أَو فَوْقَ طاوِيَةِ الحَشَى رَمْلِيَّه ... إِنْ تَدْنُ من فَنَنِ الأَلَاءَةِ تَعْلُقِ

  يقول: كأَنَّ قُتُودِي فوق بَقَرة وَحْشِيَّة. قال ابنُ الأَثِيرِ: هو في الأَصلِ للإِبِلِ إِذا أَكلَت العِضاهَ، فنُقِلَ إِلى الطيرِ.

  وعَلِقت الدَّابَّة، كفَرِح: شَرِبَت المَاءَ فعَلِقَتْ بها العَلَقَةُ كما في الصِّحاح أَي: لَزِمَتْها وقِيلَ: تَعَلَّقَتْ بها.

  والعُلْقَةُ، بالضَّمّ: كُلُّ ما يُتَبَلَّغُ به من العَيْشِ. ومنه حَدِيثُ أَبِي مَالِكٍ - وكانَ من عُلَماءِ اليَهُودِ - يَصِفُ النبيَّ عن التَّوراةِ، فقال: «من صِفَتِه أَنَّه يَلْبَسُ الشَّمْلَةَ، ويَجْتَزئُ بالعُلْقَةِ، معه قَومٌ صُدُورُهم أَناجِيلُهم، قُربانُهُم دِماؤُهم». يُقال: ما يأْكلُ فُلانٌ إِلا عُلْقَةً. وقالَ الأَزهَرِيُّ: العُلْقَةُ من الطَّعامِ والمَرْكَبِ: ما يُتَبَلَّغُ به وإِنْ لم يَكُن تَامَّاً.


(١) عن شرح ديوانه وبالأصل «قلق».

(٢) ضبطت بالقلم في اللسان ط دار المعارف بتخفيف اللام المفتوحة.