[ونصل]
  وقالَ ابن الأَعرابيِّ: الفِتاقُ: عُرجُونُ الكِباسَةِ، وقِيل: الفِتاقُ: قَرْنُ الشَّمْسِ وعَيْنُها حين يطبق عليها ثم يبْدُو منها شيءٌ.
  وقِيلَ في تَفسِير البَيْت السابق: الفِتاقُ: انْفِتاقُ الغَيْمِ عن الشَّمْسِ وانْكِشافُه عنها.
  والفِتاق: أَخلاطٌ من أَدْوِية مَدْقُوقَة مَخْلُوطَة تُفْتَق، أَي: تُخلَط بدُهْنِ الزَّنْبَق(١) ونَحْوِه، لكي تَفوحَ رِيحُه.
  وقِيلَ: الفِتاقُ هو أَنْ يُفتَقَ المِسْكُ بالعَنْبَرِ، قال الشاعِر:
  وكأَنَّ الأَرْيَ المَشُورَ مع الخَمْ ... رِ بِفِيها يَشُوبُ ذاك فِتاقُ
  وقالَ غيرُه:
  عَلَّلَتْهُ الذَّكِيَّ والمِسْكَ طَوْرا ... ومِن الْبانِ ما يَكُونُ فِتاقَا
  وفِتاق: مَاءٌ م أَي: معروف، هكذا في سائِرِ النُّسَخ، وفيه نَظَرٌ، فإِنّه كَيْفَ يكونُ مَعْروفاً وهو مجْهُول يحتاج إِلى التَّبْيِينِ والإِيضاح(٢). والذي ذَكَره أَئِمَّةُ الشّأْنِ أَنّ عَوانةَ وفِتاقاً ماءَان بالعَرَمَةِ، وإِيّاهُما عَنَى الأَعشَى بقوله:
  بكُمَيْتٍ عَرّفاءَ مُجْمَرَةِ الخُفِّ ... عَذَتْها عَوانَةٌ وفِتاقُ(٣)
  وأَفتَقَ الرجلُ: سَمِنَت دَوابُّة فتفتَّقَتْ من الخِصْبِ، عن أَبي عمروٍ.
  وأَفْتَقَ: اسْتَاكَ بالعَراجِين. ونصُّ ابن الأَعرابِيّ: استَاكَ بالفِتاقِ، وهو العُرجون(٤).
  وأَفتَق القَومُ انْفَتَقَ عنهم الغَيْم، وبه فُسِّر قولُهم: خَرجْنا فما أَفتَقْنا حتى وَردْنا اليَمامَة، أَو هو من قولهم: أَفتَقْنا إِذا لم تُمطَر بِلادُنا ومُطِر غيرها. وقال ابنُ السِّكِّيت. أَفتَقَ قَرْنُ الشَّمْس: إِذَا أَصابَ فَتْقاً في السَّحابِ*، فبَدا منه، نقله الجَوْهَرِيُّ، قال ذو الرُّمّة:
  تُرِيك بياضَ لَبَّتِها وَوَجْهاً ... كقَرْنِ الشّمسِ أَفتَقَ ثُمَّ زَالا
  ومن المَجاز: أَفتَقَ الرجلُ: إِذا أَلَحَّت عليه الفُتُوقُ، وهي: اسم للآفاتِ: كالدَّيْن، والفَقْرِ، والمَرَضِ والجُوع.
  ومن المجازِ: أَفتَقَ، إِذا خرج إِلى فَتْقٍ وهو ما انْفَرَجَ واتَّسَع، ومثله أَصْحَر وأَفْضَى، ومنه الحَدِيثُ في مَسِيرِه ﷺ إِلى بَدْر: «ثُمّ صَبّ في دَقْرانٍ، حتى أَفْتَقَ بَينَ(٥) الصَّدْمَتَيْنِ» أَي: خَرَج من مَضِيقِ الوادي إِلى المُتَّسَع.
  وقالَ أَبو زَيْدٍ: انْفَتَقت النَّاقةُ انْفِتاقاً: أَخَذَها داءٌ يُسمَّى الفَتَق، محركةً، يَأْخُذُها فيما بَيْن ضَرْعِها وسُرَّتِها فتَنْفَتِقُ، وذلِكَ من السِّمَنِ، فرُبَّما أَفْرَقَت ورُبَّما تَمُوت به.
  وفُوتَقُ، كفُوفَل: ة بمَرْو مُعَرّب بوُثَه.
  * ومما يُسْتَدْرَكُ عليه:
  الفَتَقُ، محرّكةً: الخَلَّةُ من الغَيْم، والجمع فُتوقٌ.
  وعامٌ ذو فُتُوقٍ: قَلِيلُ المَطَر(٦).
  والفَتَقَةُ، مُحرَّكةً: الأَرضُ التي يُصِيبُ ما حَوْلَها المَطَرُ ولا يُصِيبُها. وسَيْفٌ فَتِيقٌ. حَدِيدٌ. ومنه قولُه:
  [ونَصْل] كنصْلِ الزّاعِبِيّ(٧) فَتِيقِ
  ويقال أَيضاً: سيف فَتِيق الغِرارَينْ إِذا كان ماضياً كأَنه يَفتِق ما أَصابه، فَعِيلٌ بمعنى فاعِلٍ، كما في الأَساس.
  وفَتَق فُلانٌ الكَلام، وبَجَّه: إِذا قَوَّمه ونَقَّحه. وقالَ الزمخشري: هو تَلْخِيصُه وبَيان معناه. وتَقُول للشاعر: فَتِّقْ ولا تُشقِّقْ، وهو مجاز.
  وفي صِفَته ﷺ: «كانَ فِي خاصِرَتَيْه انْفِتاق» أَي: اتِّساع، وهو مَحْمودٌ في الرِّجالِ، مَذْمُومٌ في النِّساءِ.
(١) عن التهذيب وبالأصل «الزئبق» وفي التهذيب: «أدوية» بدل «أخلاط من أدوية».
(٢) الذي في معجم البلدان «فتاق» موضع في شعر الحارث بن حلزة وفي قول الأعشى:
أتاني وغور الحوش بيني وبينه ... كرانس من جنبي فتاق فأبلقا
(٣) ديوانه ط بيروت ص ١٢٧ وبهامشه: عوانة وفتاق: ماءان.
(٤) في اللسان: «وهو عرجون الكباسة» وفي التهذيب: عرجون الكباث.
(*) في القاموس: «السَّماءِ» بدل: «السَّحابِ».
(٥) عن اللسان وبالأصل «من».
(٦) ورد في اللسان شرحاً لقول أبي محمد الحذلمي:
إن لها في العام ذي الفتوقِ
(٧) عن التهذيب، والزبادة في الرجز عن اللسان.