تاج العروس من جواهر القاموس،

مرتضى الزبيدي (المتوفى: 1205 هـ)

[مزق]:

صفحة 444 - الجزء 13

  كمَزَّقَه تَمْزِيقاً للمُبالَغة، أَي: خَرَّقه وقَطَّعه فَتَمزَّق: تخرَّق وتقَطَّع.

  ومَزَق الطّائرُ بسَلْحِه يَمزُق ويَمْزِق مَزْقاً: رَمَى بذَرْقِه.

  ومنه حَدِيث ابنِ عُمَرَ: «أَنَّ طائِراً مَزَقَ عليه».

  ومن المَجازِ: مَزَقَ عِرْضَ أَخِيه مَزْقاً: إِذا طَعَنَ فيه كهَرَدَه، وهو من حدِّ ضَرَب، ومثله: مَزَق فَرْوةَ أَخِيه.

  والمُمَزَّق، كمُعَظَّم هكذا ضَبَطه الفَرّاءُ⁣(⁣١) أَو مُحَدِّث، وبه صَدَّرَ الجوهريُّ: لَقَب شَأْسِ بن نَهار بنِ أَسْودَ بن حَرِيدٍ⁣(⁣٢) بن حُيَىّ بن عَوْف بن سُود بن عُذْرَةَ بن مُنَبِّه بن نُكْرَة [ابن لُكَيْز]⁣(⁣٣) بن أَفْصَى بن عَبدِ القَيْسِ العَبْدِيِّ الشاعر، لُقِّب بذلك لقَوْلِه لِعَمْرِو بنِ المُنْذِر بن عَمْرِو بن النُّعمان:

  فإِن كُنتُ مَأْكُولاً فكُنْ خَيْرَ آكِلٍ ... وإِلَّا فأَدْرِكْني ولَمَّا أُمَزَّقِ⁣(⁣٤)

  وكانَ عَمْرٌو قد هَمَّ بغَزْو عبدِ القَيْس فلما بلغَتْه القَصِيدةُ التي منها هذا البَيْتُ انْصرفَ عن غَزْوِهم. قالَ ابنُ بَرّيّ: وحَكَى المُفضّلُ الضَّبِّيُّ عن أَحمدَ اللُّغَوِي، أَن المُمزَّق العَبْدي سُمِّي بذلك لقوله:

  فمَنْ مُبْلِغُ النُّعمانَ أَنَّ ابنَ أُختِهِ ... على العَيْنِ يَعْتادُ الصَّفَا ويُمزِّقُ⁣(⁣٥)

  ومعنى يُمزِّق يُغَنِّي. قال: وهذا يُقَوِّي قولَ الجَوْهرِيِّ في كَسْرِ الزَّاي في المُمزِّقّ. إِلَّا أَنَّ المَعْرُوفَ في هذا البيت يُمرِّقُ بالرّاءِ. والتَّمْرِيق بالرَّاء: الغِناء، فلا حُجَّةَ فيه على هذَا؛ لأَنَّ الزّاي فيه تَصْحِيف.

  وقالَ الآمِدِيُّ في المُوازَنة: المُمَزَّق «بالفَتْح» هو شأْسُ بن نَهار العَبدِيُّ، سُمِّيَ لقوله: «فإن كُنتُ مَأْكُولاً ...» البيت.

  وأَما المُمَزِّقُ كمُحَدِّث فهو شاعِرٌ حَضْرمِيٌّ متأَخِّرٌ، وكان وَلَدُه يُقالُ له: المُخزِّق⁣(⁣٦) لقوله:

  أَنا المُخرِّقُ⁣(⁣٧) أَعراضَ اللِّئامِ كما ... كان المُمَزِّقُ أَعراضَ اللِّئامِ أَبِي

  وهَجا المُمَزِّقَ أَبُو الشَّمَقْمَقِ، فقال:

  كنتَ المُمَزِّقَ مَرَّةً ... فاليومَ قد صِرْتَ المُمَزَّقْ

  لمّا جَرَيْتَ مع الضَّلا ... لِ غَرِقْتَ في بَحْرِ الشَّمَقْمَقْ

  وأَنْشَده الأَخفشُ عن المُبَرِّد، إِلَّا أَنّه قالَ المُمَزِّقُ بن المُخَرِّق.

  والمُمَزَّق كمُعَظَّم: مَصْدَرٌ كالتَّمْزِيق. ومنه قَولُه تَعالَى: {وَمَزَّقْناهُمْ كُلَّ مُمَزَّقٍ}⁣(⁣٨) أَي: فَرَّقْناهم فتَفَرَّقوا. وقولُه تَعالَى: {إِذا مُزِّقْتُمْ كُلَّ مُمَزَّقٍ}⁣(⁣٩) أَي: إِذا فُرِّقَتْ أَجْسامُكم في القُبُورِ. وفي حَدِيثِ كِتابه إِلى كِسْرَى «لَمَّا مَزَّقه دَعَا عليهم أَن يُمَزَّقوا كلَّ مُمَزَّقٍ»، أَرادَ زَوالَ مُلْكِهم، وقَطْعَ دابِرِهم، وهو مَجازٌ.

  والمِزَقُ، كعِنَبٍ: القِطَعُ من الثَّوْبِ المَمْزُوقِ نَقَلَهُ الجَوْهَريُّ. يُقال: صارَ الثَّوْبُ مِزَقاً. قالَ الليثُ: ولا يَكادُون يُفْرِدُون المِزْقَة، وكذلِك المِزَق من السَّحاب.

  يُقال: سَحابَةٌ مِزَقٌ، على التَّشبِيهِ، كما قالُوا: كِسَفٌ. قال رُؤْبة:

  في عانَةٍ تُلْقِي⁣(⁣١٠) النَّسِيلَ عِقَقَا ... قد طار عنها في المَراغِ مِزَقَا

  وناقَةٌ مِزاقٌ، كَكِتاب: سَرِيعةٌ جِدّاً نَقَلَه الجَوْهريُّ، وهو قَولُ ابنِ السّكِّيتِ، زادَ غيرُه: يكادُ يتَمزَّقُ عنها جِلدُها من نَجائِها، وزادَ في التهذِيبِ: ناقةٌ شَوْشاة مِزاقٌ: سَرِيعَة. قالَ اللَّيثُ: سُمِّيت مِزاقاً لأَنَّ جِلدَها يكادُ يتَمزَّقُ عنها من سُرْعَتِها. قال حُمَيْد بنُ ثَوْرٍ ¥:

  فجاءُوا بشَوْشاةٍ مِزاقٍ تَرَى بها ... نُدُوباً من الأَنْساعِ فَذّاً وتَوْأَمَا


(١) ونص الآمدي على ضبط «بالفتح» المؤتلَف ص ١٨٥.

(٢) عن المطبوعة الكويتية وبالأصل «خريك».

(٣) زيادة عن جمهرة ابن حزم ص ٢٩٩، وبالأصل «بكرة» والمثبت نكرة عن ابن حزم.

(٤) المؤتلف للآمدي ص ١٨٥.

(٥) من قصيدة مفضلية رقم ٨١ بيت رقم ٣ وفيها: ويمرق بالراء.

(٦) في المؤتلف للآمدي ص ١٨٦ «المخرق» واسمه عباد.

(٧) في المؤتلف للآمدي ص ١٨٦ «المخرق» واسمه عباد.

(٨) سورة سبأ الآية ١٩.

(٩) سورة سبأ الآية ٧.

(١٠) عن الديوان ص ١١٠ وبالأصل «يلقى».