[مزق]:
  كمَزَّقَه تَمْزِيقاً للمُبالَغة، أَي: خَرَّقه وقَطَّعه فَتَمزَّق: تخرَّق وتقَطَّع.
  ومَزَق الطّائرُ بسَلْحِه يَمزُق ويَمْزِق مَزْقاً: رَمَى بذَرْقِه.
  ومنه حَدِيث ابنِ عُمَرَ: «أَنَّ طائِراً مَزَقَ عليه».
  ومن المَجازِ: مَزَقَ عِرْضَ أَخِيه مَزْقاً: إِذا طَعَنَ فيه كهَرَدَه، وهو من حدِّ ضَرَب، ومثله: مَزَق فَرْوةَ أَخِيه.
  والمُمَزَّق، كمُعَظَّم هكذا ضَبَطه الفَرّاءُ(١) أَو مُحَدِّث، وبه صَدَّرَ الجوهريُّ: لَقَب شَأْسِ بن نَهار بنِ أَسْودَ بن حَرِيدٍ(٢) بن حُيَىّ بن عَوْف بن سُود بن عُذْرَةَ بن مُنَبِّه بن نُكْرَة [ابن لُكَيْز](٣) بن أَفْصَى بن عَبدِ القَيْسِ العَبْدِيِّ الشاعر، لُقِّب بذلك لقَوْلِه لِعَمْرِو بنِ المُنْذِر بن عَمْرِو بن النُّعمان:
  فإِن كُنتُ مَأْكُولاً فكُنْ خَيْرَ آكِلٍ ... وإِلَّا فأَدْرِكْني ولَمَّا أُمَزَّقِ(٤)
  وكانَ عَمْرٌو قد هَمَّ بغَزْو عبدِ القَيْس فلما بلغَتْه القَصِيدةُ التي منها هذا البَيْتُ انْصرفَ عن غَزْوِهم. قالَ ابنُ بَرّيّ: وحَكَى المُفضّلُ الضَّبِّيُّ عن أَحمدَ اللُّغَوِي، أَن المُمزَّق العَبْدي سُمِّي بذلك لقوله:
  فمَنْ مُبْلِغُ النُّعمانَ أَنَّ ابنَ أُختِهِ ... على العَيْنِ يَعْتادُ الصَّفَا ويُمزِّقُ(٥)
  ومعنى يُمزِّق يُغَنِّي. قال: وهذا يُقَوِّي قولَ الجَوْهرِيِّ في كَسْرِ الزَّاي في المُمزِّقّ. إِلَّا أَنَّ المَعْرُوفَ في هذا البيت يُمرِّقُ بالرّاءِ. والتَّمْرِيق بالرَّاء: الغِناء، فلا حُجَّةَ فيه على هذَا؛ لأَنَّ الزّاي فيه تَصْحِيف.
  وقالَ الآمِدِيُّ في المُوازَنة: المُمَزَّق «بالفَتْح» هو شأْسُ بن نَهار العَبدِيُّ، سُمِّيَ لقوله: «فإن كُنتُ مَأْكُولاً ...» البيت.
  وأَما المُمَزِّقُ كمُحَدِّث فهو شاعِرٌ حَضْرمِيٌّ متأَخِّرٌ، وكان وَلَدُه يُقالُ له: المُخزِّق(٦) لقوله:
  أَنا المُخرِّقُ(٧) أَعراضَ اللِّئامِ كما ... كان المُمَزِّقُ أَعراضَ اللِّئامِ أَبِي
  وهَجا المُمَزِّقَ أَبُو الشَّمَقْمَقِ، فقال:
  كنتَ المُمَزِّقَ مَرَّةً ... فاليومَ قد صِرْتَ المُمَزَّقْ
  لمّا جَرَيْتَ مع الضَّلا ... لِ غَرِقْتَ في بَحْرِ الشَّمَقْمَقْ
  وأَنْشَده الأَخفشُ عن المُبَرِّد، إِلَّا أَنّه قالَ المُمَزِّقُ بن المُخَرِّق.
  والمُمَزَّق كمُعَظَّم: مَصْدَرٌ كالتَّمْزِيق. ومنه قَولُه تَعالَى: {وَمَزَّقْناهُمْ كُلَّ مُمَزَّقٍ}(٨) أَي: فَرَّقْناهم فتَفَرَّقوا. وقولُه تَعالَى: {إِذا مُزِّقْتُمْ كُلَّ مُمَزَّقٍ}(٩) أَي: إِذا فُرِّقَتْ أَجْسامُكم في القُبُورِ. وفي حَدِيثِ كِتابه إِلى كِسْرَى «لَمَّا مَزَّقه دَعَا عليهم أَن يُمَزَّقوا كلَّ مُمَزَّقٍ»، أَرادَ زَوالَ مُلْكِهم، وقَطْعَ دابِرِهم، وهو مَجازٌ.
  والمِزَقُ، كعِنَبٍ: القِطَعُ من الثَّوْبِ المَمْزُوقِ نَقَلَهُ الجَوْهَريُّ. يُقال: صارَ الثَّوْبُ مِزَقاً. قالَ الليثُ: ولا يَكادُون يُفْرِدُون المِزْقَة، وكذلِك المِزَق من السَّحاب.
  يُقال: سَحابَةٌ مِزَقٌ، على التَّشبِيهِ، كما قالُوا: كِسَفٌ. قال رُؤْبة:
  في عانَةٍ تُلْقِي(١٠) النَّسِيلَ عِقَقَا ... قد طار عنها في المَراغِ مِزَقَا
  وناقَةٌ مِزاقٌ، كَكِتاب: سَرِيعةٌ جِدّاً نَقَلَه الجَوْهريُّ، وهو قَولُ ابنِ السّكِّيتِ، زادَ غيرُه: يكادُ يتَمزَّقُ عنها جِلدُها من نَجائِها، وزادَ في التهذِيبِ: ناقةٌ شَوْشاة مِزاقٌ: سَرِيعَة. قالَ اللَّيثُ: سُمِّيت مِزاقاً لأَنَّ جِلدَها يكادُ يتَمزَّقُ عنها من سُرْعَتِها. قال حُمَيْد بنُ ثَوْرٍ ¥:
  فجاءُوا بشَوْشاةٍ مِزاقٍ تَرَى بها ... نُدُوباً من الأَنْساعِ فَذّاً وتَوْأَمَا
(١) ونص الآمدي على ضبط «بالفتح» المؤتلَف ص ١٨٥.
(٢) عن المطبوعة الكويتية وبالأصل «خريك».
(٣) زيادة عن جمهرة ابن حزم ص ٢٩٩، وبالأصل «بكرة» والمثبت نكرة عن ابن حزم.
(٤) المؤتلف للآمدي ص ١٨٥.
(٥) من قصيدة مفضلية رقم ٨١ بيت رقم ٣ وفيها: ويمرق بالراء.
(٦) في المؤتلف للآمدي ص ١٨٦ «المخرق» واسمه عباد.
(٧) في المؤتلف للآمدي ص ١٨٦ «المخرق» واسمه عباد.
(٨) سورة سبأ الآية ١٩.
(٩) سورة سبأ الآية ٧.
(١٠) عن الديوان ص ١١٠ وبالأصل «يلقى».