تاج العروس من جواهر القاموس،

مرتضى الزبيدي (المتوفى: 1205 هـ)

[صنخب]:

صفحة 154 - الجزء 2

  القِرْطَاسَ صَيْباً لُغَةٌ في أَصَابَه. وإِنَّه لَسَهْمٌ صَائِبٌ أَي قَاصِدٌ. والعربُ تقُولُ للسَّائِر في فَلَاةٍ يَقْطَع بالحَدْسِ إِذا زَاغَ عن القَصْد: أَقِمْ صَوْبَكَ، أَي قَصْدَك. وفُلَانٌ مُسْتَقِيمُ الصَّوْب إِذا لم يَزِغْ عن قَصْدِه يَمِيناً وشِمَالاً في مَسِيرهِ. وفي المَثَلِ: «مَع الخَوَاطِئِ سَهْمٌ صَائِب».

  والصَّوْبُ: المَجيءُ من مكان علٍ، وقَدْ صَابَ. وكُلُّ نَازِلٍ من عُلُوٍّ إِلَى⁣(⁣١) استِفَال فهو صَابَ يَصُوبُ، وأَنشد:

  فَلَسْتَ لإِنْسِيٍّ ولكِنْ لمَلْأَكٍ ... تَنَزَّلَ مِنْ جَوِّ السَّمَاءِ يَصُوبُ

  قال ابن بَرِّيّ: البَيْتُ لِرَجُلٍ من عَبْدِ القَيْسِ يَمْدَحُ النُّعْمَانَ، وقِيلَ: هُوَ لأَبِي وَجْزَةَ⁣(⁣٢) يَمْدَحُ عَبْد اللهِ بْن الزُّبَيْرِ، وقِيلَ: هو لعَلْقَمَة بْن عَبَدة.

  كالتَّصَوُّب، وهو حَدَبٌ في حُدُورٍ. والتَّصَوُّبُ أَيْضاً: الانْحِدَارُ.

  والصَّوْبُ: لَقَبُ رَجُل من العَرَبِ، وهو أَبُو قَبِيلَة مِنْ بَكْرِ بْنِ وَائِل. قال رَجُلٌ مِنْهُم في كَلَامِه، كأَنَّه يُخَاطِبُ بَعِيرَه: حَوْب حَوْب، إِنَّه يومُ دَعْقٍ وشَوْب، لالَعاً لِبَنِي الصَّوْبِ.

  والصَّوْبُ: الإِرَاقَةُ. يُقَالُ: صَابَ المَاءَ وصَوَّبَهُ: صَبَّه وأَرَاقَه. أَنْشَد ثَعْلَبٌ في صفة سَاقِيَيْن:

  وحَبَشِيَّيْن إِذَا تَحَلَّبا ... قَالا نَعَمْ قَالا نَعَمْ وصَوَّبا

  والصَّوْبُ: مَجِئُ السَّمَاءِ بالمَطَرِ. وقال اللَّيْثُ: الصَّوْبُ: المَطَرُ. وصَابَ الغَيْثُ بمكان كَذَا وكَذَا. وصَابَتِ السَماءُ الأَرْضَ: جَادَتْهَا. وصَابَ أَي نَزَل. قَالَه ابن السيد في الفرق. وصَابَه المَطَر أَي مُطِرَ. وفي قول الشاعر:

  فسَقَى دِيَارَك غَيْرَ مُفْسِدِهَا ... صَوْبُ الرَّبِيعِ وَدِيمَةٌ تَهْمِي

  قال شَيْخُنا: جَوَّزَ ابْنُ هِشَامٍ كَوْنَ الصَّوْبِ بمَعْنَى النُّزُول مِنْ صَابَ، وكَوْنَه بمَعْنَى المَطَر. وعَلَى الأَوَّلِ فالرَّبِيعُ مَعْنَاه المَطَر. وعَلَى الثَّانِي مَعْنَاه الفَضْل. والصَّوْبُ أَيضاً بمَعْنَى الناحِيَة والجِهَة، وقَد أَهْمَلَه المُصَنِّفُ، وجَعَلَه بعضُهم استِعَارَةً مِن الصَّوْبِ بمَعْنَى المَطَر. والصَّحِيحُ أَنه حَقِيقَةٌ في الجَانِبِ والجِهَةِ، عَلَى مَا فِي التَّهْذِيبِ والمِصْبَاح، وذكره الخَفَاجِيُّ في العِنَايَة وابْنُ هِشَام في شَرْحِ الكَعْبِيَّة، كما ذَكَرَه شَيْخُنَا.

  والإِصَابَةُ: خِلَافُ الإِصْعَاد، وقَد أَصَابَ الرَّجُلُ. قال كُثَيِّر عَزّة:

  ويَصْدُرُ⁣(⁣٣) شَتَّى من مُصِيبٍ ومُصْعِدٍ ... إِذَا مَا خَلَت مِمَّن يَحِلُّ المَنَازِلُ

  والإِصَابَةُ: الإِتْيَانُ بالصَّوَاب. وأَصَابَ. جَاءَ بالصَّوَابِ.

  والإِصَابَةُ أَيضاً إِرَادَتُه أَي الصَّوَاب. وأَصَابَ في قَوْلِه، وأَصَابَ القِرْطَاسَ، وأَصَاب في القِرطَاس، إِذا لم يُخْطِئ.

  والإِصَابَةُ: الوجْدَانُ. يُقَالُ: أَصَابَهُ: رَآه صَوَابا، وَوَجَدَه صَوَاباً. وفي حَدِيثِ أَبِي وَائِل: «كان يُسْأَلُ عن التَّفْسِيرِ فَيَقُولَ: أَصَابَ اللهُ الَّذِي أَرَادَ» يَعْنِي أَرَادَ اللهُ الذِي أَرَادَ، وأَصْلُه من الصَّوَابِ.

  وقَوْلُهُم للشِّدَّةِ إِذَا نَزَلَت: صَابَت بِقُرٍّ، أَيْ صَارَتِ الشِّدَّةُ في قَرَارِهَا.

  وفي الأَسَاسِ⁣(⁣٤)، ومن المَجَاز: أَصَابَ الشيءَ: وَجَدَه.

  وأَصَابَه أَيْضَاً: أَرادَه. قلْتُ: وبِه فَسَّرَ أَبُو بَكْر قَوْلَه تَعَالى: {تَجْرِي بِأَمْرِهِ رُخاءً حَيْثُ أَصابَ}⁣(⁣٥) قال: أَرَادَ: حَيْثُ أَرَادَ. وأَنشد:

  وغَيَّرَهَا مَا غَيَّر النَّاسَ قَبْلَهَا ... فَنَاءَتْ وحَاجَاتُ النُّفُوسِ تُصِيبُهَا

  أَراد تُرِيدُهَا، ولا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ أَصَابَ مِن الصَّوَابِ الَّذِي هُوَ ضِدُّ الخَطَإِ؛ لأَنَّه لَا يَكُونُ مُصِيباً ومُخْطِئاً في حال واحدة⁣(⁣٦)، كذا في لِسَان العَرَب، وراجع شَرْحَ المَقَامَات للشّرِيشِيّ، وقَوْل رُؤْبَة فِيهِ:


(١) في اللسان: إلى سُفْلٍ، فقد صاب.

(٢) بالأصل «وجرة» تصحيف.

(٣) عن اللسان، وبالأصل «ويندر».

(٤) كذا في الأصل، وليست العبارة في الأساس، وإنما أثبتت في اللسان.

(٥) سورة ص الآية ٣٦.

(٦) بهامش المطبوعة المصرية: «قوله لأن لا يكون الخ لعل المراد أنه لما قيد جرى الريح بالجهة التي أصاب فيها اقتضى أن يكون أخطأ في غيرها وهذا يستلزم وجود الخطأ والصواب معاً».