تاج العروس من جواهر القاموس،

مرتضى الزبيدي (المتوفى: 1205 هـ)

فصل الصاد المهملة

صفحة 156 - الجزء 2

  فكأَنَّهَا شِهَابُ نَارٍ، وربما أَضْعَفَ البَصَرَ، وأَنْشَدَ قَوْلَ أَبِي ذُؤَيْب السَّابِقِ. قال: والمُشْتَجِر: الَّذِي يَضعُ يَدَه تَحْتَ حَنَكِه مُذَّكِّراً لِشِدَّةِ هَمِّه. ثم قَال: وقَال ابْنُ جِنِّي: عَيْنُ الصَّابِ واوا قِيَاساً واشْتِقَاقاً. أَمَّا القِيَاسُ فلأَنَّهَا عَيْن، والأَكْثَرُ أَنْ تكُونَ وَاواً. وأَمَّا الاشْتِقاقُ فلأَنَّ الصَّابَ شَجَرٌ إِذَا أَصَابَ العَيْنَ حَلَبَهَا. وهو أَيضاً شَجَرٌ إِذَا شُقَّ سَالَ منه⁣(⁣١) المَاءُ، وكِلَاهُمَا مِنْ مَعْنَى صَابَ يَصُوبُ إِذَا انْحَدَرَ.

  والسَّهْمُ الصَّيُوبُ كَصَبُورٍ في مَعْنى الصَّائِبِ.

  ومن المَجَازِ: رَأْيٌ مُصِيبٌ وصَائب. كالصَّوِيب بمَعْنَى صَائب.

  وفي لسان العرب: قال ابنُ جنِّي: لم نَعْلَم في اللُغَة صِفَةً على فَعِيل مِمَّا صَحَّتْ فَاؤُه ولَامُه، وعَيْنه وَاوٌ، إِلا قَوْلَهم طَوِيلٌ وقَوِيمٌ وصَوِيبٌ. قال: فأَمَّا العَوِيص فصِفَةٌ غَالِبَةٌ تَجْرِي مَجْرَى الاسْمِ، وَهَذَا في المُحْكَم. قال شَيْخُنَا: وهو في مُهمّاتِ النَّظَائِرِ والأَشْبَاهِ.

  ويقال: هو في صَوَّابَة⁣(⁣٢) القَوْمِ أَي في لُبَابِهِم.

  وصَوَّابَةُ⁣(⁣٢) القَوْم: جَمَاعَتهم كَصُيَّابَتِهِم وصُيَّابهم تُذْكَرُ في الياءِ، لأَنَّها يَائِيَّةٌ ووَاوِيَّةٌ⁣(⁣٣).

  ومن المَجَازِ: اسْتَصَابَه أَي الرَّأْيَ بمَعْنَى اسْتَصْوَبَه.

  وقَالَ ثَعْلَبٌ: اسْتَصَبْتُه قيَاسٌ. والعَرَبُ تَقُولُ: استَصْوَبْتُ رَأْيَك.

  وصَوَّبَهُ: قَالَ لَهُ أَصَبْتَ. وتَقُولُ: إِنْ أَخْطَأْتُ فَخَطِّئِني، وإِنْ أَصَبْتُ فصَوِّبْنِي.

  ومن المجَاز: صَوَّبَ اللهُ رَأْسَه: خَفَضَه. والتَّصْوِيبُ: خِلافُ التَّصعِيدِ.

  وفي التَّهْذِيبِ: صَوّبتُ الإِنَاءَ وَرَأْسَ الخَشَبَة [تصويباً]⁣(⁣٤) إِذا خَفَضْتَه. وكُرِهَ تَصْوِيبُ الرَّأْسِ في الصَّلَاةِ.

  وفي الحَدِيثِ: «مَنْ قَطَع سِدْرَةً صَوَّبَ الله رَأْسَهُ في النَّارِ».

  سُئلَ أَبُو دَاوود السِّجِسْتَانِيّ عَن هَذَا الحَدِيث فقال: هو مُخْتَصر، ومَعْنَاه: مَنْ قَطَع سِدْرَةً في فَلَاة يَسْتَظِلُّ بها ابْنُ السَّبِيل⁣(⁣٥) بِغَيْرِ حَقٍّ يكون له فِيها صَوَّبَ الله رَأْسَه أَي نَكَّسَه.

  ومنه الحَدِيثُ: «وصَوَّبَ يَدَهُ» أَي خَفَضَهَا، كذا في لِسَانِ العَرَبِ.

  وعن ابن الأَعْرَابِيّ: المِصْوَبُ أَي كمِنْبَر: المِغْرَفَة عن ابْنِ الأَعْرَابِيِّ.

  والصُّوبَةُ بالضَّمِّ: كُلُّ مُجْتَمِع عن كُرَاع أَو الصُّوبَةُ: الجَمَاعَة مِنَ الطَّعَام، والصُّوبَةُ: الكُدْسَةُ من الحِنْطَة والتَّمْرِ وغَيْرِهِما. والصُّوبَةُ: الكَبْشَة⁣(⁣٦) من تُرَابٍ أَو غَيْرِه. وعن ابن السكّيت: الصُّوبَةُ: الجَرِينُ أي مَوْضِعُ التَّمْرِ⁣(⁣٧). وحكى اللِّحْيَانيّ عن أَبِي الدِّينَارِ الأَعْرَابِيّ: «دخلتُ عَلَى فلان فإِذَا الدَّنَانِير صُوبَةٌ بَيْن يَدَيْه» أَي كُدْسٌ مَهِيلَةٌ. ومن رَوَاه «فإِذَا الدِّينَار» ذَهَبَ بالدِّينَارِ إِلَى مَعْنَى الجِنْسِ، لأَنَّ الدِّينَارَ الوَاحدَ لَا يَكُون صُوبَةً، هكَذَا في لِسَانِ الْعَرَب. غَيْر أَنِّي رَأَيْتُ في الأَسَاسِ قَوْلَهُم: والدَّنَانِير صُوبةٌ بَيْن يَدَيْهِ مهانة⁣(⁣٨) فليُنْظَرْ.

  وصَوْبَة بالفتح بلا لام: فَرَسَانِ لحسان⁣(⁣٩) بن مُرَّة بْنِ جَنْدَلَة مِنْ بَنِي سَدُوس وفرس العَبَّاس بْنِ مِرْدَاسِ السُّلَمِيّ، نَقَلَه الصَّاغَانِيّ.

  ومما يُسْتَدْرَكُ عَلَيْه: صَوَّبتُ الفَرَسَ إِذَا أَرْسَلْتَه في الجَرْي. قال امْرُؤُ القَيْس:

  فَصَوَّبْتُهُ كأَنَّهُ صَوْبُ غَبْيَةٍ⁣(⁣١٠) ... عَلَى الأَمْعَزِ الضَّاحِي إِذَا سِيطَ أَحْضَرَا

  والصِّيَابُ⁣(⁣١١) جَمْع صَائِب كَصَاحِب وصِحَاب، وأَعَلَّ


(١) عن اللسان، وبالأصل «منها».

(٢) ضبط اللسان: صُوَّابَة.

(٣) في المطبوعة الكويتية: «يائية واوية» تحريف.

(٤) زيادة عن اللسان.

(٥) زيد في النهاية: عبثاً وظلماً.

(٦) في اللسان: الكثبة.

(٧) في اللسان: أهل الفلج يسمون الجرين الصُّوبة.

(٨) بهامش المطبوعة المصرية: «قوله مهانة كذا بخطه وعبارة الأساس الذي بيدي: ودخلت عليه فإذا الدنانير صوبة بين يديه أي مهيلة. وهي ظاهرة موافقه لما نقله عن اللسان».

(٩) كذا في القاموس، وبالأصل «لحيان».

(١٠) عن اللسان، وبالأصل «غيبة».

(١١) يريد قول أبي ذؤيب:

إذا نهضتْ فيه تصعّد نَفْرُها ... كعنز الفلاة مُسْتَدِرٍّ صِيابُها