فصل الحاء مع الكاف
  وقالَ الأزْهَريُّ: وحَبِيكُ البَيْضِ للرأْسِ: طَرَائقُ حديدِه وأَنْشَدَ:
  والضَّاربون حَبِيكَ البَيْض إذ لحِقُوا ... لا يَنْقُصُون إذا ما اسْتُلْحِمُوا وحَمُوا(١)
  قالَ: وكذلِكَ طرائِقُ الرَّملِ فيمَا تَحْبِكُه الرِّياحُ إذا جَرَتْ عليه.
  والحَبَكَةُ مُحَرَّكةً الأَصْلُ من أُصولِ الكَرْمِ كالحَبَكِ بحذفِ الهاءِ، وفي بعضِ النسخِ كالحَبيك والأوْلى الصَّوابُ وليسَ بتصْحيف.
  والحَبَكةُ: الحَبَّةُ مِنَ السَّويقِ لُغَةٌ في العَبَكَةِ عن اللّيْثِ قالَ: يقالُ ما ذُقْنا عنْدَه(٢) حَبَكَة ولا لَبَكَة، قالَ: وبعضٌ يقُولُ عَبَكَة، قالَ: والحَبَكَةُ والعَبَكَةُ من السَّويقِ، واللَّبَكَة: اللَّقْمَةُ من الثَّرِيدِ؛ قالَ الأَزْهَرِيُّ: ولم نَسْمَعْ حَبَكَة بمعْنَى عَبَكَة لغيرِ اللَّيْثِ، قالَ: وقد طَلَبْته في بابِ العَيْنِ والحاءِ لأَبي تُرابٍ فلم أَجِدْه، والمَعْرُوفُ ما في نِحْيه عَبَكَة ولا عَبَقَةٌ أي لَطخٌ من السَّمنِ أَو الرُّبِّ(٣)، من عَبِقَ به وعَبِكَ به أي لَصِقَ به.
  وذو الحَبَكَةِ لَقَبُ عُبَيْدَةَ أو عَبْدَةَ بنُ سَعْدٍ بنِ قَيْس بن أُبيّ بنِ عائِذٍ بنِ سَعْد بن جذيْمةَ بن كَعْب بن رَفَاعَةَ بنِ مالِكٍ بنِ نَهْد النَّهْدِيُّ وابْنُه كَعْب بنِ ذِي الحَبَكَةِ وكان شِيْعيًّا وسَيَّره عُثْمان ¥ فيمَنْ سَيَّر إلى جَبَلِ الدُّخانِ بدنباوند.
  قلْتُ: وقَتَلَه بسْرُ بنُ أَبي أَرْطاة بتَثْلِيث.
  وقالَ ابنُ عَبَّادٍ: الحِبَكُّ كخِدَبٍّ اللَّئِيمُ قال: وكعُتُلٍّ الشَّديدُ.
  وحَبَكَ بها وحَبَجَ بها مِثْل حَبَقَ بها.
  وحَبَكَ فلاناً في البَيْعِ إذا رَادَّهُ.
  وحَبَكَ الثَّوْبَ حَبْكاً أجادَ نَسْجَهُ وأحْكَمَهُ؛ قالَ ابنُ عَبَّادٍ وحِباكُ الحمام بالكسر سوادُ ما فَوْقَ جَنَاحَيْهِ يُقال: ما أَمْلَح حِباكَ هذه الحمامة ومِثْلُه في الأَسَاسِ والمَحْبُوكُ الفَرَسُ القَوِيُّ الشَديدُ الخلق المُحْكَمُه؛ قالَ أَبُو دُوَادٍ يصِفُ فَرَساً:
  مَرَج الدِّينُ فأَعْدَدْتُ له ... مُشْرِفَ الحارِكِ مَحْبوكَ الكَتَدْ(٤)
  وقالَ شَمِرٌ: دَابَّة مَحْبُوكةٌ إِذا كانَتْ مُدْمَجَة الخَلقِ. وقالَ اللَّيْثُ: إِنَّه لَمَحْبُوكُ المَتْنِ والعَجُز إذا كانَ فيه اسْتِواءٌ مع ارْتِفاعٍ وأَنْشَدَ:
  على كُلِّ مَحْبُوكِ السَّراةِ كأنَّه ... عُقابٌ هَوَتْ من مَرْقبٍ وتَعَلَّتِ(٥)
  والتَّحْبيكُ التَّوْثيقُ عن شَمِر، ومنه حَبَكْت العُقْدَةَ إذا وَثَّقْتها كما في الأَسَاسِ. والتَّحْبيكُ أَيْضاً التَّخْطِيطُ يُقالُ: كِسَاءٌ مُحَبَّكٌ إذا كان مخطَّطاً كما في الأَسَاسِ. وفي صِفَةِ الدَّجَّالِ: مُحَبَّكُ الشَّعَرِ أي مُجَعَّدُهُ ويُرْوَى حُبُكُ الشَّعَرِ بضمَّتَيْن وهو بمَعْنَاهُ الأَخِيرةُ عن ابنِ دُرَيْدٍ، ونَقَلَه الجَوْهَرِيُّ أَيْضاً؛ وفي المصنِّفِ لأبي عُبَيْد في الحدِيثِ المَرْفوعِ: رأْسُه حُبُك حُبُك وقَدْ تَقَدَّم.
  * وممَّا يُسْتَدْرَكُ عَلَيه:
  الحِباكُ ككِتابِ أَنْ يُجمَعَ خَشَبٌ كالحَظِيْرة ثم يُشَدُّ في وَسَطِه بحَبْلٍ يَجْمَعُه قالَهُ اللَّيْثُ. وقالَ الأَزْهَرِيُّ الحِبَاكُ: الحَظِيْرةُ(٦) بقَصَباتٍ تُعْرَضُ ثم تُشَدُّ، تقولُ: حُبِكَتِ الحَظِيْرةُ بقَصَباتٍ كما تُحْبَكُ عُرُوشُ الكَرْمِ بالحبالِ.
  والحَبَائِكُ الطَّرَائقُ في السَّمَاءِ، ومنه(٧) قَوْلُ عَمْروٍ بن مرَّة ¥ يمدَحُ النبيَّ، ﷺ:
  لأَصْبَحْتَ خيرَ الناسِ نَفْساً ووالداً ... رَسُولَ مَلِيك الناسِ فوقَ الحَبَائِكِ(٨)
  يعنِي بها السَّمَوات لأنَّ فيها طرقَ النُّجُوم: وحَبَكَ عُرُوشَ الكَرْمِ: قَطَعَها.
(١) التهذيب واللسان والأساس.
(٢) في التهذيب: ما طعمنا عنده.
(٣) التهذيب: أو الزيت.
(٤) اللسان والصحاح والتكملة، وفي اللسان: «مرج الدهر» قال الصاغاني في التكملة: والرواية: أرِبَ الدهرُ فأعددت له.
(٥) في الأساس نسب للأعشى، وهو في ديوانه ط بيروت ص ٣٤ برواية: «إذ تعلّت» والتهذيب واللسان.
(٦) في التهذيب: رباط الحظيرة.
(٧) في اللسان: وفي حديث عمرو بن مرة.
(٨) اللسان.