تاج العروس من جواهر القاموس،

مرتضى الزبيدي (المتوفى: 1205 هـ)

[حفلك]:

صفحة 544 - الجزء 13

  قُلْتُ: وإذا قلْنا أي دَعَاني إلى حَكِّهِ. فلا إشْكَالَ.

  والإسْمُ الحِكَّةُ بالكسر والحُكَاكُ: كغُرَابٍ ويقالُ تَحاكَّا إذا اصْطَكَّ جِرْماهُما فَحَكَّ كُلٌّ منهما الآخَرَ ومن المجازِ: ما حَكَّ في صَدْرِي منه شيءُ أي ما تَخَالَجَ وما حَكَّ في صْدرِي كَذا أي لم يَنْشَرِحْ له صَدْرِي، ومنه الحدِيثُ: «والإِثْمُ ما حَكَّ في صدْرِكَ⁣(⁣١) وكرهْتَ أَنْ يطَّلِعَ عليه الناسُ». وفي الحدِيثِ: وقَدْ سُئِلَ عن الإثمِ فقالَ: ما حَك في صدْرِك فدَعْهُ.

  واحْتَكّ به إذا حَكّ نفْسَهُ عليه كاحْتِكَاكِ الأجْرَبِ بالخَشَبَة.

  ومن المجازِ: المُحَاكَّةُ المُبَاراةُ. وقد حَاكَّه مُحَاكَّةً وحكَاكاً.

  والحِكَّةُ بالكسر الجَرَبُ قال شَيْخُنَا: وهذا صَرِيحٌ في أنَّ الحِكَّةَ والجَرَبَ مُتَرَادِفَان، وإليه مَيْلٌ كَثِيرٌ. وقالَ ابنُ حَجَرٍ المَكِّيُّ في التحفةِ الإتِّحادُ يُحْمَلُ على أَصْلِ المادَةِ دُونَ صُورَتِها وكَيْفِيَّتِها وأَطَالَ في الفَرْقِ بَيْنهما. وقالَ الخطيبُ الشُّرْبينيُّ في مغنيه: الحِكَّةُ الجَرَبُ اليَابِسُ. وفي المِصْباحِ: دَاءٌ يكونُ بالجَسَدِ. وفي كتبِ الطبِّ: هي خَلْطٌ رقيقٌ بورقيّ يحْدُثُ تَحْتَ الجلدِ ولا يحْدُثُ منه مدَّةٌ بل شيءٌ كالنُّخَالَةِ.

  والحُكاكُ كغُرابٍ البُورَقُ نَقَلَه الصَّاغَانيُّ.

  والحُكَاكَةُ بهاءٍ ما حُكَّ بين حَجَرَيْنِ ثم اكْتُحِلَ به من رَمَدٍ قالَهُ اللَّحْيَانيّ. وقالَ غيرُه: هو ما تَحَاكّ بَيْنَ حَجَرَيْن إذا حَكَّ أَحَدُهما بالآخَر لدَوَاءٍ. ونَحْوِه. وقالَ ابنُ دُرَيْدٍ: الحُكَاكُ ما حُكَّ من شيءٍ على شيءٍ فخَرَجَتْ منه حُكَاكَةٌ.

  وفي الصِّحاحِ: هو ما يَسْقُطُ من الشيءِ عِندَ الحَكِّ والحَكَّاكاتُ بالفتح والشَّديد⁣(⁣٢) الوَساوِسُ وهو مجازٌ ومنه الحدِيثُ: «إِيَّاكُم والحَكَّاكات فإنَّها المآثِمُ»، وهي التي تَحُكُّ في القلْبِ فتَشْتَبِهُ على الإِنْسانِ؛ قالَ ابنُ الأَثيرِ: هو جَمْعُ حَكَّاكَةٍ وهي المُؤَثِّرةُ في القُلُوبِ.

  وقالَ ابنُ الأَعْرَابيِّ: الحُكُكُ بضَمَّتَيْنِ أَصْحَابُ الشَّرِّ وهو مجازٌ قالَ: والحُكُكُ أَيْضاً المُلِحُّونَ في طَلَبِ الحَوائِجِ وهو أَيْضاً مجازٌ. والحَكَكُ بالتَّحرِيك حَجَرٌ أبيضُ كالرُّخامِ أَرْخَى من الرُّخامِ وأَصْلَبَ من الجَصِّ واحِدَتُه حَكَكَةٌ. قالَ الجَوْهَرِيُّ: إنَّما ظَهَرَ فيه التَّضْعِيفُ للفَرْقِ بَيْن فَعْلٍ وفَعِلٍ.

  وقالَ ابنُ شُمَيْلٍ: الحَكَكَةُ: أَرْضٌ ذات حجارَةٍ مِثْل الرُّخامِ رِخْوةٍ. وقالَ أَبُو الدقَيْش: الحُكَكات بضمٍ ففتحٍ⁣(⁣٣) هي أَرْضٌ ذات حجارَةٍ بَيْض كأنَّها الأَقِطُ تتكَسَّرُ تكَسُّراً، وإنَّما تكونُ في بطنِ الأَرضِ. وقالَ ابنُ عَبَّادٍ: الحَكَكُ: مِشْيَةٌ بتحَرُّكٍ كمِشْيَةِ القَصيرَةِ التي تُحَرِّكُ مَنْكِبَيْها ومِثْلُه في اللِّسَانِ. قالَ الجَوْهَرِيُّ: والجِذْلُ المُحَكَّكُ كمُعَظَّمٍ الذي يُنْصَبُ في العَطَنِ لتَحْتَكَّ به الإِبِلُ الجَرْبَى، ومنه قَوْلُ الحباب بن المُنْذرِ رَضِيَ الله تعَالى عنه يَوْم سَقِيْفةِ بنِي ساعِدَة: «أنا جُذَيْلُها المُحَكَّكُ وعُذَيْقُها المُرَجَّب مِنَّا أَميرٌ ومِنكم أميرٌ أي يُسْتَشفَى⁣(⁣٤) بِرَأيي وتَدْبيرِي كما تَسْتَشْفِي الإِبِلُ الجَرْبَى بالاحْتِكَاكِ بذلِكَ العودِ. وقالَ الْأَزْهَرِيُّ: وفيه مَعْنًى آخَرُ وهو أَحَبُّ إليَّ وهو أَنَّه أَرَادَ أنّه مُنَجَّدٌ⁣(⁣٥) قَدْ جَرَّبَ الأُمورَ وعَرَفَها وجُرِّب فوجد صُلْبَ المَكْسَر غير رِخْو⁣(⁣٦) ثَبْتاً لا يَفِرّ عن قِرْنِه وقيلَ: معناه أَنَا دُونَ الأَنْصَارِ جِذْل حِكَاكٍ لمَنْ عَادَاهُم⁣(⁣٧) فبي تُقْرَنُ الصَّعْبةُ، والتَّصْغِيرُ فيه للتَّعْظِيمِ، ويقولُ الرجُلُ لصاحِبِهِ: أُجْذُلْ للقومِ أي انْتَصِبْ لَهُم وكُنْ مخاصِماً مقاتِلاً. والعَرَبُ تقولُ: فلانٌ جِذْلُ حِكَاكٍ خَشَعَت عنه الأُبَنُ؛ يَعْنون أَنَّه مُنَقِّحٌ لا يُرْمَى بِشيءٍ إلَّا زَلَّ عنه ونَبا.

  ويقالُ: ما أنتَ من أحْكاكِهِ أي من رِجالِهِ عن ابنِ عَبَّادٍ.

  والحَكِيكُ كأميرٍ الكَعْبُ المَحْكوكُ وهو أَيْضاً الحافِرُ المَنْحوتُ نَقَله الجَوْهَرِيُّ، كالأَحَكِّ يُقالُ: حافِرٌ أَحَكُّ وحَكِيكٌ وقيلَ: كُلُّ نَحيتٍ خَفِيٍّ حَكِيكٌ والإسْمُ الحَكَكُ مُحرَّكةً وقد حَكِكَتْ الدَّابَّةُ كفَرِحَ بإظهارِ التَّضْعيفِ عن كراعٍ، وَقَعَ في حافِرِها الحَكَكُ، وهو أَحَدُ الحُرُوفِ الشاذَّةِ، كَلِحَتْ عَيْنُه وأَخَواتها.

  والحَكِيكُ: الفَرَسُ المُنْحَتُّ الحافِرِ من أَكْلِ الأَرْض


(١) اللسان: في نفسك.

(٢) في القاموس: والشدّ.

(٣) ضبطت في اللسان بالقلم بفتح الحاء والكاف.

(٤) في القاموس والصحاح «يُشتفى» والأصل كالتهذيب.

(٥) في اللسان والتهذيب: «منجَّذ» وزيد فيه: مجرّس.

(٦) بهامش المطبوعة المصرية: «قوله: ثبتاً، كذا بخطه، وفي اللسان: ثبت الغدر، مضبوطاً شكلاً بفتح الغين والدال» ومثله في التهذيب.

(٧) في التهذيب: لمن عاداهم وناوأهم.