تاج العروس من جواهر القاموس،

مرتضى الزبيدي (المتوفى: 1205 هـ)

[ضرب]

صفحة 167 - الجزء 2

  ومن المَجَازِ: ضَرَبَ في الأَرْضِ وفي سبيلِ اللهِ، كما في الأَسَاسِ، يَضْرِب ضَرْباً وضَرَبَاناً مُحَرّكَةً ومَضْرَباً بالفتح: خَرَجَ فِيهَا تَاجِراً أَو غَازِيا، أَو ضَرَبَ فيها إِذَا نَهَضَ وأَسْرَعَ في السَّيْرِ أَو ضَرَبَ: ذَهَبَ يَضْرِبُ الغَائِطَ والخَلَاءَ والأَرْضَ إِذَا ذَهَب لقضاءِ الحَاجَة. ومِنْهُ الحَدِيثُ: «لا يَذْهَبُ الرَّجُلَانِ يَضْرِبَانِ الغَائِطَ يَتَحَدّثَان».

  وفي حَدِيثِ المُغِيرَةِ «أَنَّ النَّبي انْطَلَق حتى تَوَارَى عَنِّي فضَرَبَ الخَلَاءَ ثم جَاءَ».

  ويُقَالُ: ضَرَبَ فُلان الغَائِطَ إِذَا مَضَى إِلَى مَوْضع يَقْضِي فِيه حَاجَتَه، وهو مَجَازٌ. وقيل: ضَرَبَ: سَارَ في ابتغاء الرِّزْقِ.

  وفي الحَدِيث: «لا تُضْرَبُ أَكْبَادُ الإِبِل إِلّا إِلى ثلاثَةِ مَسَاجِد».

  أَي لا تُرْكَبُ فلا⁣(⁣١) يُسَارُ عَلَيْهَا، يقال: ضَرَبْتُ في الأَرْضِ إِذَا سَافَرْتَ تَبْتَغِي الرِّزْقَ. يقال: إِنَّ لي في أَلْفِ دِرْهَم لمَضْرَباً أَي ضَرْباً. وضربتُ في الأَرْضِ أَبْتَغِي الخيرَ مِن الرِّزْقِ. قال الله ø: {وَإِذا ضَرَبْتُمْ فِي الْأَرْضِ}⁣(⁣٢) أَي سَافَرْتُم. وقوله: {لا يَسْتَطِيعُونَ ضَرْباً فِي الْأَرْضِ}⁣(⁣٣) إِذَا سَارَ فِيهَا مُسَافِراً، فهو ضَارِبٌ⁣(⁣٤).

  والضَّرْب يَقَع على جَمِيعِ الأَعْمَال إِلَّا قَلِيلاً، ضَرَبَ في التِّجَارة وَفِي الأَرْضِ وفي سَبِيلِ اللهِ. وفي حَدِيثِ عَلِيٍّ قَالَ: «إِذَا كَانَ كَذَا وكَذَا، وذَكَر فِتْنَة، ضَرَبَ يَعْسُوبُ الدِّينِ بِذَنَبِه».

  قال أَبُو مَنْصُور أَي أَسْرَعَ الذَّهَابَ في الأَرْضِ فِرَاراً من الفِتن، وقِيلَ: أَسْرَع الذَّهَابِ في الأَرْضِ بأَتْبَاعِه.

  وفي تَهْذِيب ابْن القَطَّاع: وضَرَبَ في سَبِيلِ اللهِ وفي الأَرْضِ لِلتِّجَارَةِ ضَرْباً: قَصَدَ.

  وضَرَبَ بِنَفْسِه الأَرْضَ ضَرْباً: أَقَامَ، وفي الحَدِيثِ: «حَتَّى ضَرَبَ النّاسُ بِعَطَن» أَي رَوِيتْ إِبِلُهم حَتَّى بَرَكَت وأَقَامَتْ مَكَانَها كَأَضْرَب يُقَالُ: أَضْرَبَ الرَّجُلُ في البيت: أَقَامَ.

  قال ابن السِّكِّيت: سَمِعْتُهَا من جَمَاعَةٍ من الأَعْرَاب. ومَا زَال مُضْرِباً فِيهِ أَي لَمْ يَبْرَح فهو ضِدٌّ. وضَرَب الفَحْلُ الناقَةَ يَضْرِبُها ضِرَاباً بالكَسْرِ: نَزَا عَلَيْهَا أَي نَكَح. وأَضْرَبَ فُلَانٌ [ناقَتَه]⁣(⁣٥) أَي أَنْزَى الفَحْلَ عَلَيْهَا.

  ضَرَبَها وأَضْرَبْتُها إِيَّاهُ، الأَخِيرَةُ على السَّعَة. وقد أَضْرَبَ الفحلُ النَّاقَةَ يُضْرِبُهَا إِضْرَاباً فَضَرَبها الفَحْلُ يَضْرِبُهَا ضَرْباً وضِرَاباً، وقد أَغفَله المصنف، كما أَغْفَل شيخُنَا أَضْرَبْتُهَا إِيَّاه مع تَبَجُّحَاتِه. قال سِيبَوَيْه: ضَرَبَهَا الفحلُ ضِرَاباً كالنِّكَاح، قال: والقِيَاس ضَرْباً، وَلَا يَقُولُونَه، كما لَا يَقُولُون: نَكْحاً، وهو القِيَاسُ. قُلْت: ومِثْلُه قولُ الأَخْفَشِ خِلَافاً للفَرَّاءِ فإِنَّه جَوَّزَه قِيَاساً. وفي الحَدِيثِ «أَنَّه نَهَى عَن ضِرَابِ الجَمَل» هو نَزْوُه عَلَى الأُنْثَى، والمُرَادُ بالنَّهْيِ مَا يُؤْخَذُ عَلَيْه من الأُجْرَةِ لا عَن نَفْسِ الضِّرَابِ، وتَقْديرُه: نَهَى عَنْ ثَمَنِ ضِرَابِ الْجَمَل كنَهْيه عَنْ عَسِيبِ الفَحْل أَي ثمنه. ومنه الحَدِيثُ الآخر: «ضِرَابُ الفَحْلِ من السُّحْتِ» أَي أَنَّه حَرَامٌ، وَهَذَا عَامٌّ في كُلِّ فَحْل. ويقال: أَتَتِ النَّاقَةُ عَلَى مَضْرِبِهَا، بالكَسْر، أَي على زَمَنِ ضِرَابِها والوَقْتِ الَّذِي ضَرَبَهَا الفَحْلُ فِيهِ، جَعَلُوا الزَّمَانَ كالمَكَانِ.

  ومن المَجَاز: ضَرَبَت النَّاقَةُ وفي غيرِ القَامُوسِ «المَخَاضُ» شَالَتْ بِذَنَبِهَا. قال شيخنا: وفي نُسْخَة صَحِيحَة بأَذْنَابِهَا، بصِيغَة الجَمْعِ فيَكُونُ من إِطْلَاقِ الجَمْعِ عَلَى المُفْرَد أَو تَسْمِيَةِ كُلِّ جُزْءٍ باسْمِ الكُلّ. قلت: ومِثْلُهُ في المُحْكَم ولِسَانِ الْعَرَب. والَّذِي في تَهْذِيبِ ابْنِ القَطَّاع: والنُوق ضَرْبا: شَالَتْ بأَذْنَابِهَا فَضَرَبَتْ بِهِ أَو بِهَا فَرْجَهَا، وفي نُسْخَة فُرُوجَهَا، ومِثْلُه في الأَسَاس وغَيْره فَمَشَتْ، وَهِي ضَوَارِبُ. ونَاقَةٌ ضَارِبٌ على النَّسَب وضَارِبَةٌ على الفِعْلِ، ونَاقَةٌ ضَارِبٌ، كتَضْرَابِ. وقال اللِّحْيَانيّ: هي الَّتِي ضُرِبَت فَلَمْ يُدْرَ أَلَاقِحٌ هِيَ أَمْ غَيْرُ لَاقِح.

  ومِنَ المَجَازِ: ضَرَبَ الشيءَ بالشَّيْءِ: خَلَطَه. ونَقَلَ شَيْخُنَا عَن بَعْضِهِم تَقْيِيدَه باللَّبَنِ، ولَمْ أَجِدْه في دِيوَان.

  والذي في لِسَانِ الْعَرَب وغَيْرِه: وضَرَبْتُ بَيْنَهُم في الشَّرِّ: خَلَطْتُ كَضَرَّبَه تَضْريباً.

  والتَّضْرِيبُ بين القَوْمِ: الإِغْرَاءُ. والتَّضْريبُ أَيْضاً: تَحْرِيضُ الشُّجَاعِ في الحَرْبِ. يُقَالُ: ضَرَّبَه وحَرَّضَهُ.


(١) في اللسان: ولا يسار.

(٢) سورة النساء الآية ١٠١.

(٣) سورة البقرة الآية ٢٧٣.

(٤) في مفردات الراغب: والضرب في الأرض الذهاب فيها هو ضربها بالأرجل. وذكر الآيتين.

(٥) زيادة عن اللسان.