تاج العروس من جواهر القاموس،

مرتضى الزبيدي (المتوفى: 1205 هـ)

فصل الضاد المعجمة

صفحة 169 - الجزء 2

  ومن المجاز: الضَّرْبُ بالفَتْح، ورُوِيَ عَنِ الزَّمَخْشَرِيّ بالكَسْرِ أَيضاً كالطَّحنِ هُوَ المِثْلُ والشَّبِيهُ. قاله ابنُ سِيدَه.

  وجَمْعُه ضُرُوبٌ. وقَالَ ابْنُ الأَعْرَابِي: الضَّرْبُ⁣(⁣١): الشَّكْلُ في القَدِّ والخَلْق. وقوله ø: {كَذلِكَ يَضْرِبُ اللهُ الْحَقَّ وَالْباطِلَ}⁣(⁣٢) أَي يُمَثِّلُه حَيْثُ ضَرَبَ مَثَلاً للحَقِّ والبَاطِلِ، والكَافِرِ والمُؤْمِنِ في هَذِه الآيَة. ومَعْنَى قَوْله ø: {وَاضْرِبْ لَهُمْ مَثَلاً}⁣(⁣٣) أَي اذكُرْ لَهُم ومَثِّل لَهُم.

  يُقَالُ: عِنْدِي مِنْ هَذَا الضَّرْبِ شَيءٌ كَثِيرٌ أَي مِنْ هَذَا المِثَالِ. وَهَذِه الأَشْيَاءُ عَلَى ضَرْبٍ وَاحِدٍ أَي عَلَى مِثَال.

  قال ابن عَرَفَة: ضَرْبُ الأَمْثَالِ: اعْتِبَارُ الشَّيْءِ بِغَيْرِه. قال شَيْخُنَا: وَفِي شَرْح نَظْمِ الفَصِيح: ضَرْبُ المَثَلِ: إِيرادُه ليُتَمَثَّل بِهِ وَيُتَصَوَّر ما أَرَادَ المُتَكَلِّمُ بَيَانَه لِلْمُخَاطَب. يُقَالُ: ضَرَب الشَّيْءَ مَثَلاً، وضَرَبَ بِهِ. وتَمَثَّلَه وتَمَثَّلَ به. ثُمَّ قَالَ: وهذا مَعْنَى قَوْلِ بَعْضِهِم: ضَرْبُ المَثَلِ: اعْتِبَارُ الشَّيْءِ بِالشَّيْءِ وتَمْثِيلُه بِهِ. انْتَهَى، وقَوْلُه تَعَالَى: {وَاضْرِبْ لَهُمْ مَثَلاً أَصْحابَ الْقَرْيَةِ}⁣(⁣٤). قال أَبْو إِسْحَاق: مَعْنَاه اذكُرْ لَهُم مَثَلاً. وهذِه الأَشْيَاءُ عَلَى هَذَا الضَّرْبِ أَي عَلى هَذَا المِثَال، فمَعْنَى {اضْرِبْ لَهُمْ مَثَلاً}: مَثِّل لُهم مَثَلاً. قال: و {مَثَلاً} مَنْصُوبٌ لأَنَّه مَفْعُولٌ بِهِ، ونَصبَ قَوْلَه: {أَصْحابَ الْقَرْيَةِ} لأَنَّهُ بَدلٌ مِنْ قَوْله {مَثَلاً}، كأَنَّه قال: اذكُر لَهُم أَصْحَابَ القَرْيَة أَي خَبَرَ أَصْحَابِ القَرْيَةِ. قُلْت: ويَجُوزُ أَنْ يَكُون مَنْصُوباً على أَنه مَفْعُولٌ ثَانٍ كما هو رأْيُ ابْنِ مَالِك.

  وفي الكَشَّافِ: ضَرْبُ المَثَلِ: اعْتِبَارُه وصُنْعُه.

  وقَال الرَّاغِبُ: الضَّرْبُ: إِيقَاعُ شَيْءٍ على شيْءٍ. قُلْت: وقَيَّدَه بَعْضُهُم بأَنَّه إِيقَاعٌ بِشِدَّة، وبِتَصَوُّرِ اخْتِلَاف الضَّرْبِ خُولِفَ بَيْن تَفَاسِيرِه.

  وقال شَيْخُنَا: قَالُوا: ويَرِد ضَرَب بمَعْنَى وَصَفَ، وبَيَّنَ، وجَعَل، وضَرَبَ له وَقْتاً: عَيَّنَه، وإِلَيْه: مَالَ. وضَرب مَثَلاً: ذكره، فيَتَعَدَّى لمَفْعُولٍ وَاحِدٍ، أَو صَيَّر، فلمَفْعُولَيْنِ، وإِلَيْه مالَ ابْنُ مَالِكٍ. وعِبَارَةُ الجَوْهَرِيّ: ضَرَبَ الله مَثَلاً أَي وَصَفَ وبَيَّنَ، ثم إِنه اخْتُلِفَ في أَنَّ ضَرْبَ المَثَل مَأْخُوذٌ مِمَّاذَا؟

  فقِيل: من ضَرْبِ الدِّرْهَم صَوْغُه لإِيقَاعِ المَطَارِق، سُمِّيَ به لتَأْثِيرِه في النُّفُوسِ. وقِيلَ: إِنَّه مأْخُوذٌ من الضَّرِيبِ أَي المَثِيلِ. تَقُولُ: هو ضَرِيبُه، وهُمَا مِنْ ضَرِيبٍ وَاحِد؛ لأَنَّه يَجْعَلُ الأَوَّلَ مِثْلَ الثَّاني. وقيل: مِنْ ضَرْبِ الطِّينِ عَلَى الجِدَارِ. وقِيلَ: مِنْ ضَرْبِ الخَاتَم ونَحْوِه؛ لأَن التَّطْبِيقَ وَاقعٌ بَيْن المَثَلِ وبَيْنَ مَضْرِبه كما في الخَاتَم على الطَّابِع كما حَقَّقَه شَيْخُنَا ومثْلُه مُفَرَّقاً في لسَان الْعَرَب والمُحْكَمِ وغَيْرِهِمَا مِنْ دَوَاوِين اللُّغَةِ.

  والضَّرْبُ: الرَّجُلُ المَاضِي النَّدْبُ الذي لَيْسَ بِرَهْل.

  قال طَرَفَةُ:

  أَنَا الرَّجُلُ الضَّرْبُ الَّذِي تَعْرِفُونَه ... خَشَاشٌ⁣(⁣٥) كَرَأْسِ الحَيَّةِ المُتَوَقِّدِ

  وفي صفة مُوسَى # «أَنَّه ضَرْبٌ مِنَ الرِّجَالِ».

  وهو الخَفِيفُ اللَّحْمِ الممشوقُه المُسْتَدِقّ. وفي رواية: «فإِذا رَجُلٌ مُضْطَرِبٌ رَجْلُ الرَّأْسِ» وهو مُفْتَعِلٌ من الضَّرْبِ، والطَّاءُ⁣(⁣٦) بَدَلٌ من تَاءِ الافْتِعَالِ. وفي صفَةِ الدجّال: «طُوَالٌ ضَرْبُ من الرِّجَالِ» وجَمْعُه ضُرُب، بِضَمَّتَيْن. قال أَبُو العِيَالِ:

  صُلَاةُ الحرب لم تُخْشِعْ ... هُمُ ومَصَالِتٌ ضُرُب

  قاله ابْنُ جِنِّي. وقَدْ يَجُوزُ أَنْ يَكُون جمع ضَرُوب، كَذَا في لِسَانِ الْعَرَب.

  والضَّرْبُ: الصِّفَةُ. والضَّرْبُ: الصِّنْفُ بالكَسْرِ من الشَّيْءِ وفي نُسْخَةٍ: مِنَ الأَشْيَاءِ.

  يقَال: هَذَا مِنْ ضَرْب ذَلِكَ أَيْ مِنْ نَحْوِه وصِنْفِه، والجَمْعُ ضُرُوبٌ. أَنْشَدَ ثَعْلَبٌ:

  أَرَاكَ مِنَ الضَّرْب الّذِي يَجْمَعُ الهَوَى ... وحَوْلَكَ نِسْوَانٌ لهُنُّ ضُرُوبُ


(١) اللسان: الضريب.

(٢) سورة الرعد الآية ١٧.

(٣) سورة يس الآية ٣.

(٤) سورة يس الآية ١٣.

(٥) عن الصحاح، وبالأصل «خشاشاً».

(٦) عن النهاية، وبالأصل «والتاء بدل من تاء» وأشار بهامش المطبوعة المصرية إليه.