تاج العروس من جواهر القاموس،

مرتضى الزبيدي (المتوفى: 1205 هـ)

فصل الحاء المهملة مع اللام

صفحة 181 - الجزء 14

  وقالَ الرَّاغِبُ: الحِيلَةُ ما يُتَوصَّلُ به إِلى حالَةِ ما فيه خُفْيَة وأَكْثَرُ اسْتِعْمَالِه فيمَا في تَعاطِيهِ حنثٌ⁣(⁣١) وقد يُسْتَعْملُ فيمَا في اسْتِعْمالِه حِكْمَةٌ، ولهذا قيلَ في وصْفِه تعالَى: {وَهُوَ شَدِيدُ الْمِحالِ}⁣(⁣٢) أَي الوُصُولِ إِلى⁣(⁣٣) خُفْيةٍ من الناسِ إِلى ما فيه حِكْمَةٌ، وعلى هذا النَّحْوِ وصِفَ بالمَكْرِ والكَيْدِ لا على الوصْفِ المَفْهومِ⁣(⁣٤)، تعالَى اللهُ عن القَبيحِ، قالَ: والحِيلَةُ من الحَوْلِ ولكن قُلِبَ واوُه لإِنْكِسارِ ما قَبْلِه ومنه قيلَ رجُلٌ حُوَّلٌ. وقالَ أَبُو البَقَاءِ: الحِيلَةُ من التَّحَوُّلِ لأَنَّ بها يتحَوَّلُ من حالٍ إِلى حالٍ بنوع تَدْبيرٍ ولطْفٍ يَحِيلُ بها الشيءَ عن ظاهِرِهِ وشاهِدُ الحَوِيل قَوْلُ بشامة بن عمرو:

  بعينٍ كعينِ مفيضِ القداحِ ... إِذا ما أَرَاغَ يُرِيدُ الحويلا

  وقال الكُمَيتُ:

  يفوت ذوي المفاقر أَسهلاه ... من القنّاص بالغدر العتولِ

  وذاتِ اسْمَيْن والأَلوانُ شَتَّى ... تُحَمَّق وهي كَيِّسة الحَوِيلِ⁣(⁣٥)

  يعْنِي: الرَّخَمَة، وذَوُو المَفَاقِر الذين يَرْمُون الصَّيْد على فقرةٍ أَي إِمْكَان.

  والحِوَلُ والحِيَلُ كعِنَبٍ فيهما والحِيلاتُ بالكسرِ جُموعُ حِيلَةٍ الأَوَّلُ نظراً إِلى الأَصْلِ، واقْتَصَرَ ابنُ سِيْدَه على أَوَّلِهما.

  ورجُلٌ حُوَلٌ كصُرَدٍ وبُومَةٍ وسُكَّرٍ وهُمَزَةٍ، وهذه من النَّوادِرِ وحَوالِيُّ، بالفتحِ ويُضَمُّ، وحَوْلُوَلٌ وحُوَّلِيُّ كسُكَّرِيٍّ ثمانِيَةُ لُغاتٍ ذَكَرَهُنَّ ابنُ سِيْدَه ما عَدا الثانِيَةِ والأَخِيْرةِ، فقد ذَكَرَهما الصَّاغَانيُّ، أَي شديدُ الاحْتِيَالِ.

  ورجُلٌ حَوَلْولٌ: مُنْكَر كَمِيْش، من ذلِكَ.

  ورجُلٌ حُوَالِيُّ وحُوَّلٌ: بَصِيرٌ بتَحْويلِ الأُمورِ، وهو حُوَّلٌ قُلَّبٌ وحُوَّلى قُلَّب وحُوَّليُّ قُلَّبيُّ بمعْنًى. ويقالُ: ما أَحْوَلَهُ وأَحْيَلَهُ وهو أَحْوَلُ منكَ وأَحْيَلُ مُعَاقَبة أَي أَكْثَرُ حِيْلَة، عن الفرَّاءِ.

  ويقالُ: لا مَحالَةَ منه بالفتحِ أَي لا بُدَّ، يقالُ: المَوْتُ آتٍ لا مَحالَةَ.

  والمُحالُ من الكَلامِ بالضمِ ما عُدِلَ به عن وَجْهِهِ، وقالَ الرَّاغِبُ هو ما جُمِعَ فيه بَيْن المُتَنَاقِضَيْن وذلِكَ يوجدُ في المقالِ نحو أَنْ يقالَ جسْمٌ واحِدٌ في مَكَانَيْن في حالَةٍ واحِدَةٍ. وقالَ غيرُه: هو الذي لا يتصَوَّرُ وُجُوُدُه في الخارِجِ.

  وقيلَ: المُحالُ: الباطِلُ مِن حالَ الشيءُ: يَحُولُ إذا انْتَقَلَ عن جِهَتِه كالمُسْتَحيلِ، يقالُ: كَلامٌ مُسْتَحيلٌ أي مُحالٌ. واسْتَحالَ الشيءُ: صَارَ مُحالاً. وأَحالَ أَتَى به أَي بالمُحالِ، زَادَ الصَّاغَانيُّ: وتَكَلَّم به. والمِحْوالُ كمِحْرابٍ الرَّجُلُ الكثيرُ المُحالِ في الكَلامِ، عن اللَّيْثِ.

  وحَوَّلَهُ تَحْويلاً جَعَلَهُ مُحالاً. وحَوَّلَه إِليه أَزَالَهُ.

  وقالَ الرَّاغِبُ: حَوَّلْتُ الشيءَ فتَحَوَّلَ غَيَّرْتُه إِمَّا بالذَّاتِ أَو بالحُكْمِ أَو بالقَوْلِ.

  وقَوْلُك: حَوَّلْت الكِتَابَ هو أَنْ تَنْقلَ صُورَة ما فيه إِلى غيرِه من غيرِ إِزَالَةٍ للصورةِ الأُوْلَى، والاسمُ الحِوَلُ والحَوِيلُ كعِنَبٍ وأَميرٍ، ومنه قَوْلُه تعالَى: {لا يَبْغُونَ عَنْها حِوَلاً}، كما في المُحْكَمِ كما سَيَأْتي.

  وحوّلَ الشَّيءُ تَحَوَّلَ لازِمٌ مُتَعَدٍّ وقَوْلُ النابِغَةِ الجعْدِي:

  أكَظَّكَ آبَائي فَحَوَّلْتَ عنهم ... وقلت له: يا ابنَ الحِيالا تحوَّلا⁣(⁣٦)

  يَجوزُ أَنْ يُسْتعملَ فيه حَوَّلْت مكانَ تَحَوَّلت، ويجوزُ أَنْ يريدَ حَوَّلْت رَحْلَك فحذفَ المَفْعول وهذا كَثيرٌ كما في المُحْكَمِ؛ وفي العُبَابِ: حَوَّلْت الشيءَ نَقَلْتُه من مكانٍ إلى مكانٍ، وحَوَّلَ أَيْضاً بنفْسِه يَتَعَدَّى ولا يَتَعَدَّى قالَ ذُو الرُّمَّةِ:

  إِذا حَوَّل الظِّلُّ العَشِيَّ رأَيْته ... حَنِيفاً وفي قَرْن الضُّحى يَتَنَصَّر⁣(⁣٧)

  يَصِفُ الحرْباءَ يعْنِي تَحَوَّل هذا إذا رَفَعْت الظِّلّ على أَنَّه


(١) في المفردات: خبث.

(٢) الرعد الآية ١٣.

(٣) في المفردات: في خفية.

(٤) في المفردات: المذموم.

(٥) الثاني في اللسان والمقاييس ٢/ ١٢١ والصحاح.

(٦) اللسان.

(٧) اللسان والصحاح.