تاج العروس من جواهر القاموس،

مرتضى الزبيدي (المتوفى: 1205 هـ)

فصل الخاء المعجمة مع اللام

صفحة 222 - الجزء 14

  بمعْرُوفٍ، والضَّميرُ عائِدٌ إلى الخائِلِ لأَنَّه أَقْربُ مذْكُورٍ، ويَجُوزُ إعادَتُه للخَيْلِ بناءً على أَنَّه اسمُ جَمْعٍ، أَمَّا على القَوْلِ بأَنَّه مؤنَّثٌ كما نَصّوا عليه فيَتَعَيّن عَوْدِه للخائِلِ، قالَهُ شيْخُنا.

  ويَشْهدُ لمَا قالَهُ أَبُو عُبَيْدَة ما حَكَاه أَبُو حاتِمٍ نَقْلاً عن الأَصْمَعِيّ قالَ: جاءَ مَعْتُوهٌ إلى أَبي عَمْرٍو بنِ العَلاءِ فقالَ: يا أَبَا عَمْرو لِمَ سَمَّيْت الخَيْل خَيْلاً؟ فقالَ؟ لا أَدْرِي فقالَ: لكن أَدْرِي، فقالَ: عَلِّمنا، قالَ: لاخْتِيالِها في المَشْيِ، فقالَ أَبُو عَمْرٍو لأصْحابِه بعْدَ ما وَلَّى: اكْتُبُوا الحِكْمَة وارْوُوها ولْو عن مَعْتُوهٍ⁣(⁣١).

  وقالَ الرَّاغِبُ: بعدَما ذَكَرَ الخُيَلاء: ومنها تُنُووِل لَفْظ الخَيْل لمَّا قيلَ لا يَرْكَبُ أَحَدٌ فَرساً إلَّا وَجَدَ في نفْسِه نَخْوةً.

  قالَ ابنُ سِيْدَه: وقَوْلُ أَبي ذُؤَيْبٍ:

  فتَنَازَلا وتواقَفَت خَيْلاهُما ... وكِلاهُما بَطَلُ اللِّقاء مُخَدَّعُ⁣(⁣٢)

  ثَنَّاهُ على قَوْلِهم: هُما لِقَاحان أَسْوَدَانِ وجِمالانِ جج* جَمْعُ الجَمْعِ أَخْيالٌ وخُيولٌ وهذه أَشْهر وأَعْرَفُ، ويُكْسَرُ.

  قالَ الرَّاغِبُ: والخَيْلُ في الأَصْلِ اسمٌ للأَفْراسِ والفُرْسَانِ⁣(⁣٣) جميعاً. قالَ تعالَى: {وَمِنْ رِباطِ الْخَيْلِ}⁣(⁣٤) ويُسْتَعْمَلُ في كلِّ واحدٍ منهما مُنْفرداً نَحْو ما رُوِي: يا خَيْلَ الله ارْكَبِي أَي يا ركاب خَيْلٍ الله فحُذِفَ للعِلْم اخْتِصاراً فهذا للفُرْسانِ. وكذا قَوْله تعالَى: {وَأَجْلِبْ عَلَيْهِمْ بِخَيْلِكَ وَرَجِلِكَ}⁣(⁣٥)، أي بفُرْسانِك ورَجَّالَتِك. وجاءَ في التَّفْسِيرِ: أَنَّ خَيْلَه كُلّ خَيْلٍ تَسْعَى في مَعْصِيةِ الله، ورجلَه كلّ ماشٍ في مَعْصِيةِ الله.

  وفي الحدِيثِ: «عَفَوت لَكُم عن صدَقَةِ الخَيْلِ»، يعْنِي الأَفْراسَ وكذا قَوْله تعالَى: {وَالْخَيْلَ وَالْبِغالَ وَالْحَمِيرَ لِتَرْكَبُوها وَزِينَةً}⁣(⁣٦) وخَيْلُ: د قُرْبَ قَزْوينَ بَيْنها وبَيْن الرَّيِّ.

  وزَيْدُ الخَيْرِ هو ابنُ مَهْلهلِ بنِ زَيْدِ بنِ منهبِ الطَّائيُّ النَّبْهانيُّ، كان يُدْعَى زَيْدَ الخَيْلِ لِشَجَاعَتِهِ فَسَمَّاهُ النبيُّ⁣(⁣٧)، ، لمَّا وَفَدَ عليه في سَنَة تسْعٍ من الهُجْرةِ: زَيْدَ الخَيْرِ لأَنَه بمعْنَاهُ، وأَثْنَى عليه وأَقْطَعَه أَرْضين، وقد تقدَّمَ ذِكْرُه في ا ل ف.

  وأَيْضاً: أَزالَ تَوَهُّمَ أَنَّه سُمِّيَ به لِما اتَّهَمَهُ به كَعْبُ بنُ زُهَيْرِ بنِ أَبَي سُلْمى مِنْ أَخْذِ فَرَسٍ له.

  ويقالُ: فلانٌ لا تُسَايَرُ خَيْلاهُ أَو لا تُواقَفُ خَيْلاهُ لا تُسايَرُ ولا تُواقَفُ أي لا يُطَاقُ نَميمةً وكَذِباً، نَقَلَه ابنُ سِيْدَه وهو مجازٌ.

  وقالُوا: الخَيْلُ أَعْلَمُ من فُرْسانِها، يُضْرَبُ لمن تَظُنُّ به ظَنًّا أَنَّ عنْدَه غَنَاء أَو أَنَّه لا غَنَاء عنْدَه، فتَجِدُه على ما ظَنَنْتَ نَقَلَه ابنُ سِيْدَه.

  والخِيلُ: بالكسرِ السَّذابُ نَقَلَه الأَزْهَرِيُّ، وأَيْضاً: الحِلْتيتُ يمانِيَّةٌ نَقَلَه ابنُ سِيْدَه، ويُفْتَحُ. وخَالَ يَخالُ خَيْلاً: دَاوَمَ على أَكْلِه، أَي السَّذابُ، قالَهُ الأَزْهَرِيُّ، وهو قَوْلُ ابن الأَعْرَابِيِّ، ونَصه خَالَ يَخِيلُ خَيْلاً.

  وخِيلَةُ الأَصْفَهانِيُّ بالكسرِ محدِّثٌ، وهو أَبُو القاسِمِ عبدُ المَلِكِ بنُ عبدِ الغَفَّارِ بنِ محمدِ بنِ المظفر البَصْرِيُّ الفَقيهُ الهَمَدانىُّ يُعْرَفُ بخِيلَة، ويُلَقَّبُ ببحيرٌ⁣(⁣٨) سَمِعَ الكثيرَ بأَصْبَهان، وأَدْرَك أَصْحابَ الطبْرانيّ؛ قالَ ابنُ مَاكُولا: سَمِعْتُ منه، قالَهُ الحافِظُ.

  قلْتُ: فقَولُ المصنِّفِ الإِصْفَهانيّ فيه نَظَرٌ.

  والمُخايَلَةُ: المُباراةُ، خَايَلْت فلاناً أي بارَيْته وفَعَلْت فعْلَه، قالَ الكُمَيْتُ:

  أَقولُ لهم يَوم أَيْمانُهم ... تُخايِلُها في النَّدى الأَشْمُلُ⁣(⁣٩)

  تُخايلُها: أي تُفاخِرُها وتُبارِيها.


(١) العبارة في المقاييس ٢/ ٢٣٥ فقال أبو عمرو: اكتبوا، وهذا صحيح، لأن المختال في مشيته يتلون في حركته ألواناً.

(٢) ديوان الهذليين ١/ ١٨ برواية: فتناديا وتواقفت.

(*) كذا بالأصل والقاموس: «ج».

(٣) ضبطت في القاموس بالضم.

(٤) الأنفال الآية ٦٠.

(٥) الإسراء الآية ٦٤.

(٦) النحل الآية ٨.

(٧) لفظ «النبي» ليست في القاموس.

(٨) في التبصير ١/ ٢٤٢: يلقب بخبير.

(٩) اللسان والصحاح والتهذيب.