تاج العروس من جواهر القاموس،

مرتضى الزبيدي (المتوفى: 1205 هـ)

فصل السين المهملة مع اللام

صفحة 335 - الجزء 14

  والسجْلُ: بالكسرِ، هو السِّجِلُّ لُغَةٌ للكِتابِ، رُوِيَ ذلِكَ عن عيسَى بنِ عُمَرَ الكُوفيّ. وبه قَرَأَ، ولو قالَ: وبالكسرِ الصّحِيْفة كانَ أَخْصَر.

  والسُّجْلُ بالضمِ جَمْعٌ للنَّاقَةِ السَّجْلاءِ للعَظِيمةِ الضَّرْعِ.

  والسَّجِيلُ: كأَمِيرٍ، النَّصيبُ.

  قالَ ابنُ الأَعْرَابِيِّ: فَعِيلٌ من السَّجْلِ الذي هو الدَّلْو المَلْأَى، قالَ: ولا يُعْجِبُنِي.

  والسَّجِيلُ: الصُّلْبُ الشَّدِيدُ.

  والسِّجِيلُ: كسِكِّيتٍ، حجارَةٌ كالمَدَرِ، قالَ الله تعالَى: {تَرْمِيهِمْ بِحِجارَةٍ مِنْ سِجِّيلٍ}⁣(⁣١)، وهو مُعَرَّبٌ دَخِيلٌ أصْلُه بالفارِسِيَّةِ سَنْكِ⁣(⁣٢) وَكِل أَي الحَجَر والطَّيْن، والواوُ عاطِفَةٌ فلمَّا عُرِّبَ سَقَطَتْ، أَو كانَتْ حجارَةٌ من طِيْنٍ طُبِخَتْ بنَارِ جَهَنَّمَ، وكُتِبَ فيها أسْماءُ القومِ، لقَوْلِه ø: {لِنُرْسِلَ عَلَيْهِمْ حِجارَةً مِنْ طِينٍ مُسَوَّمَةً عِنْدَ رَبِّكَ}⁣(⁣٣)، وهذا قَوْلُ الجَوْهَرِيِّ.

  وقالَ أَبُو إسْحَاق: للناسِ في السِّجِّيلِ أَقْوالٌ، وفي التَّفْسيرِ أَنَّها من جِلٍّ وطِيْنٍ، وقيلَ: من جِلٍّ وحجارَةٍ.

  وقالَ أَهْلُ اللُّغَةِ: هذا فارِسِيٌّ والعَرَبُ لا تَعْرِفُ هذا.

  قالَ الأَزْهَرِيُّ: والذي عنْدَنا واللهُ أَعْلم أَنَّه إذا كان التَّفْسيرُ صَحِيحاً فهو فارِسِيٌّ أُعْرِبَ لأنَّ الله تعالَى قد ذَكَرَ هذه الحجارَةَ في قصَّةِ قَوْمِ لُوْطٍ #، وقالَ: {لِنُرْسِلَ عَلَيْهِمْ حِجارَةً مِنْ طِينٍ}، فقد بَيَّن للعَرَبِ ما عَنَى بسِجِّيل. ومن كَلامِ الفُرْسِ ما لا يُحْصَى ممَّا قد أَعْرَبَتْه العَرَبُ نَحْو جَامُوس⁣(⁣٤) ودِيْبَاج، ولا أُنْكِر أَنْ يكونَ هذا ممَّا قد أَعْرَبَتْه العَرَبُ. وقالَ أَبُو عُبَيْدَةَ: {مِنْ سِجِّيلٍ}، تَأْوِيلُه: كَثِيرَةٌ شَدِيدَةٌ، وقالَ: إِنَّ مِثْلَ ذلِكَ قَوْل ابنِ مُقْبِلٍ:

  ورَجْلةٍ يَضْرِبون البَيْضَ عن عُرُضٍ ... ضَرْباً تَوَاصَتْ به الأَبْطالُ سِجِّينا⁣(⁣٥)

  قالَ: وسِجِّين وسِجِّيل بمعْنًى واحِدٍ.

  وقالَ بعضُهم: سِجِّيل من أَسْجَلْته أَي أَرْسَلْته فكأَنَّها مُرْسِلَةٌ عليهم.

  قالَ أَبُو إسْحق: وقالَ بعضُهم من أَسْجَلْت إذا أَعْطَيْت، وجَعَلَه من السَّجْل.

  أَو قَوْلَهُ تعالَى: {مِنْ سِجِّيلٍ} أَي من سِجِلٍّ أَي ممَّا كُتِبَ لهم أَنَّهُم يعذَّبُون بها؛ قالَ الأَزْهَرِيُّ: وهذا القَوْلُ إذا فُسِّر فهو أَبْيَنُها لأَنَّ من كتابِ الله دَلِيلاً عليه، قالَ الله تعالَى: {كَلّا إِنَّ كِتابَ الفُجّارِ لَفِي سِجِّينٍ ٧ وَما أَدْراكَ ما سِجِّينٌ ٨ كِتابٌ مَرْقُومٌ ٩ وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ ١٠}⁣(⁣٦).

  والسِّجِّيلُ بمعْنَى السِجِّينِ، المَعْنى أَنَّها حجارَةٌ ممَّا كَتَبَ الله أَنَّه يُعَذِّبُهم بها.

  قالَ الأَزْهَرِيُّ: وهذا أَحْسَنُ ما مَرَّ فيها أَي في الآيةِ عِنْدِي، وهكذا نَقَلَه الصَّاغانيُّ عنه أَيْضاً وسلّمه وقَلَّدَه المصنِّفُ وزَادَ: وأَثْبَتُها فتأمَّلْ ذلِكَ.

  والسَّاجولُ والسَّوْجَلُ والسَّوْجَلَةُ: غِلافُ القارورَةِ عن كراعٍ، والجَمْعُ سَوَاجِيلُ، ونَقَلَه الصَّاغانيُّ عن ابنِ عَبَّادٍ وغَلَّطَه وقالَ: الصَّوابُ: الساحولُ بالحاءِ المُهْمَلَةِ.

  والسَّجَنْجَلُ: المِرآةُ روميٌّ مُعَرَّبٌ، قالَ امْرُؤُ القَيْسِ:

  مُهَفْهَفَةٌ بَيْضاء غَيْر مُفاضَةٍ ... تَرائِبُها مَصْقولةٌ كالسَّجَنْجَلِ⁣(⁣٧)

  وذَكَرَه الأَزْهَرِيُّ في الخُماسِي، قالَ: وقالَ بعضُهم: زَجَنْجَلٌ وقد تقدَّمَ.

  وأَيْضاً: الذَّهَبُ؛ ويقالُ: سَبَائكُ الفِضَّةِ وقِطَعُها على التَّشْبِيهِ بالمِرآةِ.

  ويقالُ: الزَّعْفرانُ، ومن قالَ ذلِكَ رَوَى قَوْلَ امْرِئِ القَيْسِ بالسَّجَنْجَلِ وفَسَّرَه به.


(١) سورة الفيل الآية ٤.

(٢) بهامش المطبوعة المصرية: «قوله: سنك، بفتح السين المهملة وبعد النون الساكنة كاف مكسورة، وكل: بكسر الكاف وبعدها لام، أفاده القسطلاني».

(٣) الذاريات الآيتان ٣٣ و ٣٤ وفي الآية: {لِنُرْسِلَ عَلَيْهِمْ}.

(٤) جاموس فارسي معرب كاوميش، وديباج فارسي معرب ديوباف أي نساجة الجن (شفاء الغليل).

(٥) التهذيب واللسان وعجزه في المقاييس ٣/ ١٣٧.

(٦) المطففون الآيات من ٧ - ١٠.

(٧) ديوانه ط بيروت ص ٤٢، من معلقته، واللسان والتكملة وعجزه في الصحاح.