تاج العروس من جواهر القاموس،

مرتضى الزبيدي (المتوفى: 1205 هـ)

فصل الشين المعجمة مع اللام

صفحة 390 - الجزء 14

  قَلِيلةٌ، قالَهُ اللّحْيانُّي، قالَ الجَوْهَرِيُّ، ولم يَعْرِفْها الأَصْمَعِيُّ، شَمَلاً محرَّكةً، وشَمْلاً بالفتحِ، وشُمُولاً بالضمِ، أَي عَمَّهُم، قالَ ابنُ قَيْسِ الرُّقَيَّات:

  كَيْف نَوْمي على الفِرَاشِ ولَمَّا ... تَشْمَلِ الشَّامَ غارةٌ شَعْواءُ؟⁣(⁣١)

  أَي مُتَفَرَّقَة.

  أَو شَمِلَهُمْ خَيْراً أَو شَرّاً، كفَرِحَ، أَصابَهُم ذلِكَ.

  وأَشْمَلَهم شَرّاً: عَمَّهُم به ولا يقالُ أَشْمَلَهم خَيْراً.

  واشْتَمَلَ فلانٌ بالثَّوْبِ: أَدارَهُ على جَسَدِه كُلِّهِ حتى لا تَخْرُجَ منه يَدُهُ.

  وقيلَ الاشْتِمَالُ بالثَّوْبِ أَنْ يَلْتَفَ به فيَطْرحُه عن شِمَالِه.

  وفي الحدِيثِ: «نَهَى عن اشْتِمالِ الصَّمَّاءِ».

  قالَ أَبُو عُبَيْدٍ: هو عنْدَ الفُقَهاءِ أَنْ يَشْتَمِلَ بالثوبِ حتى يُجَلِّل به جَسَدَه ولا يَرْفَع منه جانِباً فيكونُ فيه فُرْجَة تَخْرُجُ منها يَدُه، وهو التَّلَفُّع، ورُبَّما اضْطَجَعَ فيه على هذه الحالةِ: قالَ: وأَمَّا تَفْسيرُ الفُقَهاءِ فيَقُولُون هو أَنْ يَشْتَمِل بثوبٍ واحِدٍ ليْسَ عليه غَيْره ثم يَرْفَعُه من أَحَدِ جانِبَيْه فيَضَعه على مَنْكِبِه ويَبْدُو منه فُرْجَة،⁣(⁣٢) قالَ: والفُقَهاءُ أَعْلَم بالتَّأْويلِ في هذا، وذلِكَ أَصَحُّ في الكَلامِ، فمن ذَهَبَ إلى هذا التَّفْسيرِ كَرِه التَّكَشُّفَ وإِبداءَ العَوْرةِ ومن فَسَّرَه تَفْسِير أَهْلِ اللُّغَةِ كَرِه أَنْ يَتَزَمَّل به شامِلاً جَسَدَه، مَخَافَة أَنْ يدفَع إلى حالَةٍ سادَّةٍ لنَفَسِه⁣(⁣٣) فيَهْلِكَ.

  وقالَ الجَوْهَرِيُّ اشْتِمَالُ الصَّمَّاء أَنْ يُخَلِّل جَسَدَه كلَّه بالكِسَاءِ أَو بالإِزارِ.

  ومن المجازِ: اشْتَمَلَ عليه الأَمْرُ أَي أَحَاطَ به إحاطَةَ الكِسَاءِ على الجَسَدِ.

  والشِّمْلَةُ بالكسرِ، هكذا في النسخِ وسَقَطَ في بعضِها قَوْلُه بالكسرِ، هَيْئَةُ الاشْتِمالِ، والكَسْرُ في أَلْفاظِ الهَيْآتِ قِياسٌ ويدلُ عليه قَوْلُه فيمَا بَعْد: وبالفتحِ، وقد اعْتَرَضَ ملا علي في نامُوسِه حيْثُ ظَنَّ أَنَّ الشَّمْلَةَ هنا بالفتحِ لكَوْنِه أَطْلَقَه عن الضَّبْطِ، وهذا ليْسَ بشيءٍ كما يَظْهَرُ لَكَ عنْدَ التأمُّلِ.

  والشِّمْلَةُ الصَّمَّاءُ التي ليْسَ تَحْتها قَمِيصٌ ولا سَرَاويلٌ، وكُرِهَت الصَّلاةُ فيها. أَيْضاً سَيَأتي ذِكْرُها في حرف الميمِ في «ص م م» إنْ شاءَ اللهُ تعالىَ.

  والشَّمْلَةُ: بالفتحِ، كِساءٌ دونَ القَطيفَةِ يُشْتَمَلُ به كالمِشْمَلِ والمِشْمَلَةِ بكسرِ أَوَّلِهِما، ولو قالَ بكَسْرِهما لكَفَىَ.

  وقالَ الأَزْهَرِيُّ: الشَّمْلَةُ عنْدَ العَرَبِ⁣(⁣٤) مِئْزَرٌ من صُوَفٍ أو شَعَرٍ يُؤتَزَرُ به، فإذا لُفِّق لِفْقَيْن فهي مِشْمَلَةٌ يَشْتَمِل بها الرجُلُ إذا نَامَ باللَّيلِ، وجَمْعُ الشّمْلَةُ شِمَال بالكسرِ. ومنه قَوْلُ عليٍّ رَضِيَ اللهُ تعالى عنه للأَشْعَتِ بنِ قَيْسٍ الكنْدِيّ: «إنَّي لأَجِدُ بنَّةَ الغَزْلِ مِنْك» فسُئِلَ رَضِيَ اللهُ تعالى عنه، فقالَ: كانَ أَبُوه يَنْسِجُ الشَّمالَ باليَمْيِن ويُرْوَى باليَمَنِ، وعلى الرِّوَايةِ الأُولَى فما أَحْسَنها وأَلْطَفها بَلاغَةً وأَفْصَحها.

  وقالَ اللَّيْثُ: المِشْمَلَةُ والمِشْمَلُ: كِساءٌ له خَمْلٌ متفرِّقٌ يُلْتَحَفُ به دونَ القَطِيفَةِ، وأَنْشَدَ ابنُ بَرِّي:

  ما رَأَيْنا لغُرابٍ مَثَلاً ... إذ بَعَثْناهُ يَجِي بالمِشْمَلَه⁣(⁣٥)

  غَيْرَ فِنْدٍ أَرْسَلوه قابساً ... فثَوَى حَوْلاً وسَبَّ العَجَلَه

  وأَشْمَلَهُ أَعْطَاهُ إِيَّاها، أَي الشَّمْلَةُ.

  وشَمَلَهُ، كعَمِلَهُ، شَمْلاً بالفتحِ، وشُمُولاً، بالضمِ، غَطَّى عليه المِشْمَلَة، هكذا نَصُّ اللّحْيانيّ.

  قالَ ابنُ سِيْدَه: وأَرَاه إنّما أَرَادَ غَطَّاهُ بها، وقد تَشَمَّلَ بها تَشَمُّلاً على القِياسِ، وَتَشْمِيلاً وهذه عن اللَّحْيانّي وهو على غيرِ الفِعْلِ، وإنّما هو كقَوْلِه {وَتَبَتَّلْ إِلَيْهِ تَبْتِيلاً}.

  وما كان ذا مِشْمَلٍ ولقد أَشْمَلَ أَي صارَ ذا مِشْمَلٍ، ونَصّ اللّحْيانيّ: صارَتْ له مِشْمَلَةٌ.

  والمِشْمَلُ: كمِنْبَرٍ سَيْفٌ قَصيرٌ دَقيقٌ نَحْو المِغْوَلِ يَتَغَطَّى


(١) اللسان.

(٢) الأصل واللسان وفي التهذيب: فَرْجُه.

(٣) اللسان: لتنفّسه.

(٤) في التهذيب: عند البادية.

(٥) اللسان.