فصل العين المهملة مع اللام
  وقالَ ابنُ الَأعْرَابيِّ في تفْسيرِ قولِهِ تعالَى: {خُلِقَ الْإِنْسانُ مِنْ}(١) عَجَلٍ أَي من طِيْنٍ، وأَنْشَدَ:
  والنَّبْعُ في الصَّخْرَةِ * الصَّمَّاءِ مَنْبِتُه
  والنَّخْلُ يَنبُتُ بينَ الماءِ والعَجَلِ(٢)
  وقالَ ابنُ عَرَفَةَ ليسَ عنْدِي في هذا حِكايةٌ عمَّنْ يُرْجَعُ إليه في علْمِ اللُّغةِ، ومِثْلُه قَوْلُ الَأزْهَرِيّ.
  وقالَ أَبو عُبَيْدَةَ: هي لُغَةٌ حِمْيَرِيَّة، وأَنْشَدَ البَيْتَ المذْكُورَ.
  وقالَ الزَّمخشَرِيُّ: واللهُ أَعْلَم بصحَّتِه وأَشَارَ إلى مِثْله ابنُ دُرَيْدٍ.
  وقالَ الرَّاغبُ قوْلُه تعالَى: {مِنْ عَجَلٍ} قالَ بعضُهم {مِنْ حَمَإٍ مَسْنُونٍ}، وليسَ بشيء بل ذلك تَنْبِيه على أَنَّه لا يَتَعدَّى(٣) وأَنَّ ذلِكَ إحْدَى القُوَى التي رُكِّبَ عليها، وعلى ذلِكَ قالَ {وَكانَ الْإِنْسانُ عَجُولاً}(٤) انتَهَى.
  وفي التَّهْذِيبِ: قالَ الفرَّاءُ: {خُلِقَ الْإِنْسانُ مِنْ عَجَلٍ} وعلى عَجَلٍ كأَنَّك قلْت رُكِّبَ على العَجَلةِ، وبِنْيَتُه العَجَلةُ وخِلْقَتُه العَجَلَةُ وعلى العَجَلةِ ونحْو ذلِك.
  قالَ أَبو إسْحق: خُوطِبَ العَرَبُ بما تَعْقِل، والعرب تقولُ للَّذي يُكْثِر الشيءَ: خُلِقْتَ منه، كما تقولُ: خُلِقْتَ من لعِبٍ إذا بُولغ في وصْفِه باللَّعِب، وخُلِقَ فلانٌ من الكَيْس إذا بُولغَ في صَفَتِه بالكَيْس.
  وقالَ أَبو حاتِمٍ في معْنَى الآيةِ: أَي لو يَعْمَلُون ما اسْتَعْجلوا، والجوابُ مُضْمر، قيلَ: إن آدَمَ، #، لمَّا بَلَغ منه الرُّوحُ الرّكْبَتَيْن هَمَّ بالنُّهوضِ قبْلَ أَنْ تَبْلغَ القَدَمَيْن، فقالَ اللهُ، ø، ذلِكَ.
  وقالَ ثعْلَب: معْناه خَلِقَت العَجَلةُ من الإنْسانِ.
  قالَ ابنُ جنيِّ الأَحْسن أنْ يكونَ تَقْدِيره {خُلِقَ الْإِنْسانُ مِنْ عَجَلٍ} لكَثْرةِ فعْلِه إيَّاه واعْتِيادِه له، وهذا أَقْوى معْنًى مِن أَنْ يكونَ أَرَادَ خُلِقَ العَجَل من الإنْسانِ لَأنَّه أَمْرٌ قد اطَّرَدَ واتَّسَعَ، وحَمْلُه على القَلْب يَبْعُد في الصنْعةِ ويُصَغِّر المعْنى، قالَ: وكأَنَّ هذا الموضِعَ لمَّا خَفِيَ على بعضهم قالَ: إنَّ العجل هنا الطِّين، قالَ ولَعَمْرِي أَنَّه في اللُّغة لكَما ذَكَر غَيْر أَنَّه في هذا الموْضِع لا يُرَادُ به الأَنْفس العَجَلة والسُّرْعَةِ، أَلَا تَرَاه عَزَّ اسْمُه كيفَ قالَ عَقيبه: {سَأُرِيكُمْ آياتِي فَلا تَسْتَعْجِلُونِ}(٥) فنَظيرُه قَوْلُه تعالَى: {وَكانَ الْإِنْسانُ عَجُولاً} و {خُلِقَ الْإِنْسانُ ضَعِيفاً}(٦)، لأَنَّ العَجَل ضَرْبٌ من الضَّعْفِ لِمَا يُؤْذن به من الضّرُورةِ والحاجَةِ، فهذا هو وَجْه القَوْل فيه.
  والعِجْلُ، بالكسرِ: ولدُ البَقَرَةِ.
  قالَ الرَّاغِبُ: تَصَوُّرُ فيه العَجَلة إذا صَارَ ثَوْراً، قالَ تعالَى: {عِجْلاً جَسَداً لَهُ خُوارٌ}(٧).
  وقالَ أَبو خَيْرة: هو عِجْلٌ حيْن تضَعُه أُمُّه إلى شَهْر، ثم بَرْغَزٌ نحواً من شَهْرين ونصْف، ثم هو الفَرْقَد، كالعِجَّوْلِ، كسِنَّورٍ، ج عَجاجيلُ، والُأنْثى عِجْلة وعِجَّوْلة، وجَمْعُ العِجْل عجول.
  وقالَ ابنُ بَرِّي: يقالُ ثلاثةُ أَعْجِلة وهي الأَعْجالُ.
  وبَقَرَةٌ مُعْجِلٌ، كمُحْسِنٍ: ذاتُ عِجْلٍ.
  وبنو عِجْلٍ: حَيٌّ من رَبيعَة، وهو عِجْل بنُ لُجَيْم بنِ صَعْب بنِ عليِّ بن بكْرِ بنِ وائِلٍ، وكان يحمقُ، قيلَ له: ما سَمَّيْت فَرَسَك هذا، فَفَقَأَ إحْدَى عَيْنَيْه وقالَ: سَمَّيْته الَأعْورَ، وأُمُّه حذام التي يُضْرَبُ بها المَثَلُ، منهم: فراتُ بنُ حَبَّان بنِ ثعْلَبَة العِجْلِيُّ له صُحْبةٌ، وأبو المعْتَمِر مورقُ بنُ المشمرجِ العِجْليُّ تابِعيٌّ، وأَبو الَأشْعث أَحْمدُ بنُ المقدامِ العِجْليُّ بَصْريُّ من شيوخِ مُسْلم والتَّرْمذيّ، وأَبو دلف القاسمُ بنُ عيسى العِجْليُّ جَوادٌ مَشْهورٌ، قالَ الجوْهَريُّ: وأَمَّا قَوْلُه:
  عَلَّمنا أَخْوالُنا بَنُو عِجِلْ
  شُرْبَ النَّبيذ واعْتِقالاً بالرِّجِلْ(٨)
(١) الأنبياء الآية ٣٧.
(*) بالأصل: «الصَّخرةُ» وما أثبتناه عن اللسان.
(٢) اللسان والتكملة.
(٣) في المفردات المطبوع: أنه لا يتعرّى من ذلك، وأنّ ذلك أحد الأخلاق التي ركّب عليها.
(٤) الإسراء الآية ١١.
(٥) الأنبياء الآية ٣٧.
(٦) النساء الآية ٢٨.
(٧) سورة الأعراف ١٤٨، وطه الآية ٨٨.
(٨) اللسان والصحاح.