تاج العروس من جواهر القاموس،

مرتضى الزبيدي (المتوفى: 1205 هـ)

[يعقلهن]

صفحة 506 - الجزء 15

  أَرَادَ أَنَّه يَتَعرَّض لهنَّ فكَنَّى بالعَقْلِ عن الجماع أَي أَنَّ أَزْواجهنَّ يُعَقِّلُونَهُنَّ وهو يَعْقِلهنّ أَيْضاً، كأَنَّ البَدْء للْأَزْواجِ والإعادَة له.

  * قلْتُ: وهذا الرجُلُ صاحِبُ الأَبْياتِ كانَ وَجَّهه عُمَرُ، ¥، إلى إحْدَى الغَزَواتِ بنَوَاحِي فارِسَ وكانَ تَرَكَ عيَالَه بالمدِينَةِ فبَلَغَه أَنَّ رَجُلاً من بَنِي سُلَيْم اسْمُه جَعْدَة يَخْتلف إلى النِّساءِ الغَائِبات أَزْواجَهُن فكَتَبَ إلى سَيِّدنا عُمَر يَشْكُو منه.

  وفي الحدِيثِ: «القُرْآنُ كالإبِلِ المُعَقَّلة» أَي المَشْدُودة بالعِقالِ، والتَّشدِيدُ للتكْثِير.

  واعْتَقَلَه اعْتِقالاً مِثْلُ عَقَّلَه.

  وعَقَلَ القَتيلَ يَعْقِلُه عَقْلاً: ودَاهُ أَي أَعْطَاه العَقْل، وهو الدية.

  وعَقَلَ عنه عَقْلاً أَدّى جِنَايَتَهُ، وذلِكَ إذا لَزِمَتْه دِيَّةٌ فأَعْطَاها عنه، قالَ الشاعِرُ:

  فإنْ كانَ عَقْل فاعْقِلا عن أَخِيكما

  بَناتِ المَخاضِ والفِصَالِ المَقَاحِما⁣(⁣١)

  عَدَّاه بعَنْ لأنَّ في قَوْلِه اعْقِلوا⁣(⁣٢) معْنَى أَدُّوا وأَعْطُوا حتى كأَنَّه قالَ: فأَعْطِيا عن أَخِيكُما.

  وعقَلَ له دَمَ فُلانٍ عَقْلاً: تَرَكَ القَوَدَ للدِّيَةِ، قالَتْ كَبْشَة أُخْت عَمْرو بن مَعْدِيكرِب:

  وأَرْسَلَ عبدُ الله إذْ حانَ يومُه

  إلى قَوْمِه لا تَعْقِلُوا لَهُمُ دَمِي⁣(⁣٣)

  فهذا هو الفَرْقُ بين عَقَلْته وعَقَلْت عنه وعَقَلْتُ له، كذا في المُحْكَم والتَّهْذِيب لابنِ القَطَّاعِ وسَيَأْتي قَرِيباً.

  وعَقَلَ الظَّبْيُ عَقْلاً وعُقولاً، بالضمِ: صَعِدَ.

  وفي الصِّحاحِ: عَقَلَ الوَعِلُ أَي امْتَنَعَ في الجَبَلِ العالِي يَعْقِلُ عُقولاً، وبه سُمِّي الوَعِلُ عاقِلاً أَي على حَدِّ التَّسْمِية بالصفَةِ. ويقالُ: وعِلٌ عاقِلٌ إذا تَحَصَّنَ بَوَزَرِهِ عن الصَّيَّادِ. وعَقَلَ الظِّلُّ عَقْلاً: قامَ قَائِمُ الظَّهيرةِ وذِلكَ عنْدَ انْتِصاف النَّهارِ، قالَ لَبِيدٌ، رضِيَ اللهُ تعالَى عنه:

  تسلُبُ الكانِسَ لم يورأ بها

  شُعْبَةَ السَّاقِ إذا الظِّلُّ عَقَلْ⁣(⁣٤)

  وعَقَلَ إليه عَقْلاً وعُقولاً إذا لَجَأَ.

  وعَقَلَ فُلاناً إذا صَرَعَه الشَّغْزَبِيَّةَ وهو أَنْ يَلْوي رِجْلَه على رِجْلِه كاعْتَقَلَهُ، والاسمُ العُقْلةُ، بالضمِ، قالَ:

  عَلّمنا إخْوَاننَا بَنُو عِجْلْ

  شُرْبَ النبيذِ اعتِقَالاً بالرّجلْ

  وعَقَلَ البعيرُ: أَكَلَ العاقولَ، اسمُ نَبْتٍ يَأْتي ذِكْرُه، يَعْقِلُ، بالكسرِ من حَدِّ ضَرَبَ، عَقْلاً في الكلِّ.

  والعَقْلُ: الدِّيَةُ، وقد عَقَلَه إذا وَدَاهُ كما تقدَّمَ، ومنه الحدِيثُ: «العَقْل على المُسْلِمِين عامَّة ولا يُتْرَكُ في الإسْلامِ مفرجٌ.

  قالَ الأصْمَعِيُّ: وإنَّما سُمِّيَت بذلِكَ لأَنَّ الإبِلَ كانت تُعْقَل بفناءِ وَلِيِّ المَقْتولِ كَثُر اسْتِعْمالُهم هذا اللَّفْظ حتى قالُوا: عَقَلْت المَقْتول إذا أَعْطَيْت دِيَّته دَرَاهِم أَو دَنَانِير، قالَ أَنَسُ بنُ مُدْرِكَة:

  إنِّي وقتلى سُلَيْكاً ثم أَعْقله

  كالثَّورِ يضربُ لما عافَتِ البَقَر⁣(⁣٥)

  والعَقْلُ: الحِصْنُ، وأَيْضاً المَلْجَأُ، والجَمْعُ عُقولٌ، قالَ أُحَيْحة:

  وقد أَعْدَدْت للحِدْثانِ حِصْناً

  لو أَنَّ المرءَ تَحْرزُهُ العُقولُ⁣(⁣٦)

  قالَ اللَّيْثُ: وهو المَعْقِلُ.

  قالَ الأَزْهَرِيُّ: أُراهُ أَرَادَ بالعُقولِ التَّحَصُّن في الجَبَلِ، ولم أَسْمَع العَقْلَ بمعْنَى المَعْقِل لغيرِ اللَّيْث.

  وقالَ ابنُ الأَعْرَابيِّ: العَقْلُ القَلْبُ، والقَلْبُ العَقْل.


(١) اللسان.

(٢) الذي في البيت «اعقلا» بأمر الاثنين.

(٣) اللسان والصحاح.

(٤) ديوانه ط بيروت ص ١٣٩ برواية: لم يُوأرْ بها.

(٥) المقاييس ٤/ ٧٠ بدون نسبة.

(٦) اللسان والأساس والمقاييس ٤/ ٧٠ والصحاح والتهذيب.