تاج العروس من جواهر القاموس،

مرتضى الزبيدي (المتوفى: 1205 هـ)

فصل العين المهملة مع اللام

صفحة 507 - الجزء 15

  قلْتُ: وبه فسَّرَ بعضٌ قَوْلَه تعالَى: {لِمَنْ كانَ لَهُ قَلْبٌ}⁣(⁣١).

  والعَقْلُ: ثَوْبٌ أَحْمرُ يُجَلَّلُ به الهَوْدَجُ، قالَ عَلْقمةُ:

  عَقْلاً ورَقْماً تَكادُ الطيرُ تَخْطَفُه

  كأَنَّه مِنْ دَمِ الأَجوافِ مَدْمومُ⁣(⁣٢)

  أَو ضَرْبٌ من الوَشْيِ، وفي المُحْكَم: مِنَ الوَشْيِ الأَحْمر، وقيلَ: ضَرْبٌ من البُرُودِ.

  وأَيْضاً: إسقاطُ اللامِ مِن مُفاعَلَتُنْ، هكذا في سائِرِ النسخِ، وفي نسخةٍ إسْقاطُ الياءِ قالَ شيْخُنا: وهو غَلَطٌ ظاهِرٌ فإسْقاطُ الياءِ وكلّ خامِسٍ ساكِن من الجزْءِ إنَّما يقالُ له القَبْض، والعَقْل إنَّما هو حَذْفَ الخامِسِ المُتَحرِّكِ، انتَهَى.

  قلْتُ: وفي المُحْكَم: العَقْلُ في العَرُوضِ إسْقاطُ الياءِ من مَفاعِيلُن بعْدَ إسْكانِها في مُفاعَلَتُنْ فيَصِير مَفاعِلُنْ، وبَيْتُه:

  مَنازِلٌ لفَرْتَنى قِفارٌ

  كأَنَّما رسُومُها سُطور⁣(⁣٣)

  والعَقَلُ، بالتحريكِ: اصْطِكاكُ الرُّكْبَتَيْن أَو التواءٌ في الرِّجلِ، وقيلَ: هو أن يُفْرِطَ الرَّوَحُ في الرِّجْلَين حتى يَصْطَكَّ العُرْقوبانِ، وهو مَذْمومٌ، قالَ الجعْدِيُّ يِصَفُ ناقَةً:

  مَطْوِيَّةِ الزَّوْرِ طَيَّ البِئْر دَوْسَرةٍ

  مَفْروشةِ الرِّجل فَرْشاً لم يَكُنْ عَقَلا⁣(⁣٤)

  يقالُ: بعيرٌ أَعْقَلُ وناقةٌ عَقْلاءُ بَيِّنة العَقَلِ، وقد عَقِلَ، كفَرِحَ، عَقلاً: وهو التواءٌ في رِجلِ البَعيرِ واتِّساعٌ.

  وتَعاقَلوا دَمَ فلانٍ: عَقَلوه بَيْنهم، وفي حدِيثِ عُمَرَ، ¥: «إنَّا لا نَتَعاقَلُ المُضَغَ بَيْننا»، أَي أَنَّ القُرى لا يَعْقِلُون عن أَهْلِ البادِيَةِ، ولا أَهْلُ البَادِيَةِ عن أَهْلِ القُرى في مِثْل المُوْضِحَة أَي لا نَعْقِل بَيْننا ما سَهُل مِنَ الشِّجاجِ بل نُلْزِمه الجانِي.

  ويقالُ: دَمُه مَعْقُلَةٌ، بضم القافِ، على قَومِه، أَي غُرمٌ عليهم يُؤَدُّونه مِن أَمْوالِهم.

  والمَعْقُلَةُ أَيْضاً: الدِّيَةُ نفسُها، يقالُ: لنا عنْدَ فلانٍ ضَمَدٌ من مَعْقُلة، أَي بَقِيَّةٌ من دِيَّةٍ كانت عليه.

  ومَعْقَلةٌ: خَبْراءُ بالدهناء⁣(⁣٥) تَمْسِكُ المَاءَ، حَكَاها الفارِسِيُّ عن أَبي زَيدٍ.

  قالَ الأَزْهَريُّ: وقد رَأَيْتها وفيها حَوَايا كَثِيرة تُمْسِك ماءَ السَّماءِ دَهْراً طويلاً، وإنَّما سُمِّيَت مَعْقُلة لأَنّها تُمْسِك الماءَ كما يَعْقِل الدواءُ البَطْنَ، قالَ ذُو الرُّمَّةِ:

  حُزَاوِيَّةٍ أَو عَوْهَجٍ مَعْقُلِيَّةٍ

  تَرُودُ بأَعْطافِ الرِّمالِ الحَرَائِر⁣(⁣٦)

  ويقالُ: هم على مَعاقِلِهم الأُولَى، أَي على حالِ الدِّياتِ التي كانت في الجاهِلِيَّةِ يُؤَدُّونها كما كانوا يُؤَدُّونها في الجاهِلِيَّةِ واحِدَتُه مَعْقُلَةٌ أَو على مَعاقِلِهم: على مَراتِبِ آبائِهِم، وأَصْلُه من ذلِكَ، وفي الحدِيثِ: كتبَ بَيْن قُرَيْش والانْصار كتاباً فيه: المُهاجِرُون مِن قُرَيْش على رَباعَتِهم يَتَعاقَلُون بَيْنهم مَعاقِلَهم الأُولَى أَي يكونُون على ما كانوا عليه من أَخْذِ الدِّياتِ وإِعْطائِها.

  وهو عِقالُ المِئينَ، ككِتابٍ، أَي الشريفُ الذي إذا أُسِرَ فُدِيَ بمئينَ من الإِبِلِ. ويقالَ: فلانٌ قَيْدُ مائةٍ وعِقالُ مائةٍ إذا كان فِداؤُه إذا أُسِرَ مائةً من الإبِلِ، قالَ يَزيدُ بنُ الصَّعِق:

  أُساوِرُ بيضَ الدَّارِعِينَ وأَبْتَغِي

  عِقالَ المِئِينَ في الصياع وفي الدَّهْرِ⁣(⁣٧)

  واعْتَقَلَ رُمْحَه جَعَلَه بَيْن رِكابِه وساقِه. وفي حدِيثْ أُمِّ زَرْعٍ: واعْتَقَلَ خَطِّيّاً.

  قالَ ابنُ الأثيرِ: اعْتِقالُ الرُّمْح: أَنْ يَجْعلَه الرَّاكِب تَحْتَ فخذِه ويَجُرَّ آخِرَه على الأَرْضِ وراءه.


(١) سورة ق الآية ٣٧.

(٢) من قصيدة مفضلية لعلقمة بن عبدة رقم ١٢٠ بيت رقم ٥ برواية «تظل الطير» واللسان والصحاح.

(٣) اللسان.

(٤) اللسان ومعه بيت آخر، وعجزه في الصحاح.

(٥) في القاموس: بالدَّهْنَاءِ.

(٦) اللسان ومعجم البلدان «معقلة».

(٧) اللسان والتهذيب، وفيه «الصباح» بدل «الصياع» وفي اللسان «الصاع» ونبه مصححه إلى رواية التهذيب.