تاج العروس من جواهر القاموس،

مرتضى الزبيدي (المتوفى: 1205 هـ)

فصل العين المهملة مع اللام

صفحة 530 - الجزء 15

  وما أَنا في ائْتِلافِ ابْنَيْ نِزَارٍ

  بمَلْبوسٍ عَلَيَّ ولا مَعُول⁣(⁣١)

  أَي لسْتُ بمَغْلوبِ الرَّأْي، وقَوْلُ كُثَيِّر:

  وبالأَمْسِ ما رَدُّوا لِبَيْنٍ جِمالَهم

  لَعَمْري فَعِيلَ الصَّبْرَ مَنْ يَتَجَلَّد⁣(⁣٢)

  يُحْتمل أَنَّه أَرادَ أَنْ يكونَ عِيلَ على الصَّبرِ فَحَذَف وعَدَّى، ويُحْتَمَل أَن يجوزَ على قَوْلِه عِيلَ الرَّجلُ صَبْرَه.

  قالَ ابنُ سِيْدَه: ولم أَرَه لغَيْرِه. كعَالَ فيهما، يقالُ: عالَ عَوْلَه وعالَ صَبْرِي، الأخِير نَقَلَه اللّحْيانيُّ عن أَبي الجَرَّاح قالَ: فجاءَ به على فعل الفاعل.

  وعيلَ ما هو عائِلُهُ أَي غُلِبَ ما هو غالِبُهُ. قالَ الجوْهَرِيُّ: يُضْرَبُ لمَنْ يُعْجَبُ من كلامِهِ ونَحْوِهِ، ونَصُّ الجوْهَرِيّ: أَو غَيْر ذلِكَ قالَ: وهو على مَذْهبِ الدُّعاءِ، قالَ النمرُ بنُ تَوْلَبُ:

  وأَحْبِبْ حَبِيبَك حُبًّا رُوَيْداً

  فلَيْسَ يَعُولُك أَن تَصْرِما⁣(⁣٣)

  وقالَ ابنُ مُقْبل يَصِفُ فَرَساً:

  خَدَى مِثْلَ خَدْي الفالجِيِّ، يَنُوشُني

  بسَدْوِ يَدَيْه عِيلَ ما هو عائِلُه⁣(⁣٤)

  وهو كقْولِك للشيءِ يُعْجِبك: قاتَلَه اللهُ وأَخْزَاه اللهُ.

  والعَوْلُ: كُلُّ ما عالَكَ مِن الأَمْرِ أَي أَهَمَّك كأَنَّه سُمِّي بالمصْدَرِ.

  والعَوْلُ أَيْضاً: المُسْتَعانُ به في المُهمَّات.

  وأَيْضاً: قوتُ العِيالِ.

  وعَوَّلَ عليه مَعَوَّلاً: اتَّكَلَ واعْتَمَدَ، عن ثَعْلب وبه فسَّرَ قوْلَه:

  فهلْ عند رَسْمٍ دارِسٍ من مُعَوَّلِ⁣(⁣٥)

  على أَنَّه مَصْدرُ عَوَّل أَي اتَّكَلَ، كأَنَّه قالَ إنَّما راحتى في البُكاءِ فما معْنَى اتِّكَالي في شفاءِ غَلِيلي على رَسْمٍ دارسٍ لا غَناء عنْدَه عنِّي؟ فسَبِيلي أَن أُقْبِلَ على بُكَائِي. وقيلَ المُعَوَّل هنا مَصْدَرُ عَوَّلْت بمعْنَى أَعْوَلْت أَي بَكَيْت فيكونُ مَعْناه فهلْ عندَ رسمٍ دارسٍ من إِعْوالٍ وبُكاءٍ. والاسمُ العِوَلُ، كعِنَبٍ، يقالُ: هو عِوَلي أَي عُمْدَتى، قالَ تأبَّطَ شَرّاً:

  لكِنَّما عِوَلي إن كنتُ ذا عِوَلٍ

  على بَصير بكَسْب المَجْدِ سَبَّاقِ⁣(⁣٦)

  قَرَأْت في شرحِ قَصِيدَة تأَبَّطَ شَرّاً للمُفَضَّل الضَّبِّيّ ما نَصَّه: أَبو عَكْرَمَةَ رَوَى عِوَلي بكسرِ العَيْن في اللَّفْظَتَيْن جَمِيعاً، وغَيْرُ أَبي عَكْرَمَةَ رَوَى عَوَلي بفتحِ العَيْن والواوِ جَمِيعاً كِلْتا اللَّفْظَتَيْن رَوَاهم هكذا، وهذه رِوايَةُ أَحْمد بنِ عُبَيْد جَعَلَهُما مَصْدَرَيْن، ومَنْ كَسَرَهُما جَعَلَهما جَمْع عَوْلة كبَدْرةٍ وبِدَر، يقولُ لو أَني بَكَيْت على أَحَدٍ بَكَيْت على هذا الذي هذه صِفَته: بَصِير بِكَسْبِ المَجْدِ، الخ.

  وعَيَّلُكَ⁣(⁣٧)، ككَيِّسٍ، وعِيَالُكَ مِثْل كِتابٍ: مَنْ تَتَكَفَّلُ بِهِم وتَعُولُهم، واوِيَّةٌ يائِيَّةٌ، ولذا أَعادَها المصنِّفُ في «ع ي ل» أَيْضاً.

  وقالَ ابنُ بَرِّي: العِيالُ ياؤُه مُنْقَلِبة عن واوٍ لأنَّه من عالَهُم يَعُولُهم إذا كَفَاهُم مَعاشَهم، وكأَنَّه في الأصْلِ مَصْدرٌ وُضِعَ على المَفْعُولِ، ج عالَةٌ عن كراعٍ.

  قالَ ابنُ سِيْدَه: وعنْدِي أَنَّه جَمْعُ عائِلٍ على ما يكثرُ في هذا النَّحْوِ، وأَمَّا فَيْعِل فلا يُكَسَّر على فَعَلةٍ البتَّةَ وأَصْلُ العَيِّل عَيْوِلٌ فأَدْغمَ. وفي حدِيثِ حَنْظَلَة الكَاتِب: «فاذا رَجَعْتُ إِلى أَهْلِي دَنَتْ منِّي المرأَةُ وعَيِّلٌ أَو عَيِّلانِ».

  وقد تَقَعُ على الجماعَةِ، ومنه الحدِيثُ: «رجُلٌ يُدْخِل على


(١) اللسان والتهذيب.

(٢) اللسان.

(٣) شعراء إسلاميون، شعر النمر ص ٣٧٩ وانظر تخريجه فيه، واللسان والصحاح.

(٤) ديوانه ص ٢٥١ واللسان وجزء منه في التهذيب.

(٥) لامرئ القيس، من معلقته، ديوانه ط بيروت ص ٣١ وصدره فيه:

وإن شفائي عبرة مهراقة

والبيت بتمامه في التكملة، وفي اللسان.

(٦) مفضلية رقم ١ بيت رقم ١٠ برواية: «بكسب الحمد» واللسان والصحاح والتهذيب.

(٧) على هامش القاموس: قال الصاغاني في التكملة: العيال جمع عيل، كجياد جمع جيد، وهو من يلزم الإنفاق عليه، ويكون اسماً للواحد، كما استعمله الحريري في مقاماته، وذكره المطرزي في شرحه اه شرح الشفاء كتبه نصر.