تاج العروس من جواهر القاموس،

مرتضى الزبيدي (المتوفى: 1205 هـ)

فصل العين المهملة مع اللام

صفحة 529 - الجزء 15

  عِيَال، وعَزا هذا القَوْل إلى الهَرَوِيّ، وقالَ: قالَ الزَّمَخْشَرِيُّ: الأَصْل فيه الواوُ، يقالُ: أَعالَ وأَعْوَالَ إذا كَثُر عِيالُه، فأَمَّا أَعْيَلَتْ فإنَّه في بنائِه مَنْظورٌ إلى لفظِ عِيَال، لا أَصْله كَقَوْلِهم أَقْيال وأَعْياد.

  وتقولُ العَرَبُ: مالَهُ عالَ ومالَ، فَعالَ: كَثُر عِيالُه، ومالَ: جَارَ في حُكْمِه.

  وعالَ عِيالَهُ عَوْلاً وعُؤُولاً، كقُعُودٍ، وعيالَةً، بالكسرِ: كَفَاهُم مَعاشَهم، قالَهُ الأَصْمَعِيُّ.

  وقالَ غيرُه: مانَهُم وقانَهم وأَنْفَقَ عليهم.

  ويقالُ: عُلْتُه شهراً إذا كَفَيْته مَعاشَه.

  وقيلَ: إذا قامَ بمَا يَحْتاجُون اليه من قُوتٍ وكسوةٍ وغيرِهما.

  وفي الحدِيثِ: «كَانَتْ له جاريةٌ فَعَالَها وعَلَّمها»، أَي أَنْفَقَ عليها. وفي آخَر: «وابْدَأْ بمَنْ تَعُول» أَي بمَنْ تَمُون وتَلْزمك نَفَقَه في عِيَالِك، فإن فَضَلَ شيءٌ فليَكُن للأَجانِبِ، وقالَ الكُمَيْت:

  كما خامَرَتْ في حِضْنِها أُمُّ عامرٍ

  لَدى الحَبْل حتى عالَ أَوْسٌ عِيالَها⁣(⁣١)

  ويُرْوَى: غالَ بالغَيْن.

  وقالَ أُمَيَّةُ:

  غَذَوْتكَ مَوْلوداً وعلْتُكَ يَافِعاً

  تعل بما أَجْني عَلَيْك وتَنْهل

  كأَعالَهُم وعَيَّلَهُم.

  وأَعْوَلَ الرَّجُلُ: رَفَعَ صَوْتَهُ بالبُكاءِ والصِّياحِ كَعَوَّلَ تَعْوِيلاً قالَهُ شَمِرٌ، والاسمُ العَوْلُ والعَوْلَةُ والعَويلُ، وقد تكونُ العَوْلَةُ حَرارَة وَجْد الحَزِين والمُحِبِّ من غيرِ نِدَاءٍ ولا بُكاءٍ، قالَ مُلَيحُ الهُذَليُّ:

  فكيفَ تَسْلُبنا لَيْلى وتَكْنُدُنا

  وقد تُمَنَّح منك العَوْلة الكُنُدُ؟⁣(⁣٢)

  وقد يكونُ العَويلُ صَوتاً من غيرِ بُكاءٍ، ومنه قَوْلُ أَبي زُبَيْد:

  للصَّدْرِ منه عَوِيلٌ فيه حَشْرَجةٌ⁣(⁣٣)

  أَي زَئِيرٌ كأَنَّه يَشْتكي صَدْرَه. وفي حدِيثِ شُعْبة: «كان إذا سَمِعَ الحديثَ، أَخَذَه العَوِيلُ والزَّوِيل حتى يَحْفَظه»، وأَنْشَدَ ثَعْلَب لعُبَيْدِ اللهِ بنِ عبدِ اللهِ بنِ عتبةَ:

  زَعَمْتَ فإن تَلْحَقْ فَضِنٌّ مُبَرِّزٌ

  جَوَادٌ وإن تُسْبَقْ فَنَفْسَكَ أَعْوِل⁣(⁣٤)

  أَرادَ فعَلى نفْسِك أَعْوِلْ فَحَذَف وأَوْصَلَ.

  وقالَ أَبو زَيْدٍ: أَعْوَل عليه إذا أَدَلَّ عليه دالَّة وحَمَلَ عليه كعَوَّلَ، يقالُ: عَوِّل عليَّ بمَا شِئْت أَي اسْتَعِن بي كأَنَّه يقولُ احْملْ عليِّ ما أَحْبَبْت.

  وقالَ أَبو زَيْدٍ أَيْضاً: أَعْوَلَ فلانٌ إذا حَرَصَ كأَعالَ وأَعْيَلَ فهو مُعْوِلٌ ومُعْيِلٌ، وبه فسَّرَ بعضُهم قَوْل أَبي كبيرٍ الهُذَليُّ:

  فأَتَيْتُ بيتاً غير بيتِ سَنَاخةٍ

  وازْدَرْتُ مُزْدار الكَريم المُعْوِلِ⁣(⁣٥)

  وأَعْوَلَت القَوْسُ صَوَّتَتْ، كما في المُحْكَمِ والعُبَابِ.

  وصَحَّفه بعضُهم فقالَ: الفَرَسُ، ومِثْلُه وَقَعَ في نسخةِ اللّسَانِ⁣(⁣٦).

  وعَيلَ عَوْلُهُ: ثَكِلَتْهُ أُمُّه.

  وعِيلَ صَبْرِي: غُلِبَ.

  قالَ أَبو طالِبٍ: ويكونُ بمعْنَى رُفِع وغُيِّر عمَّا كان عليه من قوْلِهمِ: عالَتِ الفَريضةُ إذا ارْتَفَعَتْ وفي حدِيثِ سَطِيح: فلمَّا عِيلَ صبرُه أَي غُلِبَ، فهو مَعُولٌ كَمقولٍ، قالَ الكُمَيْت:


(١) اللسان والصحاح والتهذيب.

(٢) شرح أشعار الهذليين ٣/ ١٠١٦ برواية: وكيف ... وقد يمنح منا ..» والمثبت كرواية اللسان.

(٣) شعراء إسلاميون، شعر أبي زبيد ص ٦٢٥ وعجزه:

كأنما هي في أحشاء مصدور

وانظر تخريجه فيه، والبيت في الأساس والتكملة وصدره في اللسان والتهذيب.

(٤) اللسان.

(٥) ديوان الهذليين ٢/ ١٠٠ واللسان وعجزه في التهذيب.

(٦) كذا، والذي في اللسان «القوس» كالقاموس.