تاج العروس من جواهر القاموس،

مرتضى الزبيدي (المتوفى: 1205 هـ)

[غيل]:

صفحة 560 - الجزء 15

  قالَ شيْخُنا: كانَ الأَظْهَر في العِبارَةِ أَنْ يقولَ: الغَيْلُ أَنْ تُرْضِعَ المرْأَةُ وَلَدَها الخ. كذا قالَهُ بعضُ أَرْبابِ الحَواشِي، وهو ظاهِرٌ فتأَمَّلْ.

  وأَغالَتِ المرْأَةُ ولَدَها وأَغْيَلَتْه: سَقَتْه الغَيْلَ، الذي هو لَبَنُ المأْتِيَّة أَو لَبَنُ الحبْلَى، فهي مُغِيلٌ مُغْيِلٌ، وهو أَي الوَلَدُ مُغالٌ ومُغْيَلٌ، قالَ امْرؤُ القَيْسِ:

  فمِثْلك حُبْلى قد طَرَقتُ ومُرْضِعاً⁣(⁣١)

  فأَلْهَيْتُها عن ذي تَمائِم مُغْيَلِ⁣(⁣٢)

  وأَغالَ فلانٌ وَلَدَه إِذا غَشِيَ أُمَّه تُرْضِعُه، واسْتَغْيَلَتْ هي نفْسُها، والاسْمُ: الغِيلَةُ، بالكسْرِ.

  يقالُ: أَضرَّتِ الغِيْلَةُ بولَدِ فلانٍ إِذا أُتِيَتْ أُمُّه وهي تُرْضِعُه، وكَذلِكَ إِذا حَمَلَتْ أُمُّه وهي تُرْضِعُه.

  وفي الحدِيثِ: «لقد هَمَمْتُ أَنْ أَنْهَى عن الغِيْلَةِ حتى ذكرت أَنَّ فارِسَ والرُّومَ يَفْعلُونَه فلا يضرُّ أَوْلادَهم»، وفي رِوايَةٍ: تَفْعلُ ذلِكَ فلا يَضِيرُهم.

  وقالَ ابنُ الأَثيرِ: والفتْحُ لُغَةٌ، وقيلَ: الكسْرُ للاسْمِ والفتْحُ للمَرَّةِ، وقيلَ: لا يصحُّ الفتْحَ إِلا مع حذْفِ الهاءِ.

  والغَيْلُ، بالفتْحِ: السَّاعدُ الرَّيَّانُ المُمْتَلِئُ، نَقَلَه الجوْهرِيُّ، وأَنْشَدَ لمنْظورٍ بنِ مَرْثدٍ الأَسَدِيِّ:

  لَكاعبٌ مائلة في العِطْفَيْن

  بَيْضاء ذاتُ ساعِدَيْن غَيْلَيْن

  أَهْوَنُ من ليلي وليلِ الزَّيْدَيْن

  وعُقَب العِيسِ إِذا تمطَّين⁣(⁣٣)

  والغَيْلُ: الغُلامُ السَّمينُ العظيمُ، والأُنْثَى غَيْلةٌ، كالمُغْتالِ فيهما، أَي في الساعِدِ والغُلامِ، قالَ المُتَنَخّلُ الهُذَليُّ:

  كوَشْمِ المِعْصَم المُغْتالِ غُلَّت

  نَواشِزُه بوَسْمٍ مُسْتَشاطِ⁣(⁣٤)

  قالَ ابنُ جنيِّ: قالَ الفرَّاءُ إِنَّما سُمِّي المِعْصَم المُمْتَلِئُ مُغْتالاً لأَنَّه مِن الغَوْلِ، وليسَ بقَويٍّ لوجُودِنا ساعد غَيْل في معْناه.

  والغَيْلُ أَيْضاً: الماءُ الجارِي على وَجْهِ الأَرضِ، كما في الصِّحاحِ.

  وقولُ شيْخِنا: كَلامُ المصنِّفِ صَرِيحٌ في أَنَّهُ بالفتْحِ، والذي في الصِّحاحِ وغيرِهِ مِن الأمهاتِ أَنَّه بالكسْرِ، انتَهَى، غَلَطٌ والصَّوابُ الفتْح، ومِثْلُه في الصِّحاحِ والعُبابِ وسائِرِ الأَمهاتِ، نَعَم الكَسْر لغَةٌ فيه، نَقَلَه ابنُ سِيْدَه.

  وقالَ بعضُهم: الغَيْلُ ما جَرَى مِن المِياهِ في الأَنْهارِ والسَّواقي، وأَمَّا الذي يَجْرِي بينَ الشَّجَر فهو الغَلَلُ.

  وفي الحَديثِ: «ما سُقيَ بالغَيْلِ ففيه العُشْر، وما سُقِي بالدَّلْو ففيه نِصْفُ العُشْر».

  والغَيْلُ: الخَطُّ تَخُطُّه على الشَّيءِ⁣(⁣٥).

  وأَيْضاً ماءٌ كانَ يَجْرِي في أَصْلِ جَبَلِ أَبِي قُبَيْسٍ يَغْسِلُ عليه القَصَّارونَ.

  وأَيْضاً: كلُّ وادٍ ونحْوه فيه عُيونٌ تَسيلُ.

  وقالَ اللَّيْثُ الغَيْلُ مَكانٌ مِن الغَيْضةِ فيه ماءٌ مَعِينٌ، وأَنْشَدَ:

  حِجارةُ غَيْلٍ وارِسات بطُحْلُب

  والغَيْلُ: الذي تَراهُ قَريباً وهو بَعِيدٌ، مُقْتَضى سِياقِه أَنَّه بالفتْحِ.

  والذي في العُبابِ: الغيلُ مِن الأَرضِ الذي تَراهُ قَريباً وهو بَعِيدٌ وضَبَطَه كسيدٍ، فانْظُرْ ذلِكَ.

  وتَقَدَّمَ في «غ ول» عن ابنِ خَالَوَيْه: أَرْضٌ ذاتُ غَوْل بهذا المعْنَى، فتأَمَّلْ.


(١) بهامش المطبوعة المصرية: «قوله: ومرضعاً، كذا بخطه بالنصب كاللسان ويروي: ومثلك بكراً قد طرقت وثيباً كذا في اللسان وقد ذكر في شرح الديوان جوازاً الخفض والنصب ووجههما فانْظُرْهُ».

(٢) من معلقته، ديوانه ط بيروت ص ٣٥ وفيه: «ومرضعٍ ... محولِ» والمثبت كرواية اللسان والمقاييس ٤/ ٤٠٦ وفيها «ومرضعٍ» وعجزه في الصحاح.

(٣) اللسان بدون نسبة والأول والثاني في الصحاح والتهذيب والثاني في المقاييس ٤/ ٤٠٦.

(٤) ديوان الهذليين ٢/ ١٨ وفيه: بوشمٍ «والمثبت كاللسان.

(٥) القاموس: شيءٍ