فصل العين المهملة
  شُعَبُ العِلَافِيَّات بَيْن فُرُوجِهِمْ ... والمُحْصَنَاتُ عَوَازِبُ الأَطْهَارِ
  العِلَافِيَّات: رِحَالٌ منسوبَةٌ إِلَى عِلَافٍ؛ رجُلٍ من قُضَاعةَ كان يَصْنَعُهَا. والفُرُوجُ جَمْعُ فَرْج؛ وهو ما بَيْن الرِّجْلَيْن يُرِيد أَنَّهم آثروا الغَزْوَ على أَطًّهَارِ نِسَائِهم.
  وعَزَبَتِ الأَرْضُ إِذا لم يَكُن بِهَا أَحَدٌ، مُخْصِبَةً كَانَت أَو، وفي نسخة أَم مُجْدِبَةً. والعَزُوبَةُ الهاءُ فيها للمُبَالغَة مِثْلُها في فَرْوقَة ومَلُولَة: الأَرْضُ البَعِيدَةُ المَضْرِبِ إِلَى الكَلإِ قَلِيلَتُه(١). ومنه الحدِيث «أَنَّه بَعَثَ بَعْثاً فأَصْبَحَوا بأَرْضٍ عَزُوبَةٍ بَجْرَاءَ»(٢) [أَي بأَرضٍ بعيدة المرعى](٣).
  والعَوْزَبُ كجَوْهَرٍ: العَجُوزُ، لبُعْدِ عَهْدِها عن النِّكَاح.
  ومن أَمثَالِهِم: «إِنَّمَا اشْتَرَيتُ الغنَمَ حِذَارَ العازِبَة» العَازِبَةُ: الإِبِلُ. وقِصَّتُه أَنّه كان لِرَجُلٍ إِبِلٌ فَبَاعَها واشْتَرَى غَنَما لِئلَّا تَعْزُب(٤)، فعَزَبت غَنَمُه فعَاتَبَ(٥) عَلَى عُزُوبِهَا، فَقَالَ: إِنَّمَا اشْتَرَيْتُ الغَنَم حِذَارَ العَازِبَة. فذَهَبَت مَثَلاً فيمَن ترفقَ أَهْونَ الامور موونةً فلزِمه فيه مشقَّةٌ لم يَحْتَسِبْها.
  وهِرَاوَةُ الأَعْزَابِ هِرَاوَةُ الَّذين يُبْعِدُون بإِبْلِهم في المَرْعى، ويُشَبَّه بهَا الفرَسُ. ووجدتُ في هَامِش لسان العَرَب حاشِيَةً نُقِلت من حَاشِيَة في نُسْخَةِ ابْنِ الصلاح المُحَدِّث ما نَصّه: الأَعْزَاب: الرِّعَاءُ يَعْزُبُون في إِبلهم.
  وقَال لَبِيد يُشَبِّهُ الفرسَ بعَصَا الرَّاعِي في انْدِمَاجِها وامِّلاسِها؛ لأَنَّهَا سلاحهُ فهو يُصْلِحها ويُمَلِّسُها، وقِيلَ هُو لعَامِر بْنِ الطُّفَيْل:
  تَهْدِي أَوَائِلهُنَّ كُلُّ طِمِرَّةٍ ... جَرْدَاءَ مثلِ هِرَاوَةِ الأَعْزَابِ
  وقيل: هي فَرَسٌ للرَّيَّان بنِ خُوَيْص(٦) العَبْدِيّ، اسم لها مَشْهُورَةٌ نقله أَبو أَحْمَد العُكبريّ عن أَبي الحَسَن النَّسَّابة، ومثله قال أَبُو سَعِيد البَرْقِيّ، وكَانَت لا تُدْرَك، جَعَلَها مَوْقُوفَةً على الأَعْزَاب من قَوْمه، فكان العَزَبُ منهم يَغْزُونَ عَلَيْهَا ويَسْتَفِيدُونَ المَالَ ليَتَزَوَّجُوا، فإِذا اسْتَفَاد وَاحِدٌ منهم مَالاً وأَهْلا دَفَعها إِلى آخرَ منهم، فكَانُوا يَتَدَاوَلُونَها كذلك، فضُرِبَت مَثَلاً فقِيل: أَعزُّ من هِرَاوة الأَعْزَاب.
  * ومما يُستدرك على المُؤَلِّفِ مِمَّا لم يَذْكُرْه: العُزَّابُ هم الَّذِين لا أَزواج لَهُم من الرِّجَالِ والنِّسَاءِ.
  والعَزَب: اسم للجَمْع كخَادِم وخَدَم، وكذلك العَزِيب اسم للجمع كالغَزِيِّ.
  والمُعْزب كمُحْسِن: طالب الكَلَإِ العَازِب. ومنه الحَدِيث «أَنَّهُم كَانُوا في سَفَر مع النبيّ ﷺ فسمعَ مُنَادِياً فقال: انظُروا(٧) ستَجِدُوه(٨) مُعزِباً أَو مُكْلِئاً» قال الأَزْهَرِيّ: هو الذي عَزَب عن أَهله في إِبلِه، أَي غَاب.
  وفي حَدِيثِ ابنِ الأَكْوَعِ لما أَقَامَ بالرَّبَذَة قال له الحَجَّاج: «ارتدَدْتَ على عَقِيبَيْكِ، تعَزَّبْتَ؟ قال: لا ولكِنَّ رَسُولَ الله ﷺ أَذِن لِي في البَدْوِ».
  أَرادَ: بَعُدْتَ عن الجَمَاعَات والجُمُعاتِ بسُكْنَى البَادِيَة ويروى بالرَّاءِ، وقد تَقَدَّم.
  وفي الأَسَاس، وَمن المُسْتَعارِ في الحَدِيثِ: «من قرأَ القُرآنَ في أَرْبَعِين ليلةً فقد عَزَّبَ»(٩) أَي بَعُدَ عَهْدُه بما ابْتَدَأَه(١٠) منه وأَبْطَأَ في تلَاوتِه(١١).
  ومن المجاز أَيضاً قولُ الشاعر:
  وصَدْرٍ أَرَاحَ الليلُ عازبَ هَمِّه ... تضاعَفَ فيه الحُزْنُ من كُلِّ جَانِبِ
  والعِزْبَة بالكسر: اسمٌ لِعدَّة مواضع بثَغْر دُمْيَاط، ومن أَحَدِها شيخ مَشَايِخَنا الشِّهَابُ أَحمدُ بن محمد بن عبد الغَنِيّ الدُّمْيَاطيّ العِزْبِيّ المُقْرِئُ، روى عن الشَّمْسِ البَابِليّ
(١) عن اللسان، وبالأصل «قليلة».
(٢) «بجراء» عن النهاية واللسان، وبالأصل «بحراء».
(٣) زيادة عن اللسان والنهاية.
(٤) اللسان: تَعزِب عنه.
(٥) عن اللسان، وبالأصل «فغابت».
(٦) في جمهرة ابن الكلبي: الريان بن حُويص بن عوف بن عائذة بن مرة.
ومثله في الاشتقاق. وفي أنساب الخيل: هراوة الاعزاب من خيل هوازن، ولعبد القيِس بن أفصى.
(٧) كذا بالأصل والنهاية، وفى اللسان: انظروه.
(٨) في النهاية واللسان: تجدوه.
(٩) كذا بالأصل والأساس واللسان، وفي النهاية: عَزَبَ.
(١٠) في النهاية واللسان: ابتدأ.
(١١) كذا العبارة في الأصل واللسان والنهاية، وفي الأساس: أي أبعد العهد بأوله من عَزَب بإبله.