تاج العروس من جواهر القاموس،

مرتضى الزبيدي (المتوفى: 1205 هـ)

فصل القاف مع اللام

صفحة 639 - الجزء 15

  وقالَ ابنُ شُمَيْل: يقالُ للرجُلِ: إنَّه لَمِقْوَل إذا كان بَيِّناً ظَرِيفَ اللّسانِ.

  والتَّقْولَةُ: الكثيرُ الكَلامِ البَلِيغُ في حاجَتِه وأَمْرِه⁣(⁣١).

  ورجُلٌ تِقْوالَةٌ: مِنْطِيقُ.

  وهو ابنُ أَقْوالٍ وابنُ قَوَّالٍ: فصِيحٌ جَيِّدُ الكَلَامِ.

  وفي التَّهْذِيبِ: تَقُولُ للرجُلِ إذا كان ذا لسانٍ طَلْقٍ⁣(⁣٢) إنَّه لابنُ قَوْلٍ وابنُ أَقْوالٍ.

  وأَقْوَلَه ما لم يَقُلْ، وهو شاذٌّ كقَوْلِه: صَدَدْت فأَطْوَلت الصُّدُود؛ وقيل: إنَّه غيرُ مَسْموعٍ في غيرِ أَطْوَل، نَقَلَه شيْخُنا. وكذلِكَ: قَوَّلَهُ ما لم يَقُلْ، وأَقالَه ما لم يَقُلْ أَي ادَّعاهُ عليه، الأخيرَةُ عن اللّحْيانيّ.

  وقالَ شَمِرٌ: تقولُ قَوَّلَنِي فلانٌ حتى قلْتُ أَي عَلَّمني وأَمَرَني أَنْ أَقُولَ؛ وقيلَ: قَوَّلَني وأَقْوَلَني أَي عَلَّمني ما أَقُولُ وأَنْطَقَني وحَمَلَني على القَوْلِ. وفي حدِيث عليٍّ، رَضِيَ اللهُ تعالَى عنه: أَنَّه سَمِعَ امْرأَةً تنْدُبُ عُمَرَ فَقَالَ: أَمَا والله ما قالَتْه ولكنْ قُوِّلَتْه، أَي لُقِّنته وعُلِّمته وأُلْقِي على لسانِها يعْنِي من جانِبِ الإلْهامِ أَي أَنَّه حَقِيقٌ بما قالَتْ فيه.

  وقَوْلٌ مَقولٌ ومَقْؤُولٌ، عن اللّحْيانيّ، قالَ: والإتْمامُ لُغَةُ أَبي الجَراحِ.

  وتَقَوَّلَ قَوْلاً: ابتَدَعَه كذِباً؛ ومنه قوْلُه تعالَى {وَلَوْ تَقَوَّلَ عَلَيْنا بَعْضَ الْأَقاوِيلِ}⁣(⁣٣) وتَقَوَّلَ فلانٌ عليَّ باطلاً أَي قالَ عليّ ما لم أَكُن قُلْتُ.

  وكلِمَةٌ مُقَوَّلَةٌ، كمُعَظَّمَةٍ: قِيلَتْ مَرَّةً بعدَ مَرَّةٍ.

  والمِقْوَلُ، كَمِنْبَرٍ: اللِّسانُ؛ يقالُ: إِنَّ لي مِقْوَلاً، وما يسُرُّني به مِقْوَل أي لِسانُه. وأَيْضاً: المَلَكُ بلُغَةِ أَهْل اليمن وجَمْعُهما المَقَاوِلُ؛ أَو مِن مُلوكِ حِمْيْرَ خاصَّةً، يقولُ ما شاءَ فَيَنْفُذُ ما يقُولُه، كالقَيْلِ، أَو هو دُوْنَ المَلِكِ الأَعْلَى⁣(⁣٤)، كما في العُبَابِ، وهو قَوْلُ أَبي عُبَيْدَةَ، قالَ: يكونُ مَلِكاً على قَوْمِه ومِخْلافِه ومَحْجَرِه أَي فهو بمنْزِلةِ الوَزِير، وأَصْلُه قَيِّلٌ، بالتَّشدِيدِ، كفَيْعِلٍ.

  قالَ أَبو حَيَّان: لا يَنْبغي أَن يدعى في قَيل وشبهِهِ التَّخْفيفَ حتى يُسْمَع مِن العَرَبِ مُشَدَّداً كنَظائِرِه نَحْو مَيْت وهَيْن وبَيْن، فإنّها سُمِعَت بهما، ويبعد القَوْل بالْتِزامِ تَخْفيف هذا خاصَّة مع أَنَّه غَيْرُ مَقِيْس عنْدَ بعضِ النُّحَّاة مُطْلقاً أَو في اليائي وَحْدِه، وإن أَجَابَ عنه الشّهاب الخفاجيّ بمالا يُجْدِي وخالَفَ أَبو عليَّ الفارِسيّ في ذلِكَ كُلِّه فقصَرَه على السّماعِ، والصَّوابُ خِلافُه، وفيه كَلامٌ طَويلٌ لابنِ الشجريّ وغيرِه. وادَّعَى فيه البَدْر الدماميني في شرْحِ المُغْني أَنَّهم تَصَرَّفوا فيه للفَرْق، نَقَلَه شيْخُنا. سُمِّي به⁣(⁣٥) لأَنَّه يقولُ ما شاءَ فَيَنْفُذُ، وهذا على أنَّه وَاوِيٌّ، وأَصْل قَيْل قَيْول كسَيَّد وسَيود، حُذِفَت عَيْنُه. وذَهَبَ بعضُهم إلى أَنَّه يائيُّ العَيْن مِن القيالَةِ وهي الإمَارَةُ، أَو من تَقَيَّله إذا تابَعَه أَو شابَهَه، ج أَي جَمْعُ القَيلِ أَقْوالٌ.

  قالَ سِيْبَوَيْه: كَسَّرُوه على أَفّعال تَشْبيهاً بفاعِلٍ؛ ومَن جَمَعَه على أَقْيالٍ⁣(⁣٦) لم يَجْعل الوَاحِدَ منه مُشَدَّداً، كما في الصِّحاحِ.

  وقالَ ابنُ الأثيرِ: أَقْيال مَحْمولٌ على لَفْظِ قَيْلَ، كما قِيْلَ في جَمْعِ رِيحٍ أَرْياحٌ والسائِغُ المَقِيس أَرْواح.

  وفي التَّهْذِيبِ: هم الأَقْوالُ والأَقْيالُ، الوَاحِدُ قَيْل، فمن قالَ أَقْيال بَنَاه على لفْظِ قَيْل، ومن قالَ أَقْوال بَنَاه على الأصْلِ، وأَصْلُه مِن ذَواتِ الواوِ.

  وجَمْعُ المِقْوَل مَقاوِلُ؛ وأَنْشَدَ الجوْهَرِيُّ للبيدٍ:

  لها غُلَلٌ من رازِقيٍّ وكُرْسُفٍ

  بأَيمان عُجْمٍ يَنْصُفُون المَقاوِلا⁣(⁣٧)

  أَي يَخْدمونَ المُلوكَ. ومقاوِلَةٌ دَخَلَت الهاءُ فيه على حَدِّ دُخولِها في القَشاعِمةِ.

  واقْتَالَ عليهم احْتَكَمَ؛ وأَنْشَدَ ابنُ بَرِّي للغَطَمَّش مِن بنِي شَتمِرة:


(١) في اللسان: «وامرأة ورجل تقوالة» والأصل كالتهذيب.

(٢) كذا بالأصل واللسان، وفي التهذيب: «إذا كان ذا كلام ولسانٍ جيد» وهو كالأصل في موضع آخر فيه.

(٣) الحاقة الآية ٤٤.

(٤) على هامش القاموس: فهو في حمير كالوزير في الاسلام، كما في فقه اللغة للثعالبي، ومثله بهمن عند الفرس، كما يأتي للمصنّف، كتبه نصر، ا هـ.

(٥) لفظة «به» ليست في القاموس.

(٦) في القاموس بالضم منونة، وتصرف الشارح بالعبارة فاقتضى كسرها.

(٧) ديوانه ط بيروت ص ١١٨ واللسان والصحاح.