تاج العروس من جواهر القاموس،

مرتضى الزبيدي (المتوفى: 1205 هـ)

فصل الميم مع اللام

صفحة 682 - الجزء 15

  الأَنْبِياءُ ثم الأَمْثَلُ فالأَمْثَلُ» أَي الأَشْرَفُ فالأَشْرفُ والأَعْلَى فالأَعْلَى في الرُّتبةِ والمَنْزلةِ. وفي حدِيْث التَّراوِيح: «لكانَ أَمْثلَ» أَي أَوْلى وأَصْوب؛ ج أَماثِلُ.

  وقالَ الجوْهَرِيُّ: فلانٌ أَمْثَلُ بَنِي فلانٍ أَي أَدْناهُم للخَيْر، وهؤلاء أَماثِلُ القَوْمِ أَي خيارُهم.

  والمثَالَةُ: الفَضْلُ، وقد مَثُلَ، ككَرُمَ، مَثالَةَ أَي صَارَ فاضلاً؛ ويقالُ: هو مِن ذَوِي مَثَالَتِهم.

  والمُثْلَى تأْنِيثُ الأَمْثَل كالقُصْوَى تأْنِيثُ الأَقْصَى، قالَهُ الاخْفَشُ، وقوْلُه تعالَى: {وَيَذْهَبا بِطَرِيقَتِكُمُ الْمُثْلى}⁣(⁣١) أَي بجَمَاعِتكم الأَفْضَلِين.

  وقيلَ: الطَّريقةُ المُثْلَى التي هي الأَشْبَهُ بالحقِّ؛ وقوْلُه تعالَى: {إِذْ يَقُولُ أَمْثَلُهُمْ طَرِيقَةً}⁣(⁣٢)، معْناهُ أَعْدَلُهُم وأَشْبَهُهم بالحق * أَو أَعْلَمُهُم عندَ نَفْسِه بما يقولُ، قالَهُ الزَّجَّاجُ.

  والمَثِيلُ، كأَميرٍ: الفاضِلُ، وإِذا قيلَ: مَنْ أَمْثَلُكُم؟ قلْتُ: كُلُّنا مَثِيلٌ حَكَاه ثَعْلَب، وإِذا قيلَ: مَنْ أَفْضَلُكُم؟ قلْت: فاضِلٌ أَي أَنَّك لا تقولُ كلُّنا فَضِيل كما تقولُ كُلُّنا مَثِيل.

  والتَّمْثالُ، بالفتحِ التَّمْثيلُ، وهو مَصْدر مَثّلْت تَمْثيلاً وتَمْثالاً؛ وذِكْرُ الفَتْح مُسْتدركٌ إِذ قَوْله فيمَا بَعْد. وبالكسْرِ: الصورةُ يغني عنه وهي الشيءُ المَصْنوعُ مشبَّهاً بِخَلْقٍ مِن خَلْقِ اللهِ، ø، وأَصْلُه مِن مَثَّلْت الشيءَ بالشيءِ إِذا قدَّرْته على قدْرِه، والجَمْعُ التَّماثِيلُ؛ ومنه قوْلُه تعالَى: {ما هذِهِ التَّماثِيلُ}⁣(⁣٣) أَي الأَصْنامُ؛ وقوْلُه تعالَى: {مِنْ مَحارِيبَ وَتَماثِيلَ}⁣(⁣٤)، هي صُورُ الأَنْبِياء، $، وكان التّمْثِيْل مُباحاً في ذلِكَ الوَقْت.

  والتِّمْثالُ: سيفُ الأَشْعَثِ بن قيسٍ الكِنْدِيِّ، رَضِيَ اللهُ تعالَى عنه، وهو القائِلُ فيه:

  قَتلْتُ وتري معاً وسنجالْ

  فَقَد تَوَافَتْ حممٌ وآجالْ

  وفي يميني مشرفي قصالْ

  أَسماؤه الملك اليماني تمثالْ

  ومَثَّلَهُ له تَمْثيلاً: صَوَّرَهُ له بكِتابَةٍ أَو غَيْرها، حتى كأَنَّه يَنْظُرُ إِليه.

  وامْتَلَثُه هو أَي تَصَوَّرَهُ فهو مُطاوعٌ له، قالَ اللهُ تعالَى: {فَتَمَثَّلَ لَها بَشَراً سَوِيًّا}⁣(⁣٥)، أَي تَصَوّر.

  ويقالُ: امْتَثَلَ مِثالَ فلانٍ: إِذا احْتَذَى حَذْوَة وسَلَكَ طَرِيقَته.

  وامْتَثَلَ طَريقَتَه: تَبِعَها فلم يَعْدُها. وفي الصِّحاحِ: امْتَثَلَ أَمْرَه: أَي احْتَذَاه.

  وامْتَثَلَ منه: اقْتَصَّ، قالَ:

  إِنْ قَدَرْنا يوماً على عامِرٍ

  نَمْتَثِلْ منه أَو نَدَعْهُ لكمْ⁣(⁣٦)

  وفي حَدِيْث سُويد بنِ مُقْرِنٍ: «امْتَثِل منه» فعَفَا أَي اقتْصَّ منه، كتَمَثَّلَ منه، في كذا في المُحْكَمِ.

  ومَثَلَ الرجُلُ بينَ يَدَيْه يَمْثُل مُثولاً: قامَ مُنْتَصِباً؛ ومنه الحدِيْث: «فمَثَلَ قائِماً»؛ كمَثُلَ بالضَّمِّ، أَي مِن حَدِّ كَرُمَ، مُثولاً، بالضمِ؛ فهو ماثِلٌ.

  ومَثَلَ أَي لَطَأَ بالأَرْضِ، وهو ضِدَّ، نَقَلَه الجوْهَرِيُّ وأَنْشَدَ لزُهَيْر:

  تَحَمَّلَ منها أَهْلُها وخَلَتْ لها

  رُسومٌ فمنها مُسْتَبِينٌ وماثِلُ⁣(⁣٧)

  وقالَ زُهَيْر أَيْضاً في المَاثِل بمعْنَى المُنْتَصِبِ:

  يَظَلُّ بها الحِرْباءُ للشمس ماثِلاً

  على الجِذْل إِلَّا أَنه لا يُكَبِّرُ⁣(⁣٨)

  ومَثَلَ: زَالَ عن مَوْضِعِه؛ قالَ أَبو عَمْرو: كانَ فلانٌ عنْدَنا ثم مَثَلَ، أَي ذَهَبَ.

  ويقالُ: مثل فلاناً فلاناً ومَثَّلَه به شَبَّهَه به وسَوَّاه به.


(١) طه الآية ٦٣.

(٢) طه الآية ١٠٤.

(*) عبارة القاموس: وأشبههم «بأهل الحق» بدل «بالحق».

(٣) الأنبياء الآية ٥٣.

(٤) سبأ الآية ١٣.

(٥) مريم الآية ١٧.

(٦) اللسان بدون نسبة.

(٧) شرح ديوانه صنعة ثعلب ص ٢٩٣ برواية: «سنون» بدل «رسوم» والمثبت كاللسان، وعجزه في الصحاح.

(٨) اللسان، ولم أجده في ديوانه.