فصل الميم مع اللام
  ومثلَ فلانٌ فلاناً: صَارَ مِثْلَهُ أَي يسدُّ مَسَدَّه.
  ومَثَلَ بفلانٍ مَثْلاً ومُثْلَةً، بالضَّمِ، وهذه عن ابنِ الأَعْرَابيِّ، نَكَّلَ تَنْكِيلاً بقَطْعِ أَطْرافِه والتَّشْوِيه به.
  ومَثَلَ بالقَتِيلِ: جَدَعَ أَنْفَه وأُذُنَه أَو مَذَاكِيْرَه أَو شَيئاً مِن أَطْرافِه. وفي الحدِيْث: «مَن مَثَلَ بالشَّعَر فليسَ له عنْدَ اللهِ خَلاقٌ يومَ القِيامَةِ»، أَي حَلْقُه مِن الخُدُودِ، أَو نَتْفُه أَو غَيَّرَه بالسَّوادِ؛ ورُوِي عن طاوس أَنَّه قالَ: جَعَلَه اللهُ طُهْرةً فجَعَلَه نَكالاً.
  وفي حدِيثٍ آخَر: أَنَّه نَهَى عن المُثْلةِ؛ كمَثَّلَ تَمْثيلاً، التَّشْديدُ للمُبالَغَةِ.
  وفي الحدِيث: نَهَى أَن يُمَثَّل بالدوابِّ وأَن تُؤْكَلَ المَمْثُول بها، وهو أَن تُنْصَبَ فتُرْمَى أَو تُقَطَّع أَطرافُها وهي حَيَّة؛ وهي المَثْلَةُ، بضمِ الثّاءِ وسكونِها(١)، هكذا في سائِرِ النسخِ، أَي مع فتحِ الميمِ، وفي الصِّحاحِ: المَثُلَة بفتحِ الميمِ وضمِ الثاءِ: العُقوبَةُ؛ وزَادَ الصّاغانيُّ: والمُثُلة بضمَّتَيْن، والمُثْلَةُ، بالضمِ، فهي ثلاثُ لُغاتٍ، اقْتَصَرَ الجوْهَرِيُّ منها على الأَوْلَى، ولم أَرَ أَحداً ضَبَطَها بسكونِ الثاءِ مع الفتحِ كما هو مُقْتَضى عِبارَته، فتأَمَّلْ ذلِكَ.
  وقوْلُه: ج مُثولاتٌ ومَثُلاتٌ(٢)، هكذا في النسخِ، وهو غَلَطٌ، والصَّحيحُ أَنَّ مَثُلات بضمِ الثاءِ جَمْع مَثُلة، ومَنْ قالَ: مُثُلة بضمَّتين قالَ في جَمْعِه مُثُلات بضمَّتَيْن أَيْضاً؛ ومَنْ قالَ مُثْلة، بالضمِ، قالَ في جَمْعِه مُثْلات بالضمِ أَيْضاً، وأَيْضاً مُثُلات بضمَّتَيْن وأَيْضاً مَثَلات بالتَّحْريك، وأَمَّا مُثولاتُ الذي ذَكَرَه المصنِّفُ فلم أَرَه في كتابٍ فاعْرف ذلك.
  وقالَ الزَّجاجُ: الضمُّ في المَثُلات عِوَض عن الحَذْف، وردَّ ذلِكَ أَبو عليٍّ وقالَ: هو من بابِ شاةٌ لَجِبَة وشِياةٌ لَجِبات. قالوا في تِفْسيرِ قوْلِه (وَقَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِمُ الْمَثُلاتُ)(٣) أَي وقد عَلِموا ما نَزلَ من عُقوبَتِنا بالأُمَمِ الخالِيَةِ فلم يَعْتبروا بهم. وقالَ بعضُهم: أَي وقد تقدَّم مِن العذابِ ما فيه مُثْلة ونَكالٌ لهم لو اتَّعظُوا، وكأَنَّ المَثْل مأْخوذٌ مِن المَثَل لأَنَّه إِذا شَنَّعَ في عُقوبَتِه جَعَلَه مَثَلاً وعَلَماً.
  ونَقَلَ الصَّاغانيُّ عن ابنِ اليَزِيديّ أَنَّ المرادَ بالمَثُلات هنا الامْثال والأَشْباه.
  وفي كتابِ المحْتَسب لابنِ جنيِّ قِراءَة عيسَى الثَّقَفي وطَلْحَة بن سُلَيْمان المثلات، وقَرَأَ المثلات يَحْيَى بنُ وَثَّاب، وقِراءَة الناسِ: {الْمَثُلاتُ} روينا عن أَبي حاتِمٍ قالَ: رَوَى زائِدَةُ عن الأَعْمش عن يَحْيَى المَثْلات، بالفتحِ والإِسْكانِ؛ قالَ: وقالَ زائِدَةُ: رُبَّما ثَقَّلَ سُلَيمن، يعْنِي الأعْمش، يقولُ المثلات، وأَصْل هذا كُلّه {الْمَثُلاتُ}، بفتحِ الميمِ وضمِ الثاءِ؛ فأَمَّا مَن قَرَأَ {الْمَثُلاتُ} فعَلَى أَصْله كالسَّمُرات جَمْع سَمُرة؛ ومَنْ قالَ: المُثْلات بضمِ الميمِ وسكونِ الثاءِ إِمَّا أَنَّه أَرادَ المثلات ثم آثَرَ إِسْكانَ الثاءِ اسْتِثْقالاً للضَّمَّة ففَعَل ذلِكَ، إِلَّا أَنَّه نَقَل الضَّمَّة إِلى المِيم فقالَ: المُثلات، أَو أَنَّه خَفَّف في الواحِدِ فصارَتْ مثلة إِلى مثلة ثم جَمَعَ على ذلِكَ فقالَ: المُثلات، ثم قالَ بعدْ تَوجِيه كَلامٍ: ورَوَيْنا عن قُطرب أَنَّ بعضَهم قَرَأَ المُثُلات بضمَّتَيْن، فهذا إِمَّا عامل الحاضر معه فنقل عليه، وإِمَّا فيها لُغَةٌ أُخْرَى وهي مُثْلة كغُرْفة؛ وأَمَّا مَنْ قالَ: المَثْلات بفتحِ الميمِ وسكونِ الثاءِ فإِنَّه أَسكَنَ عن المثلات اسْتِثْقالاً لها فأَقَرَّ الميمَ مَفْتوحَةً، وإِن شِئْت قلْت أَسكن عن الواحِدَةِ فقالَ: مثلة ثم جَمَع وأَقَرّ السّكون بحالِهِ ولم يفْتَح الثاءَ كما يقالُ في جَفْنة وتَمْرة جَفَنات وتَمَرات لأَنَّها ليْسَتْ في الأَصْل فعلة وإِنَّما هي مُسَكَّنة من فَعْلة، ففَصلَ بذلِكَ بينَ فعلة مُرْتَجَلة وفعلة مَصْنوعَة مَنْقولَة من فعلة كما تَرَى، وإِن شِئْت قلْت قد أَسْكَن الثاء تَخْفِيفاً فلم يَرَ مُرَاجَعَة تَحْرِيكِها إِلَّا بحَرَكَتِها الأَصْلية لها؛ وقد يُمكنُ أَيْضاً أَنْ يكونَ مَنْ قالَ المثلات ممَّنَ يَرَى إِسْكان الواحِدِ تَخْفِيفاً، فلمَّا صَارَ إِلى الجَمْع وآثَرَ التَّحْريك في الثاءِ عاوَدَ الضَّمَّة لأَنَّها هي الأَصْل لها ولم يَرْتَجِل لها فَتْحة أَجْنَبيَّة عنها، كلُّ ذلِكَ جائِزٌ انتَهَى.
  وأَمْثَلَةُ من صاحِبِه إمْثالاً: قَتَلَهُ بقَوَدٍ؛ يقولُ الرجُلُ
(١) على هامش القاموس: قوله: وسكونها، فيه نظر، فإنه لم يضبطها أحد بالسكون مع الفتح، وعبارة المصباح: والاسم: المثلة وزان غرفة، المثلة بفتح الميم وضم الثاء: العقوبة ا هـ.
(٢) على هامش القاموس: فيه نظر أيضاً، والصحيح أن مثلات بضم الثاء، جمع مثلة بضمها أيضاً، وأما مثولات، فلم يثبت، وهناك لغات أخرى في المفرد، والجمع، تعلم بمراجعة الشارح.
(٣) سورة الرعد الآية ٦.