تاج العروس من جواهر القاموس،

مرتضى الزبيدي (المتوفى: 1205 هـ)

فصل العين المهملة

صفحة 240 - الجزء 2

  أُولئك لم يَدْرِينَ ما سَمَكُ القُرَى ... ولا عُصُبٌ فِيهَا رِئَاتُ العَمَارِسِ

  وفي لسان العرب: ويُقَالُ لأَمْعَاءِ الشَّاةِ إِذَا طُوِيَت وجُمِعَت ثم جُعِلَت في حَوِيَّة من حَوَايَا بَطْنِها: عُصُبٌ، واحِدُها عَصِيبٌ.

  والتَّعْصِيبُ: التَّسْوِيدُ، من سَوَّدَة قَوْمُه إِذَا صَيَّروهُ سَيِّداً.

  وفي الأَسَاس: وكَانُوا إِذَا سَوَّدُوه عَصَّبُوه، فجرى التَّعْصيبُ مَجْرَى التَّسْوِيد. والمُعَصِّبُ، كمُحَدِّث: السَّيِّدُ المُطَاع. والذي في التَّوْشِيح وظاهر عِبَارَة لِسَان العَرَب ضَبْطُه كمُعَظَّم، كما سنَذْكُره. قال ابن مَنْظُور: ويقال للرَّجُل الذي سَوَّدَه قومُه: قد عَصَّبُوه فهو مُعَصَّب، وقد تَعَصَّبَ. ومنه قول المُخَبَّل في الزِّبْرِقَان:

  رأَيتُكَ هَرَّيتَ العِمَامَةَ بَعْدَ مَا ... أَراكَ زماناً حاسِراً لم تَعَصَّبِ

  وهو مَأْخُوذٌ مِن العصَابَة، وهي العِمَامَة وكانَت التِّيجَانُ للمُلُوك، والعَمَائِمُ الحُمْرُ للسَّادَة من العربِ، قال الأَزْهَرِيّ: وكان يُحْمَلُ إِلى الباديَة من هَرَاةَ عَمَائِمُ حُمْرٌ يَلْبَسُهَا أَشْرَافُهُم.

  ورجُلٌ مُعَصَّبٌ ومُعَمَّم أَي مُسَوَّد. قال عَمْرُو بْنُ كُلْثُوم:

  وَسيِّدِ مَعْشَرٍ قد عَصَّبُوه ... بتَاجِ المُلْكِ يَحْمِي المُحْجَرِينَا

  فجعل المَلِكَ مُعَصَّباً أَيضاً لأَنَّ التَاجَ أَحَاطَ برَأْسه كالعِصَابَة التي عَصَبَت برَأْس لابِسِهَا.

  ويقال: اعْتَصَبَ التَاجُ على رَأْسه إِذا استكَفَّ بِه. ومِنْهُ قولُ ابْنِ قَيْسِ الرُّقَيَّات⁣(⁣١):

  يَعْتَصِبُ التاجُ فوقَ⁣(⁣٢) مَفْرِقِه ... على جَبِينٍ كأَنَّه الذَّهَب

  وكانُوا يُسَمُّون السَّيِّدَ المُطاعَ مُعَصَّبا؛ لأَنه يُعَصَّب بالتَّاج أَو تُعَصَّب به أُمُورُ النَّاس، أَي تُرَدُّ إِليه وتُدَارُ بِهِ، والعَمَائِمُ تِيجَانُ العَرَب. وفي الأَسَاس: المَلِكُ المُعْتَصِبُ والمُعَصَّب أَي المُتَوَّج.

  وعَصَّبَه بالسَّيْف تَعْصِيباً: عَمَّمه بِه. والمُعَصِّب بضَبْطِ المُؤلف كمُحَدِّث وبِضَبْطِ غَيْرِه⁣(⁣٣) كمُعَظَّم: الَّذِي يَتَعَصَّبُ بالخِرَقِ جُوعاً. والذِي عَصَبَتْه السِّنُونَ أَي أَكَلَت مَالَه.

  والجَائِع الذي يَشْتَدُّ عليه سَخْفَةُ الجُوعِ فيُعَصِّبُ بطنَهُ بحَجَرٍ. ومنه قوله:

  ففي هذا فنَحْنُ لُيُوثُ حَرْبٍ ... وفي هَذَا غُيُوثُ مُعَصَّبِينا

  والمُعَصَّبُ: الرَّجُلُ الفَقيرُ. وعَصَبَهُم الجَهْدُ وهو من قولهم⁣(⁣٤): يوم عَصِيبٌ وانْعَصَبَ: اشْتَدَّ.

  وعُصَيْبٌ كزُبَيْر: ع بِبِلَادِ مُزَيْنَةَ.

  والحَسَنُ بْنُ عَبْدِ اللهِ العَصَّابُ كشَدَّادٍ: مُحَدِّثٌ عن شافع. وفاته مُحمّدُ بنُ إِسْحاقَ العَصَّابُ عن سَلَمَة بْنِ العَوَّام بْنِ حَوْشَب، وعنه الحَسنُ بنُ الحُسَيْن العَطَّار.

  * ومما يُسْتَدْرَكُ عليه: يقال للرَّجل إِذَا كان شَدِيدَ أَسْرِ الخَلْق غيرَ مُسْتَرْخِي اللَّحْمِ: إِنَّه لمَعْصُوبٌ ما حُفْضِج⁣(⁣٥). ورجل مَعْصُوبُ الخَلْق: شَدِيدُ اكْتِنَازِ اللَّحْم عُصِب عَصْباً. قال حَسَّان:

  دَعُوا التَّخَاجُؤَ وامْشُوا مِشْيَةً سُجُحاً ... إِنَّ الرجَالَ ذَوُو عَصْبٍ وتَذْكِيرِ

  وجارِيةٌ مَعْصُوبَةٌ: حَسَنَةُ العَصْب أَي الَّليِّ مجدولَةُ الخَلْق. ورجل مَعْصوب⁣(⁣٦): شَدِيدٌ. وعَصَّب الرجلَ تَعْصِيباً: دَعَاه مُعَصَّباً، عن ابْنِ الأَعْرَابِيّ، وأَنْشَدَ:

  يُدْعَى المُعَصَّبَ مَنْ قَلَّت حَلوبَتُه ... وهل يُعَصَّبُ مَاضي الهَمِّ مِقْدَامُ

  ويقال: عَصَب القَيْنُ صَدْعَ الزُّجَاجَةِ بِضَبَّة من فِضّة إِذا لأَمَهَا [محيطةً]⁣(⁣٧) بِه. والضَّبَّةُ: عِصَابُ الصَّدْعِ، نقله


(١) في اللسان: قول قيس الرقيات.

(٢) في المقاييس: بين.

(٣) في التهذيب والمحكم والصحاح واللسان بفتح الصاد مثقلاً.

(٤) اللسان: من قوله.

(٥) بهامش المطبوعة المصرية: «قوله لمعصوب ما حفضج عبارة المجد في مادة ح ف ض ج وهو معضوب ما حفضج بالضم ما سمن ا هـ لكن معضوب بالضاد المعجمة فلعله يقال معضوب ومعصوب».

(٦) عن اللسان، وبالأصل «يعصوب».

(٧) زيادة عن اللسان.