فصل العين المهملة
  أُولئك لم يَدْرِينَ ما سَمَكُ القُرَى ... ولا عُصُبٌ فِيهَا رِئَاتُ العَمَارِسِ
  وفي لسان العرب: ويُقَالُ لأَمْعَاءِ الشَّاةِ إِذَا طُوِيَت وجُمِعَت ثم جُعِلَت في حَوِيَّة من حَوَايَا بَطْنِها: عُصُبٌ، واحِدُها عَصِيبٌ.
  والتَّعْصِيبُ: التَّسْوِيدُ، من سَوَّدَة قَوْمُه إِذَا صَيَّروهُ سَيِّداً.
  وفي الأَسَاس: وكَانُوا إِذَا سَوَّدُوه عَصَّبُوه، فجرى التَّعْصيبُ مَجْرَى التَّسْوِيد. والمُعَصِّبُ، كمُحَدِّث: السَّيِّدُ المُطَاع. والذي في التَّوْشِيح وظاهر عِبَارَة لِسَان العَرَب ضَبْطُه كمُعَظَّم، كما سنَذْكُره. قال ابن مَنْظُور: ويقال للرَّجُل الذي سَوَّدَه قومُه: قد عَصَّبُوه فهو مُعَصَّب، وقد تَعَصَّبَ. ومنه قول المُخَبَّل في الزِّبْرِقَان:
  رأَيتُكَ هَرَّيتَ العِمَامَةَ بَعْدَ مَا ... أَراكَ زماناً حاسِراً لم تَعَصَّبِ
  وهو مَأْخُوذٌ مِن العصَابَة، وهي العِمَامَة وكانَت التِّيجَانُ للمُلُوك، والعَمَائِمُ الحُمْرُ للسَّادَة من العربِ، قال الأَزْهَرِيّ: وكان يُحْمَلُ إِلى الباديَة من هَرَاةَ عَمَائِمُ حُمْرٌ يَلْبَسُهَا أَشْرَافُهُم.
  ورجُلٌ مُعَصَّبٌ ومُعَمَّم أَي مُسَوَّد. قال عَمْرُو بْنُ كُلْثُوم:
  وَسيِّدِ مَعْشَرٍ قد عَصَّبُوه ... بتَاجِ المُلْكِ يَحْمِي المُحْجَرِينَا
  فجعل المَلِكَ مُعَصَّباً أَيضاً لأَنَّ التَاجَ أَحَاطَ برَأْسه كالعِصَابَة التي عَصَبَت برَأْس لابِسِهَا.
  ويقال: اعْتَصَبَ التَاجُ على رَأْسه إِذا استكَفَّ بِه. ومِنْهُ قولُ ابْنِ قَيْسِ الرُّقَيَّات(١):
  يَعْتَصِبُ التاجُ فوقَ(٢) مَفْرِقِه ... على جَبِينٍ كأَنَّه الذَّهَب
  وكانُوا يُسَمُّون السَّيِّدَ المُطاعَ مُعَصَّبا؛ لأَنه يُعَصَّب بالتَّاج أَو تُعَصَّب به أُمُورُ النَّاس، أَي تُرَدُّ إِليه وتُدَارُ بِهِ، والعَمَائِمُ تِيجَانُ العَرَب. وفي الأَسَاس: المَلِكُ المُعْتَصِبُ والمُعَصَّب أَي المُتَوَّج.
  وعَصَّبَه بالسَّيْف تَعْصِيباً: عَمَّمه بِه. والمُعَصِّب بضَبْطِ المُؤلف كمُحَدِّث وبِضَبْطِ غَيْرِه(٣) كمُعَظَّم: الَّذِي يَتَعَصَّبُ بالخِرَقِ جُوعاً. والذِي عَصَبَتْه السِّنُونَ أَي أَكَلَت مَالَه.
  والجَائِع الذي يَشْتَدُّ عليه سَخْفَةُ الجُوعِ فيُعَصِّبُ بطنَهُ بحَجَرٍ. ومنه قوله:
  ففي هذا فنَحْنُ لُيُوثُ حَرْبٍ ... وفي هَذَا غُيُوثُ مُعَصَّبِينا
  والمُعَصَّبُ: الرَّجُلُ الفَقيرُ. وعَصَبَهُم الجَهْدُ وهو من قولهم(٤): يوم عَصِيبٌ وانْعَصَبَ: اشْتَدَّ.
  وعُصَيْبٌ كزُبَيْر: ع بِبِلَادِ مُزَيْنَةَ.
  والحَسَنُ بْنُ عَبْدِ اللهِ العَصَّابُ كشَدَّادٍ: مُحَدِّثٌ عن شافع. وفاته مُحمّدُ بنُ إِسْحاقَ العَصَّابُ عن سَلَمَة بْنِ العَوَّام بْنِ حَوْشَب، وعنه الحَسنُ بنُ الحُسَيْن العَطَّار.
  * ومما يُسْتَدْرَكُ عليه: يقال للرَّجل إِذَا كان شَدِيدَ أَسْرِ الخَلْق غيرَ مُسْتَرْخِي اللَّحْمِ: إِنَّه لمَعْصُوبٌ ما حُفْضِج(٥). ورجل مَعْصُوبُ الخَلْق: شَدِيدُ اكْتِنَازِ اللَّحْم عُصِب عَصْباً. قال حَسَّان:
  دَعُوا التَّخَاجُؤَ وامْشُوا مِشْيَةً سُجُحاً ... إِنَّ الرجَالَ ذَوُو عَصْبٍ وتَذْكِيرِ
  وجارِيةٌ مَعْصُوبَةٌ: حَسَنَةُ العَصْب أَي الَّليِّ مجدولَةُ الخَلْق. ورجل مَعْصوب(٦): شَدِيدٌ. وعَصَّب الرجلَ تَعْصِيباً: دَعَاه مُعَصَّباً، عن ابْنِ الأَعْرَابِيّ، وأَنْشَدَ:
  يُدْعَى المُعَصَّبَ مَنْ قَلَّت حَلوبَتُه ... وهل يُعَصَّبُ مَاضي الهَمِّ مِقْدَامُ
  ويقال: عَصَب القَيْنُ صَدْعَ الزُّجَاجَةِ بِضَبَّة من فِضّة إِذا لأَمَهَا [محيطةً](٧) بِه. والضَّبَّةُ: عِصَابُ الصَّدْعِ، نقله
(١) في اللسان: قول قيس الرقيات.
(٢) في المقاييس: بين.
(٣) في التهذيب والمحكم والصحاح واللسان بفتح الصاد مثقلاً.
(٤) اللسان: من قوله.
(٥) بهامش المطبوعة المصرية: «قوله لمعصوب ما حفضج عبارة المجد في مادة ح ف ض ج وهو معضوب ما حفضج بالضم ما سمن ا هـ لكن معضوب بالضاد المعجمة فلعله يقال معضوب ومعصوب».
(٦) عن اللسان، وبالأصل «يعصوب».
(٧) زيادة عن اللسان.