تاج العروس من جواهر القاموس،

مرتضى الزبيدي (المتوفى: 1205 هـ)

فصل العين المهملة

صفحة 239 - الجزء 2

  وفي بَعْضِها على الفَتَاةِ، بالفَاءِ والفَوْقِيَّة، مُؤَنَّث الفَتَى، وفي أُخْرَى بالقَافِ والنُّون، وكلاهُما تَحْرِيف، وإِن صَحَّحَ بعضُّهم الثَّانية، على ما قاله شيخُنَا لا تُنْزَعُ عَنْهَا إِلَّا بِجَهْد.

  وفي بعض أُمَّهَاتِ اللغة بَعْدَ جَهْد، وأَنْشَد ابنُ الجَرَّاح:

  تَلبَّسَ حُبُّهَا بدَمِي ولَحْمِي ... تَلَبُّسَ عُصْبَةٍ؟ لفُرُوعٍ ضَالِ

  واعْتَصَبُوا: صَارُوا عُصْبَةً هكذا بالتَّكْرَار في نُسْخَتِنا، وعليها عَلَامة الصِّحَّة، والَّذِي في لسان العرب والمُحْكَم الاقْتِصارُ عَلى وَاحِد⁣(⁣١). قال أَبو ذُؤَيْب:

  هَبَطْن بَطْنَ رُهَاطٍ واعْتَصَبْنَ كَمَا ... يَسْقِي الجُذُوعَ خِلَالَ الدُّورِ نَضَّاحُ

  وعَصَب النَّاقةَ: شدَّ فَخِذَيْهَا لِتَدِرَّ أَي تُرْسِل الدَّرَّ وهو اللَّبَنُ ونَاقَةٌ عَصُوبٌ: لا تَدِرُّ إِلَّا كَذلِك وفي بَعْضِ الأُمَّهَات: إِلا عَلى ذلك، قال الشَّاعر:

  وإِن صَعُبَت عَلَيْكم فاعْصِبُوهَا ... عِصَاباً تُسْتَدَرُّ بِهِ شَدِيدَا

  وقال أَبو زيد: العَصُوبُ: الناقة الَّتي لا تَدِرّ حتى تُعْصَبَ أَدانِي مُنْخُرَيْهَا بخَيْط ثم تُثَوَّر ولا تُحَلُّ حتى تُحْلب. وفي حديث عمرو⁣(⁣٢) ومُعَاوِيَة: «أن العَصُوبَ يَرْفُقُ بها حَالِبُهَا فتَحْلُبُ العُلْبةَ» قال: العَصُوبُ: النَّاقَة التي لا تَدِرُّ حَتَّى يُعْصَب فَخِذَاها أَي تُشَدَّا⁣(⁣٣) بالعِصَابة. والعِصَابُ: ما عَصَبها بِهِ. وأَعْطَى على العصْبِ أَي على القَهْر مَثَلٌ بِذلِك. قال الحُطَيْئَةُ:

  تَدِرُّونَ إِنْ شُدَّ العِصَابُ عَلَيْكُمُ ... ونَأْبَى إِذَا شُدَّ العِصَابُ فلا نَدِرّ

  قال: شيخُنَا: وهِي من الصِّفَات المَذْمُومَة في النُّوق.

  وعَصِبُوا بِهِ كسَمِعَ وضَرَبَ: اجْتَمَعُوا حَوْله. قال سَاعِدَةُ:

  ولكِنْ رأَيْتُ القَوْمَ قد عَصَبُوا بِهِ ... فلا شَكَّ أَنْ قَدْ كَانَ ثَمَّ لَحِيمُ⁣(⁣٤)

  وفي الأَسَاس: عَصَبُوا بِهِ⁣(⁣٥): أَحَاطُوا. ووجَدْتُهُم عَاصِبِينَ بِهِ وقَدْ تَقَدَّم.

  والعَصُوبُ من النساءِ: المَرْأَةُ الرَّسْحَاءُ أَوِ⁣(⁣٦) الزَّلَّاءُ، وكلاهما عن كُرَاع. وقال أَبو عُبَيْدَة: العَصُوبُ: الرَّسْحَاءُ⁣(⁣٧) والمَسْحَاءُ والرَّصْعَاءُ والمَصْوَاءُ والمِزْلَاقُ والمِزْلَاجُ والمِنْدَاصُ.

  واعْصَوْصَبَتِ الأَبلُ: جَدَّت في السَّيْرِ كأَعْصَبَت، واعْصَوْصَبَ القومُ إِذَا اجتَمَعُوا، فإِذا تَجَمَّعُوا على فَرِيقٍ آخَرينَ قيل: تَعَصَّبُوا. واعْصَوْصَبُوا: استَجْمَعُوا وصَارُوا عِصَابَة وعَصَائِبَ، وكَذَلِك إِذَا جَدُّوا في السَّيْر واعْصَوْصَبَتِ الأَبِلُ وعَصبَت وعَصِبَت: اجْتَمَعَتْ. وفي الحَدِيث «أَنَّه كان في مَسِيرٍ فرَفَع صوتَه، فلما سَمعوا صَوْتَه اعْصوْصبُوا» أَي اجْتَمَعُوا وصَارُوا عِصَابَةً واحِدَةً وجَدُّوا في السَّيْر واعْصَوْصَبَ اليوم والشَّرُّ⁣(⁣٨): اشْتَدَّ وتجَمَّع، كأَنَّه من الأَمْرِ العَصِيبِ أي الشَّدِيد وفي التَّنْزِيلِ: {هذا} يَوْمٌ عَصِيبٌ⁣(⁣٩)، قال الفرَّاءُ يومٌ عَصَبْصَبٌ وعَصِيبٌ: شَديدٌ الحَرِّ أَو شَدِيدٌ. وليلةٌ عَصِيبٌ، كَذَلك، ولم يَقُولُوا عصيبة⁣(⁣١٠) قال كُرَاع: هُو مُشْتَقٌّ من قَوْلك: عَصَبْتُ الشيءَ إِذَا شَدَدْتَه، وليسَ ذَلِك بمَعْرُوف. أَنشد ثَعْلَب في صفة إِبلٍ سُقِيَت:

  يا رُبَّ يَوْم لَكَ مِنْ أَيَّامِهَا ... عَصَبْصَب الشَّمْس إِلَى ظَلامِها

  وقال الأَزْهَرِيّ: هو مأْخُوذٌ مِن قَوْلِك عَصَبَ القومَ أَمرٌ يَعْصِبُهُم عَصْباً إِذَا ضَمَّهُم واشْتَدَّ عَلَيْهِم. وقَال أَبُو العَلاء: يوم عَصَبْصَبٌ: بَارِدٌ ذو سَحَابٍ كَثِير، لا يَظْهَرُ فِيه مِن السَّمَاء شَيءٌ، كذا في لسان العرب.

  والعَصِيبُ من أَمْعَاءِ الشَّاءِ: ما لُوِي مِنْهَا: والعَصيبُ: الرِّئَةُ تُعَصَّبُ بالأَمْعَاءِ فتُشْوَى والجَمْعُ أَعْصِبَةٌ وعُصُبٌ. قال حُمَيْدُ بْنُ ثَوْر وقِيلَ هو للصِّمَّةِ بْنِ عَبْدِ اللهِ القُشَيْرِيّ:


(١) ومثله في القاموس عصبة دون تكرار.

(٢) أخرجه الهروي من حديث عمر.

(٣) بالأصل واللسان والنهاية، «يُشدَّان» والصواب ما أثبتناه.

(٤) لحيم عن اللسان، وبالأصل «لجيم».

(٥) في الأساس: عصب القوم بفلان: أحاطوا به.

(٦) في اللسان: الزلاء الرسحاء.

(٧) وفي اللسان: «العصوب والرسحاء ...».

(٨) كذا في القاموس واللسان، وفي النهاية ونسخة ثانية من القاموس: والسير.

(٩) سورة هود الآية ٧٧.

(١٠) اللسان: «عصبصبة».