تاج العروس من جواهر القاموس،

مرتضى الزبيدي (المتوفى: 1205 هـ)

فصل الميم مع اللام

صفحة 708 - الجزء 15

  والمِيلُ: مَنارٌ يُبْنَى للمُسافِرِ في أَنْشازِ الأَرضِ، ومنه الأَمْيالُ التي في طريقِ مكّةَ المُشرَّفة، وهي الأَعْلامُ المَبْنيَّةُ لهِدايَةِ المُسافِرِيْن.

  أَو المِيلُ: مَسافَةٌ من الأَرضِ مُتَراخِيَةٌ بلا حَدٍّ مُعَيَّنٍ.

  وفي شرْحِ الشفاءِ: الفرْسَخُ ثلاثَة أَمْيالٍ؛ ومِثْلُه في العُبَابِ.

  أَو المِيلُ: مائِةُ أَلْفِ إِصْبَعٍ إلَّا أَرْبعةَ آلافِ إِصْبَعٍ، أَو ثلاثةُ أَو أَربعةُ آلافِ ذِراعٍ، بذِراعِ محمد بن فرجٍ الشَّاسيّ، قالَهُ الكرْمَانيّ، بحَسَبِ اخْتلافِهِم في الفَرْسَخِ هل هو تِسْعَةُ آلافٍ بذِراعِ القُدَماءِ أَو اثْنا عَشَرَ أَلْفَ ذِراعٍ بذِراعِ المُحْدَثِينَ.

  وفي شرْحِ الشفاءِ: المِيْلُ أَرْبعةُ آلافِ ذِراعٍ طُولُها أَرْبعةُ وعشْرُون إصْبَعاً. وقيلَ: المِيلُ أَربعةُ آلافِ خطْوَةٍ، كلُّ خطْوَةٍ ثلاثةُ أَقْدامٍ، يُوضَعُ قَدَمٌ أَمامَ قَدَمٍ ويُلْصَقُ به.

  وقالَ شيْخُنا عنْدَ قَوْلِه: أَو ثلاثةُ أَو أَرْبعةُ: وقد يقالُ لا تَغَابُر بينَ التَّقْدِير بالأَذْرُع وبالأَصابِع على الثاني، لأَنَّ الذِّراعَ أَرْبعٌ وعشْرُون إصْبعاً، عَرضُ كلُّ إصْبع سِتّ حبَّات شَعِيرٍ مُلْصَقَة ظَهْراً لبَطْنٍ، فإذا ضُرِبَت في أَرْبعة آلافٍ حَصَلَ سِتَّةٌ وتِسْعون أَلْفاً، وعلى الأوّل يكونُ اثْنَيْن وسَبْعِين أَلْف إصْبَع، والصَّحيحُ أَنَّ المِيْلَ أَربعةُ آلافِ خطْوَةٍ، وهي ذِراعٌ ونِصْف، فيكونُ سِتَّة آلافِ ذِراعٍ، والفَرْسَخُ ثلاثةُ أَمْيَالٍ. على أَنَّ المصنِّفَ قالَ: والبَرِيدُ فَرْسَخان واثْنا عَشَرَ مِيلاً، فيكونُ الفَرْسَخُ سِتَّة أَمْيالٍ وهو بَيانٌ ما هنا، ومُقْتضاه أَنَّ الفَرْسَخَ سِتَّةٌ وثلاثُونَ أَلْفَ ذِراعٍ، فتأَمَّل.

  ج أَمْيالٌ ومُيولٌ، قالَ كُثَيِّرُ عزَّةَ:

  سيأْتي أَميرَ المؤْمِيِن ودونه

  صِمادٌ من الصَّوّانِ مَرْتٌ مُيولُها⁣(⁣١)

  وبِلا لامٍ: مِيلُ بنتُ مِشْرَحٍ الأشْعَريّ التَّابِعِيَّةُ.

  وأَمالَ الرَّجُلُ: رَعَى الخَلَّةَ، قالَ لَبيدٌ:

  وما يَدْرِي عُبَيدُ بَني أُفَيْشٍ

  أَيُوضِعُ بالحَمائِلِ أَو يُمِيلُ؟⁣(⁣٢)

  أَوْضع: حَوَّلَ إِبلَه إلى الحَمْضِ.

  واسْتَمالَ: اكْتالَ بالكفَّيْنِ أَو بالذِّراعَيْنِ؛ وفي المحيطِ: بالكَفَّيْن والذِّراعَيْنِ؛ وفي المُحْكَمِ: باليَدَيْن وبالذِّراعَيْنِ، قالَ الراجزُ:

  قالتْ له سَوْداءُ مثْل الغُول

  مالك لا تَغْدو فتَسْتمِيل؟(⁣٣)

  ومن المجازِ: اسْتَمالَ فلاناً، واسْتَمالَ بَلْبِه: اسْتَعْطَفَهُ وأَمالَهُ.

  والمائِلاتُ في الحدِيْثِ المَرْويِّ عن أَبي هُرَيْرَةَ، رَضِيَ اللهُ تعالَى عنه: صِنْفانِ مِن أَهْلِ النارِ لم أَرَهُما بعدُ، قومٌ معهم سِياطٌ كأَذْنابِ البَقَرِ يَضْرِبُون بها الناسَ، ونساءٌ كاسِياتٌ عارِياتٌ مائِلاتٌ مُمِيلاتٌ، رُؤُوسُهنَّ كأَسْنِمةِ البُخْتِ المائِلَةِ، لا يَدْخُلَن الجنَّة ولا يَجِدْن رِيحَها، وإنَّ رِيحَها لَتُوجدُ من مَسِيرَةِ كذا وكذا؛ وهنَّ اللَّاتي يَمِلْنَ خُيَلاءَ ويُصْبِينَ قلوبَ الرِّجالِ؛ وقيلَ؟؛ المائِلاتُ المُتَبَخْتِرات في المَشْيِ، والمُميِلاتُ أَي لأَكْتافِهِنَّ، وأَعْطافِهِنَّ وقيلَ: هنَّ اللَّاتي يُمِلْنَ قُلوبَنا إليهنَّ؛ أَو الملائِلاتُ يَمِلْنَ إلى الهَوَى والغَيِّ عن العفافِ؛ وقيلَ: مائِلاتُ الرُّؤُوس إلى الرجالِ؛ وقيلَ: مائِلاتُ الخِمْرَةِ كما قالَ الآخَرُ:

  مائِلةِ الخِمْرةِ والكلامِ⁣(⁣٤)

  أَو معْنَى المُمِيْلات: يُمِلْنَ المَقانِعَ لتَظْهَرَ وُجوهُهُنَّ وشُعورُهُنَّ.

  وقالَ ابنُ الأَثيرِ: المائِلاتُ الزَّائِغاتُ عن طاعةِ اللهِ وما يَلْزَمُهُنَّ حفْظَه، ومُمِيلاتٌ يُعَلِّمن غيرَهنَّ الدُّخولُ في مِثْل فِعْلِهنَّ.

  وقيلَ: مائِلاتٌ يَمْتَشِطْنَ المِشْطَة الميْلاء، والمُمِيلاتُ: يَمْشُطْن غيرَهنَّ تلك المِشْطة.

  ومن المجازِ: المِيلَةُ، بالكسرِ: الحينُ والزَّمانُ، ج مَيلٌ، كعِنَبٍ؛ يقالُ: كانَ ذلِكَ في مِيلَةٍ مِن مِيَلِ الدَّهرِ أَي في حين مِن أَحْيانِه، كما في العُبَابِ.


(١) اللسان.

(٢) اللسان ولم أجده في ديوانه.

(٣) اللسان.

(٤) اللسان والتكملة ونسبه لأبي النجم، وبعده فيها:

باللغو بين الحل والحرامِ