تاج العروس من جواهر القاموس،

مرتضى الزبيدي (المتوفى: 1205 هـ)

[هبل]:

صفحة 790 - الجزء 15

  قالَ ابنُ جنيِّ: هذا خارِجُ عن الحِكايَةِ أَي يقالُ له من دهائِهِ وَيْلُمِه، ثم لَحِقَتْه الهاءُ مُبالَغَةً كداهِيَةٍ. وفي الحَدِيْث: «وَيْلُمِّهِ مِسْعَر حَرْب»، قالَهُ لأبي بَصِير تَعَجُّباً مِن شَجاعَتِه وجُرْأَتِه وإقْدامِه.

  وقيلَ: وَيْ⁣(⁣١) كلمةُ عَذابٍ وكلمةُ تفجُّعٍ وتعجُّبٍ، وحُذِفَت الهَمْزَةُ مِن أُمِّه تَخْفِيفاً وأَلْقِيَتْ حَرَكَتُها على اللامِ، ويُنْصَبُ ما بعْدها على التَّمييزِ.

  وممَّا يُسْتدركُ عليه:

  الوَيْلُ يُجْمَعُ على الوَيْلاتِ، ومنه قَوْلُ امرئِ القَيْسِ:

  فَقَالَتْ لكَ الوَيْلاتُ إِنَّك مُرْجلي⁣(⁣٢)

  وقد يَردُ الوَيْلُ بمعْنَى التّعَجُّب، وإذا قالَتِ المرْأَةُ: يا وَيْلَها، قلْت: وَلْوَلَتْ لأنَّ ذلِكَ يَتَحَوَّلُ إلى حِكاياتِ الصَّوْت، قالَ رُؤْبَة:

  كأَنَّما عَوْلَتُه من التَّأَقْ

  عَوْلةُ ثَكْلَى وَلْوَلَتْ بعد المَأَقْ⁣(⁣٣)

فصل الهاء مع اللام

  [هبل]: هَبِلَتْهُ أُمُّه، كفَرِحَ، ثَكِلَتْهُ؛ هَبَلاً، محرَّكةً، قالَ:

  والناسُ من يَلْقَ خيراً قائلونَ لَهُ

  ما يشتهي ولأمّ المخطئ الهَبَلُ⁣(⁣٤)

  قالَ أَبو الهَيْثم: فَعِل إذا كان مُجاوِزاً⁣(⁣٥) فمَصْدرُه فَعْل إلَّا ثلاثَة أَحْرُف هَبِلَتْه أُمُّه هَبَلاً، وعَمِلْت الشيءَ عَمَلاً، وزَكِنْت الخَبَرَ زَكَناً. ولا يقالُ هُبِلْت عن ابنِ الأَعْرَابيِّ.

  وقالَ ثَعْلَب: القِياسُ هُبِلْت، بالضمِ لأنَّه إنَّما يُدْعَى⁣(⁣٦) عليه بأنْ تَهْبَلَه أُمُّه أَي تَثْكَله. والمُهَبَّلُ، كمُعَظَّمٍ: مَنْ يقالُ له ذلِكَ؛ وأَيْضاً: اللّحيمُ المُوَرَّمُ الوَجْهِ من انْتِفاخِه، قالَ أَبو كبيرٍ الهُذَليُّ:

  مِمَّن حَمَلْنَ به وهُنَّ عَواقِدٌ

  حُبُكَ النِّطاقِ فَشبَّ غير مُهَبَّل⁣(⁣٧)

  والمِهْبَلُ، كمِنْبَرٍ: الخَفِيفُ، عن خالِدٍ ورَوَى بَيْتَ تأبَّطَ شَرًّا:

  ولستُ بِراعي صِرْمةٍ كان عَبْدُها

  طويلَ العَصا مِئْناثةَ الصَّقْبِ مِهْبَلِ⁣(⁣٨)

  والمَهْبِلُ كمَنْزِلٍ: الرَّحِمُ أَو أَقْصَاها أَو مَسْلَكُ الذَّكَرِ منها⁣(⁣٩)؛ وقالَ أَبو زيادٍ: المَهْبِلُ حيث يَنْطُفُ فيه أَبو عُمَيْرٍ بأَرونِه؛ أَو فَمُها، أَو طَريقُ الوَلَدِ وهو ما بينَ الظَّبْية والرَّحِم، قالَ الكُمَيْت:

  إذا طَرَّق الأَمْرُ بالمُعْضِلا

  ت يَتْناً وضاقَ به المَهْبِل⁣(⁣١٠)

  أَو مَوْضِعُ الوَلَدِ منها، قالَ الهُذَليُّ:

  لاتَقِهِ المَوْتَ وقِيَّاتُه

  خُطَّ له ذلك في المَهْبَل⁣(⁣١١)

  أَو مَوْقِعُ الوَلَدِ من الأَرضِ، أَو هو البَهْوُ بَيْنَ الوَرِكَيْن حيث يَجْثُمُ الوَلدُ.

  وقالَ بعضُهم: المَهْبِل ما بينَ الغَلَفَيْن أَحدُهما فَمُ الرَّحِم، ولآخَرُ: مَوْضِعُ العُذْرةِ.

  والمَهْبِلُ: الاسْتُ؛ وقيلَ: ما بينَ الخصْيَةِ والاسْتِ.

  والمَهْبِلُ: الهُوِيُّ من رأْسِ الجبلِ إلى الشِّعْبِ.

  وقيلَ: الهُوَّة الذاهِبَةُ في الأرْضِ؛ وبه فسِّرَ حَدِيْث


(١) بهامش المطبوعة المصرية: «قوله: وقيل: وي الخ عبارة اللسان: وقبل وي كلمة مفردة ولأمه مفردة وهي كلمة تفجع الخ».

(٢) من معلقته، ديوانه ط بيروت ص ٣٤ وصدره:

ويوم دخلت الخدر خدر عُنيزةٍ

(٣) اللسان والتهذيب.

(٤) البيت للقطاعي، ديوانه ص ٢، والمقاييس ٦/ ٣٠.

(٥) كاللسان، وفي التهذيب: متعدياً.

(٦) اللسان: يدعو عليه.

(٧) ديوان الهذليين ٢/ ٩٢ برواية:

حبك الثياب فشبّ غير مثقّلِ

ويروي حبك النطاق، وبهامشه: في رواية: «غَير مهبل» والمثبت كرواية اللسان وعجزه في الصحاح والأساس والبيت في المقاييس ٦/ ٣١.

(٨) اللسان.

(٩) على هامش القاموس عن إحدى نسخه: «فيها».

(١٠) اللسان والصحاح.

(١١) البيت في ديوان الهذليين ٢/ ١٤ في شعر المنخل الهذلي، برواية: في المحبل. وفسره بالموت، والمثبت كرواية اللسان والتهذيب.