[ثمم]:
  وثَمَّ الطَّعامَ وقَمَّهُ: أَكَلَ جَيِّدَهُ ورَديئَه.
  وفي الصِّحاحِ: هو يَثُمُّه ويَقمُّه أَي يَكْنُسُه ويَجْمَعُ الجَيِّدَ والرَّديءَ.
  ورجُلٌ مِثَمُّ ومِقَمُّ ومِثَمَّةٌ ومِقَمَّةٌ بكسْرهنَّ إذا كانَ كَذلِكَ.
  قالَ الجوْهَرِيُّ: الهاءُ للمُبالَغَةِ.
  وانْثَمَّ عليه، أَي انْثَالَ وانْصَبَّ، وكَذلِكَ انْثَلَّ وانْثَلَمَ.
  وانْثَمَّ جِسْمُه إذا ذابَ مِثْلُ انْهَمَّ، عن ابنِ السِّكِّيت.
  وقالَ غيرُه: انْثَمَّ الشيخُ انْثِماماً: وَلَّى وكَبِرَ وهَرِمَ.
  ويقالُ: مالَهُ ثُمُّ ولا رُمُّ بضمِّهِما، وكذا: ما يَمْلِكُ ثُمّاً ولا رُمّاً.
  قالَ ابنُ السِّكِّيت: فالثُّمُّ قُماشُ الناسِ أَساقِيَهم وآنِيَتُهم، وقد سَقَطَ لَفْطُ الناسِ في بعضِ نسخِ الصِّحاحِ(١)، ومِثْلُه في خطَّ أَبي سَهْلٍ، وإيَّاه تَبِعَ المصنِّفُ، والصَّوابُ إثْباته.
  قالَ: والرُّمُّ مَرَمَّةُ البيتِ ورُوِي عن عُرْوة بنِ الزُّبَيْر أَنَّه ذَكَرَ أُحَيْحة بن الجُلاحِ وقَوْل أَخْوالِه فيه: كنَّا أَهْلَ ثُمِّهِ ورُمِّهِ حتى اسْتَوى على عُمَمِه وعَمَمِه.
  قالَ أَبو عُبَيْدٍ: المُحدِّثونَ هكذا يَرْوُونه بالضمِ، ووَجْهُه عنْدِي بالفتحِ، وهو والرَّمُّ بمعْنى الإصْلاحِ.
  وقالَ الأَزْهرِيُّ: الثُّمُّ والرُّمُّ صَحيحٌ مِن كلَامِ العَرَبِ.
  وقالَ أَبو عَمْرو: الثُّمُّ الرُّمُّ.
  وثُمُّ، بالضمِ.
  قالَ شيْخُنا: ولعلَّه ترك ضَبْطه اعْتِماداً على الشُّهْرةِ: قلْتُ بلِ اعْتِماداً على ضَبْطِه السابقِ كما هو اصْطِلاحه.
  حَرْفٌ يَقْتَضي ثلاثَةَ أُمورٍ: أَحدُها: التَّشْريك في الحُكْمِ أَو قد يَتَخَلَّفُ عنه بأَنْ تَقَعَ زائدةً كما في قوْلِهِ ø: أَنْ لا مَلْجَأَ مِنَ اللهِ إِلّا إِلَيْهِ ثُمَّ تابَ عَلَيْهِمْ(٢).
  الثاني: التَّرتيبُ أَو لا تَقْتَضيهِ. كقوْلِهِ ø: وَبَدَأَ خَلْقَ الْإِنْسانِ مِنْ طِينٍ ثُمَّ جَعَلَ نَسْلَهُ(٣) الآيَة. وقالَ اللّيْثُ: ثُمَّ حَرْفٌ مِن حُروفِ النَّسَق لا يُشَرِّك ما بعدَها بمَا قَبْلها إلَّا أَنَّها تبيِّنُ الآخَرَ مِن الأَوَّل، وأَمَّا قوْلُه تعالَى: {خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ واحِدَةٍ ثُمَّ جَعَلَ مِنْها زَوْجَها}(٤)، والزَّوْج مَخْلوقٌ قَبْل الوَلَدِ، فالمعْنَى أَنْ يُجْعَل خلْقُه الزَّوْجَ مَرْدوداً على واحِدةٍ، المعْنى خَلَقَها واحِدَةً ثم جعَلَ منها زَوْجَها، ونحو ذلِكَ قالَ الزَّجَّاجُ: المعْنَى {خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ} خَلَقها {واحِدَةٍ ثُمَّ جَعَلَ مِنْها زَوْجَها}، أَي خَلَقَ منها زَوْجَها قَبْلَكم، قالَ، وثُمَّ لا تكونُ في العُطوفِ، إلَّا لشيءٍ بعْدَ شيءٍ.
  والثالِثُ: المُهْمَلةُ والتَّراخِي، أَو قد تَتَخَلَّفُ كقوْلِكَ أَعْجَبَنِي ما صَنَعْتَ اليومَ ثُمَّ ما صَنَعْتَ أَمْسِ أَعْجَبُ لأَنَّ ثُمَّ هنا فيه لتَرْتيبِ الإِخبارِ، ولا تَراخِيَ بين الإِخْبارَينِ، وهذه العِبارَةُ مَأْخوذَةٌ مِن كَلامِ شيخِه ابنِ هِشامٍ في المُغْني، وقد اسْتَوْعَب هو تَفْصيل هذا المقام كغيرِه، ليسَ هذا مَحَل الإلْمام به خِشْيَة الإطَالَةِ.
  وقالَ الجوْهَرِيُّ: ثُمَّ حَرْفُ عطْفٍ يدلُّ على التَّرْتيبِ والتَّراخِي، ورُبَّما أَدْخَلُوا عليها التاءَ، كما قالَ:
  ولقد أَمُرُّ على اللَّئِيم يَسُبُّني ... فمضَيْت ثُمَّتَ قلت: لا يَعْنِيني(٥)
  ويقالُ: أَيْضاً ثُمَّتْ بسكونِ التاءِ والفاءُ في كلِّ ذلِكَ بدلٌ مِن الثاءِ لكثْرَةِ الاسْتِعْمالِ.
  وثَمَّ بالفتحِ، اسمٌ يُشارُ به بمعْنَى هناكَ للمَكانِ البَعيدِ، بمنْزِلَةِ هنا للقَرِيبِ، وهو ظَرْفٌ لا يَتَصَرَّفُ، قالَ اللهُ، ø: {وَإِذا رَأَيْتَ ثَمَّ رَأَيْتَ نَعِيماً}(٦).
  قالَ الزَّجَّاجُ: ثَمَّ يعْنِي به الجَنَّة.
  فقولُ مَنْ أَعْرَبَه مَفْعولاً لرأَيتَ في قوْلِهِ تعالَى: {وَإِذا رَأَيْتَ ثَمَّ} وَهَمٌ قالَ الزَّجاجُ: والعامِلُ في ثَمَّ معْنَى {رَأَيْتَ}، المعْنَى وإذا رَمَيْت ببصَرِكَ ثَمَّ.
  وقالَ الفرَّاءُ: المعْنَى إذا رأَيْت ما ثَمَّ رأَيْت نَعِيماً.
  وقالَ الزَّجاجُ: هذا غَلَطٌ لأنَّ ما مَوْصولةٌ بقَوْلِه ثَمَّ على
(١) في الصحاح المطبوع: قماش أَساقيهم وآنيتهم.
(٢) التوبة الآية ١١٨.
(٣) السجدة ٨.
(٤) الزمر الآية ٦.
(٥) اللسان والصحاح.
(٦) الإنسان الآية ٢٠.