تاج العروس من جواهر القاموس،

مرتضى الزبيدي (المتوفى: 1205 هـ)

[جذم]:

صفحة 98 - الجزء 16

  والجِذْمَةُ مِن السَّوْطِ: ما تَقَطَّعَ طَرَفُه الدَّقيقُ وبَقِيَ أَصْلُه، والجَمْعُ جِذَمٌ، قالَ ساعدَةُ بنُ جُؤَيَّة:

  يُوشُونَهُنَّ إذا ماء آنَسوا فَزَعاً ... تحت السَّنَوَّر بالأَعْقابِ والجِذَمِ⁣(⁣١)

  والجَذَمَةُ، بالتَّحريكِ: الشَّحْمُ الأَعْلَى في النَّخْلِ وهو أَجْوَدُه كالجَذَبَةِ بالباءِ.

  ورجُلٌ مِجْذامٌ ومِجْذامَةٌ، بكَسْرِهِما: قاطِعٌ للأُمورِ فَيْصَلٌ.

  وقالَ اللّحْيانيُّ: رجُلٌ مِجْذامَةٌ للحَرْبِ والسَّير والهَوَى: أَي يَقْطَعُ هَواهُ ويَدَعُه.

  وفي الصِّحاحِ: رجُلٌ مِجْذامَةٌ أَي سَريعُ القَطْعِ للمَوَدَّةِ.

  وفي الأساسِ: رجُلٌ مِجْذامٌ ومِجْذامَةٌ للذي يُوَادُّ فإذا أَحَسَّ ما سَاءَهُ أَسْرَع الصَّرْمَ، وأَنْشَدَ ابنُ بَرِّي:

  وإِنَّي ليَاقِي الوُدِّ مِجْذامةُ الهَوَى ... إذا الإلْف أَبْدَى صَفْحه غَيْر طَائِل⁣(⁣٢)

  والأَجْذَمُ: المَقْطوعُ اليَدِ أَو الذَّاهِبُ الأَنامِلِ. وفي الحَدِيْث: «مَن تَعَلَّم القرآنَ ثم نَسِيه لَقِيَ اللهَ يومَ القِيامَةِ وهو أَجْذَم».

  قالَ أَبو عُبَيْدٍ: هو المَقْطوعُ اليَدِ.

  يقالُ: جَذِمَتْ يَدُه، كفَرِحَ، جَذَماً إذا انْقَطَعَتْ فذَهَبَتْ، وإن قَطَعْتها أَنْت قلْت: جَذَمْتُها أَنا أَجْذِمُها جَذْماً، قالَ: وفي حَدِيْث عليٍّ: «مَن نَكَثَ بَيْعَتَه لَقِي اللهَ وهو أَجْذَم لَيْسَتْ له يَدٌ»، هذا تفْسِيرُه، وقالَ المُتَلَمِّسُ:

  وهل كنتُ إِلَّا مِثْلَ قاطِعِ كَفِّه ... بِكَفِّ له أُخْرى فأَصْبَحَ أَجْذَما؟⁣(⁣٣)

  وأَجْذَمْتُها إجْذاماً مِثْل جَذَمْتها. يقالُ: ما الذي أَجْذَمَه حتى جَذِمَ.

  وقالَ القتيبيُّ: معْنَى الحَدِيْث: أَنَّ المُرادَ بالأَجْذَم الذي ذَهَبَتْ أَعْضاؤُه كُلُّها، قالَ: وليْسَتْ يَدُ الناسِي للقرآنِ أَوْلى بالجَذْمِ مِن سائِرِ أَعْضائِهِ.

  قالَ الأزْهَرِيُّ: وهو قَوْلٌ قَرِيبٌ مِن الصَّوابِ.

  قالَ ابنُ الأَثيرِ: وردّه ابنُ الأنْبارِي وقالَ: بل معْنَى الحَدِيث لَقِيَ اللهَ وهو أَجْذَمُ الحُجَّةِ لا لِسانَ له يتَكَلَّمُ به ولا حُجَّة له في يَدِه. وقَوْلُ عليٍّ: ليْسَتْ له يَدٌ أَي لا حُجَّة له، وقيلَ: معْناه أَي لَقِيَه وهو مُنْقَطِعُ السَّبَبِ.

  وقالَ الخطابيُّ: معْنَى الحَدِيْث ما ذَهَبَ إليه ابنُ الأعْرَابيِّ وهو أنَّ مَن نَسِي القرآنَ لَقِي اللهَ تعالَى خالِيَ اليَدِ مِن الخَيْر، صِفْرَها مِن الثوابِ، فكَنَى باليَدِ عمَّا تَحْوِيه وتَشْتَمِل عليه مِن الخَيْر.

  والجَذْمَةُ، بالفتحِ ويُحَرَّكُ: مَوْضِعُ القَطْعِ منها وله نَظَائِرٌ تَقَدَّمَ ذِكْرُها.

  والجُذْمَةُ، بالضَّمِ: اسمٌ للنَقْصِ من الأَجْذَمِ، كذا في النسخِ. وفي اللِّسانِ: مِن الأجْذامِ، هكذا قالَهُ ابنُ الأعْرَابيِّ وفسَّرَ به قَوْل لَبيدٍ:

  صائب الجِذْمَةِ من غَيْر فَشَلْ⁣(⁣٤)

  وجَعَلَه الأَصْمَعِيُّ بقيَّة السَّوْط وأَصْلَه، أَي فتكونُ رِوَايَته بكَسْرِ الجيمِ كما مَرَّ.

  وأَجْذَمَ السَّيْرَ: أَسْرَعَ فيه.

  وقالَ اللَّيْثُ: الإِجْذَامُ السُّرْعَةُ في السَّيْرِ.

  وقالَ اللَّحْيانيُّ: يقالُ أَجْذَمَ الفَرَسُ، ونَحْوُه ممَّا يَعْدُو، اشْتَدَّ عَدْوُهُ.

  وأَجْذَمَ البَعيرُ في سَيْرِه: أَسْرَعَ.

  وأَجْذَمَ عن الشَّيءِ: أَقْلَعَ عنه، قالَ الربيعُ بنُ زِيادٍ:

  وحَرَّقَ قَيْسٌ عَليَّ البِلا ... دَ حتى إذا اضْطَرَمَتْ أَجْذَما⁣(⁣٥)

  وأَجْذَمَ عليه: عَزَمَ.


(١) ديوان الهذليين ١/ ٢٠٣ وفيه: ... «إذا ما نابهم فزعٌ» واللسان والأساس. وفيها: ... «إذا ما حثهم ...» والأصل كاللسان والصحاح.

(٢) اللسان

(٣) ديوانه ص ١٦٩ واللسان والأساس والتهذيب.

(٤) ديوانه ط بيروت ص ١٤٤ وفيه: «في غير فشل» وصدره:

يغرق الثعلب في شرته

وعجزه في اللسان والتهذيب.

(٥) اللسان والصحاح.