تاج العروس من جواهر القاموس،

مرتضى الزبيدي (المتوفى: 1205 هـ)

فصل الحاء المهملة مع الميم

صفحة 138 - الجزء 16

  أَنَّها مِن سَنَتَيْن؟ قالَ: والأوْلى الاخْتِيارُ ما قالَهُ أَهْلُ المَدينَةِ لأَنَّ الأَخْبارَ قد تَظَاهَرتْ عن رَسُول الله ، كما قالوا مِن رِوايَةِ ابن عُمَرَ وأَبي هُرَيْرَةَ وأَبي بكْرَةَ، ¤.

  قالَ: وهذا أَيْضاً قولُ أَكْثَر أَهْل التَّأْوِيل قالَ النَّحاسُ: وأُدْخِلَتِ الألِفُ واللامُ في المُحَرَّمِ دُوْن غيرِهِ مِن الشُّهورِ.

  والحُرْمُ، بالضمِّ، الإِحْرامُ، ومنه حَدِيْث عائِشَةَ، رَضِيَ اللهُ تعالَى عنها: «كنتُ أُطَيِّبُه ، لحِلِّهِ ولحُرْمِه»، أَي عنْدَ إحْرامِه.

  وقالَ الأَزْهرِيُّ: معْناهُ أَنَّها كانتْ تُطَيِّبُه إذا اغْتَسَلَ وأَرادَ الإِحْرامَ والإِهْلالَ بما يكونُ به مُحْرِماً مِن حَجٍّ أَو عُمْرةٍ، وكانت تُطَيِّبُه إذا حَلَّ مِن إِحْرامِه.

  والحُرْمَةُ، بالضمِ وبضَمَّتَيْن وكهُمَزَةٍ: ما لا يَحِلُّ انْتِهاكُهُ، وأَنْشَدَ ابنُ الأَعْرَابيِّ لأُحَيْحَة:

  قَسَماً ما غيرَ ذي كَذِبٍ ... أَن نُبيحَ الخِدْن والحُرَمَه⁣(⁣١)

  قالَ ابنُ سِيْدَه: إِنِّي أَحْسب الحُرَمَةَ لغَةٌ في الحُرْمَةِ، وأَحْسن مِن ذلِكَ أَنْ يقولَ والحُرُمَة، بضمِ الرَّاءِ، فيكونُ مِن بابِ ظُلْمَة وظُلُمَةٍ، أَو يكونُ أَتْبَع الضَّمّ للضَّرُورَةِ.

  والحُرْمَةُ أَيْضاً: الذِّمَّةُ، ومنه أَحْرَمَ الرجُلُ فهو مُحْرِمٌ إذا كانت له ذِمَّةٌ.

  وقالَ الأَزْهَرِيُّ: الحُرْمَةُ المَهابَةُ، قالَ: وإذا كانَ للإنْسانِ رَحِمٌ وكنا نَسْتحِي منه قلْنا له حُرْمَةٌ، قالَ: وللمُسْلمِ على المُسْلمِ حُرْمَةٌ ومَهابَةٌ.

  والحُرْمَةُ: النَّصِيبُ وقوْلُه تعالَى: {ذلِكَ} وَمَنْ يُعَظِّمْ حُرُماتِ اللهِ⁣(⁣٢).

  قالَ الزَّجَّاجُ: أَي ما وجَبَ القِيامُ به وحَرُمَ التَّفريطُ فيه.

  وقالَ مجاهِدُ: الحُرُماتُ مكَّةُ والحَجُّ والعُمْرَةُ وما نَهَى اللهُ مِن مَعاصِيه كُلِّها.

  وقالَ غيرُه: الحُرُماتُ جَمْعُ حُرْمَةٍ كظُلْمةٍ وظُلُماتٍ، وهي حُرْمَةُ الحَرَمِ، وحُرْمَةُ الإحْرامِ، وحُرْمَةُ الشَّهْرِ الحَرامِ. وقالَ عطاءُ: حُرُماتُ اللهِ مَعاصِي اللهِ.

  وحُرَمُكَ، بضمِّ الحاءِ، ظاهِرُ سِياقِه يَقْتَضِي أَنْ يكونَ بسكونِ الثاني، وليسَ كذلِكَ بل هو كزُفَرَ، نِساؤُكَ وعِيالُكَ وما تَحْمِي، وهي المَحارِمُ، الواحِدَةُ مَحْرُمَةٌ كمَكْرُمَةٍ، وتُفْتَحُ⁣(⁣٣) رَاؤُه، ومنه إِطلاقُ العامَّةِ: الحُرْمَةُ، بالضمِّ، على المرْأَةِ كأَنَّه واحِدُ حرم.

  ورَحِمٌ مَحْرَمٌ، كمَقْعَدٍ، أَي مُحَرَّمٌ تَزَوُّجُها، قالَ:

  وجارةُ البَيْتِ أَرَاها مَحْرَمَا ... كما بَرَاها اللهُ إلَّا أَنَّما

  مكارِهُ السَّعْيِ لمن تَكَرَّمَا⁣(⁣٤)

  وفي الحَدِيْث: «لا تُسافِرُ امْرَأَةٌ إلَّا مع ذي مَحْرَمٍ منها»، أَي مَن لا يحلُّ له نِكاحُها مِن الأَقارِبِ كالأَبِ والابنِ والعَمِّ ومَن يَجْري مجْرَاهُم.

  وتَحَرَّمَ منه بِحُرْمَةٍ إذا تَمَنَّعَ وتَحَمَّى بذِمَّةٍ أَو صَحْبَةٍ أَو حقٍّ.

  والمُحْرِمُ، كمُحْسِنٍ: المُسالِمُ، عن ابنِ الأَعْرَابيِّ في قوْلِ خِداشِ بنِ زُهَيْر:

  إذا ما أَصابَ الغَيْثُ لم يَرْعَ غَيْثَهمْ ... من الناس إِلَّا مُحْرِمٌ أَو مُكافِلُ⁣(⁣٥)

  والمُحْرِمُ أَيْضاً: مَن في حَريمِك. وقد أَحْرَمَ إذا دَخَلَ في حُرْمَةٍ وذِمَّةٍ. وهو مُحْرِمٌ بنا أَي في حَرِيمِنا.

  وقوْلُه تعالَى: {وحِرْمٌ على قَرْيَةٍ أَهْلَكْناها أَنَّهم لا يَرْجَعُون}⁣(⁣٦)، بالكسْرِ، أَي واجِبٌ عليها إذا هَلَكَتْ أَنْ لا تَرْجَع إلى دُنْياها، رُوِي ذلِكَ عن ابنِ عَبَّاس، وهو قوْلُ الكِسائيّ والفرَّاءِ والزَّجَّاجِ وقَرَأَ أَهْلُ المَدينَةِ: {وَحَرامٌ}. قالَ الفرَّاءُ: {وَحَرامٌ} أَفْشى في القِراءَةِ.

  قالَ ابنُ بَرِّي: إِنَّما تَأَوَّلَ الكِسائيُّ {وَحَرامٌ} في الآيَةِ بمعْنَى


(١) اللسان. وبهامشه عن المحكم: «أن نبيح الحصن».

(٢) الحج الآية ٣٠.

(٣) في القاموس: ويُفْتَحُ.

(٤) اللسان والتهذيب.

(٥) اللسان والتهذيب.

(٦) الأنبياء الآية ٩٥ وفي المصحف: {وَحَرامٌ} والذي بالأصل هي قراءة حمزة والكسائي وأَبي بكر.